شهدت السنوات التي تلت الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، انتشاراً واسعاً لظاهرة العشوائيات في العاصمة بغداد وبقية المحافظات، بشكل أصبح يهدد التخطيط العمراني للمدن، وفي الوقت الذي تقرّ فيه وزارة التخطيط بوجود أكثر من 3 ملايين عراقي يسكنون المناطق العشوائية، يُحمّل برلمانيون الحكومات المتتالية مسؤولية تفاقم هذه الظاهرة، بسبب عدم الاهتمام بتوفير الوحدات السكنية.
المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، أكد وجود 3700 من المناطق العشوائية في 13 محافظة، موضحا أن بغداد تأتي في الصدارة بنحو 1000 منطقة عشوائية، تليها البصرة (جنوبا)، ثم كركوك (شمال العراق).
وأشار في تصريح صحافي، إلى وجود 522 ألف مسكن في المناطق العشوائية يسكنها أكثر من 3 ملايين عراقي، مؤكدا أن 88 في المائة من هذه المناطق تعود ملكيتها للدولة، في حين أن 12 بالمائة للقطاع الخاص.
من جهتهم، ألقى برلمانيون باللائمة على الحكومات العراقية ومؤسساتها، بسبب تفاقم أزمة العشوائيات.
وحمّل عضو مجلس النواب، برهان المعموري، الحكومات المتتالية منذ عام 2003 مسؤولية التقصير في عدم توفير وحدات سكنية للمواطنين، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن العشوائيات تعد قضية عامة، وبعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 ظهر معظمها، لا سيما في بغداد، ومحافظات أخرى.
وبيّن أن الكثير من المواطنين لا يمتلكون السكن، وهناك أراض كانت تابعة للدولة بعد الاحتلال تم بناؤها من قبل المواطنين الذين لا يمتلكون قطعة أرض.
وأضاف "لو كانت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 قادرة على العمل بجدية لبناء وحدات سكنية، وتوزيع أراض على العراقيين لما وصلنا إلى هذه المرحلة"، موضحا أن عددا كبيرا من الفقراء والبسطاء يسكنون في المناطق العشوائية.
وأشار إلى امتلاك الحكومة مشروعاً من أجل تطوير الخدمات والإعمار، مبينا أنّ الفصل التشريعي الثاني سيشهد مناقشة هذا المشروع في لجنة الخدمات البرلمانية بهدف إنضاجه، وإضافة وحذف بعض الفقرات التي تتضمن معالجات لأزمة العشوائيات، مشددا على ضرورة وجود حلول لعدد كبير من العشوائيات.
وفي السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف الفتح، أنّ العشوائيات ليست ظاهرة جديدة ولا وليدة اليوم، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن هذه القضية تفاقمت بسبب السياسات الخاطئة، وعدم وجود تخطيط حقيقي لبناء المدن قادر على استيعاب الزيادات السكانية.
وأشار إلى أن عدد سكان العراق تضاعف منذ نحو 15 عاما دون وجود خطة لبناء مدن جديدة، أو توزيع أراض يمكن أن يستفيد منها المواطنون، مضيفا "ما يحدث الآن هو أن لدينا في كل محافظة عددا كبيرا من الأحياء العشوائية، فمثلاً في مدينة كربلاء (جنوبا)، توجد عشرات الأحياء العشوائية داخل مركزها".
ولفت إلى قيام البعض بالتطاول على أراضي الدولة في معظم المحافظات العراقية، موضحا أن الحكومة الحالية وضعت خطه متكاملة وقابلة للتطبيق، وهذا يعتمد على مدى تعاون الحكومات المحلية مع الخطة وبمساعدة السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان.
وتابع "من خلال استضافتنا للسيد وزير الإعمار والإسكان تم الحديث عن خطة مشتركة تتضمن تحويل قطع أرضٍ من ملكيات زراعية إلى سكنية على أن يكون هناك إعداد جيد ومفصل، وأن تعطى لذوي الدخل المحدود قطع مجانية مساحتها 150 مترا مربعا، ويمنح الموظفون من هم تحت غطاء الدولة 250 مترا بسعر 75 ألف دينار للمتر الواحد".
وبيّن أنه في حال نفذت هذه الخطة فمن شأنها أن تخفف من حدة أزمة العشوائيات، مؤكدا أن امتلاك المواطن لقطعة أرض يمكنه من الحصول على قرض من أجل بنائها، وهذا الأمر يساهم في حل أزمة السكن في العراق.
ويعقد سكان العشوائيات آمالا على بعض النواب الذين وعدوا خلال حملاتهم الانتخابية بتمليك هذه المناطق لشاغليها، من بينهم النائب كاظم الصيادي، الذي أكد في وقت سابق أنه قدم مشروع قانون للبرلمان يدعو إلى بيع وتأجير الوحدات السكنية في العشوائيات لشاغليها.
وتسعى وزارة التخطيط العراقية للحصول على دعم دولي يساهم في التخفيف من حدة أزمة السكن في العشوائيات.
وبحث وزير التخطيط نوري الدليمي، مطلع العام الحالي، مع مديرة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في العراق يوكو أوتسوكي، جهود معالجة السكن العشوائي من خلال تنسيق الجهود المحلية والدولية.