"معجم الدوحة التاريخي"... أول منجز من نوعه اعتمد بناؤه على الحاسوب

13 فبراير 2019
سيمنار معجم الدوحة التاريخي (العربي الجديد)
+ الخط -
شرح الخبير اللغوي عضو الهيئة التنفيذية لمعجم الدوحة التاريخي، محمد الخطيب، اليوم الأربعاء، ضمن السيمنار الأسبوعي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تفاصيل بناء المعجم، والأسباب التي استوجبت إعداده، وأثره على اللغة العربية في المستقبل.

وأشار الخطيب إلى أنّ "معجم الدوحة التاريخي كان ثمرة عمل ثلّةٍ من المعجميين من علماء اللغة العربية الذين تسلموا مسؤولية بناءِ معجمٍ يتحرّى انتقاء الألفاظ وفق الضوابط التي نُصّ عليها في الدليل المعياري، والذي يمثل إلهاما للعلماء والمؤسسات العلمية في تجاربهم وإنجازاتهم العامة والخاصة".

وأكد دور الحاسوب في تسهيل عمل مئات المشاركين في المعجم، "هذا المعجم هو الأول في التاريخ؛ إذ اعتمد في بنائه على الحاسوب من نواته الأولى وحتى اليوم، وهو مُنجز فريد في إصداره وشواهده ومعانيه وتأريخه لكل لفظ".


وأبرز صعوبات كانت تمثل مُعضلات للنص العربي، وما فيه من الامتداد وتعدد المصادر، مشيرا إلى أنّ "المصادر غير المخدومة تمثّل 90 في المائة من تراث الأمة الذي لم يُحقّق، فيما تحتوي المصادر التي حُقّقت العديد من الأخطاء؛ أو فيها إغفال متعمّد لما هو مُشكل، فضلا عن معضلة التصحيف والتحريف بسبب طبيعة اللغة الاشتقاقية، وتشابه رسم حروفها، وانزياح معاني الألفاظ، وانتقال المعنى من الحقيقة إلى المجاز".

وحظي مشروع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية برعاية من أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أطلق البوابة الإلكترونية للمعجم في 10 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بحضور نخبة من الأكاديميين وعلماء اللغة العربية، باعتباره يجسد مشروع أمة، وحلما ينتظره آلاف المتخصصين في اللغة.

وردّ الخبير اللغوي على من عابَ تعدّد المستويات في بناء المعجم في مرحلته الأولى، أنّ "الغرض من ذلك كان تحصين اللفظ والمعجم كي لا يفرّ منه شيء، أو يدخل إلى المعجم ما هو ليس فيه، وسبب الفترة الزمنية التي احتاجها المعجم هو هذا البحث والتنقيب؛ على اعتبار أنّ البحث عن كلمة لم تُشرَح يأخذ زمنا يلزم بعده معرفة المعنى، ممّا قد يضطرّ الباحث للتخلّي عن الجذاذة لأنّ المعنى مسبوق؛ ولذا لم يكن للقائمين على المعجم أن ينقلوا كلمة دون فقه معناها بدقة".

وأوضح أنه "لا يوجد في العالم تخصص بناء المعاجم التاريخية، ولا يوجد عالم دُرّب على التقاط الألفاظ ومعانيها؛ لأنّ ذلك يحتاج إلى عالم موسوعي ملم بعلوم اللغة وغيرها من العلوم الشرعية، وحتّى العلوم الطبيعية، وألفاظها التراثية".

وعدد الخطيب الضوابط التي وُضعَت في منهج صارم يعتمد على المدونة التي حاولت قدر استطاعتها لملمة شتات تلك النصوص وترميزها ووضعها في سياقات مؤرخة بتواريخ وَفيات أصحابها، وعرض آلية صياغة الجذاذة والمراحل التي تمرّ عبرها الكلمة.

وينفرد المعجم برصد ألفاظ اللغة العربية منذ بدايات استعمالها في النقوش والنصوص، وما طرأ عليها من تغيرات في مبانيها ومعانيها داخل سياقاتها النصية، متتبعا الخط الزمني لهذا التطور.
وبالنظر إلى تاريخ اللغة العربية الطويل وحجم نصوصها، يجري إنجاز المعجم على مراحل، الأولى تتضمن زهاء 100 ألف مدخل معجمي، يقدم عبرها عدة أنواع من الخدمات اللغوية والنصية والإحصائية.


وشارك في بناء المعجم قرابة 300 من أساتذة الجامعات والخبراء والعلماء في عدد من الدول العربية، من الأردن والإمارات وتونس والجزائر والسعودية وسورية والعراق وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن.

وتقوم الخطة العامة لإنجاز المعجم على تقسيم تاريخ اللغة العربية تقسيما إجرائيا إلى خمس مراحل، تمتد منذ أقدم نص عربي موثق إلى نصوص عصرنا الراهن، إذ تقف المرحلة الأولى عند العام 200 للهجرة، أما المرحلة الثانية فتقف عند العام 500 للهجرة، فيما تقف الثالثة عند العام 800 للهجرة، وهكذا.

ويرتبط بكل مرحلة بناء مدونتها اللغوية على أساس بيبلوغرافيا المرحلة، وفهرسة ألفاظها بصورة تكون فيها مجموعة من حزم اشتقاقية، ومربوطة بسياقاتها، ومرتبة ترتيبا تاريخيا من الأقدم إلى الأحدث، ثم تخضع للمعالجة المعجمية، فالمراجعة، فالتحرير، فالنشر بعد الاعتماد.
وتعمل بموازاة ذلك لجان وظيفية، كلجنة إعداد البيبلوغرافيا وتحديد أفضل طبعات المصادر، ولجنة تدقيق تواريخ وفيات الشعراء والمؤلفين ومن في حكمهم، ولجنة النقوش، ولجنة التأصيل.


وتضم المنصة الإلكترونية قاعدة بيانات المدونة اللغوية، وقاعدة بيانات البيبلوغرافيا والحزم الاشتقاقية المربوطة بسياقات ورودها، والجذاذة الإلكترونية، وأدوات المعالجة، كالدليل المعياري للمعالجة المعجمية، ودليل التحرير، والمصادر المرجعية والمعاجم وغيرها، كما تتيح إجراء عدة عمليات بينها المعالجة والمراجعة والتحرير، ومراقبة سير جميع العمليات، وتقدم إحصاءات ومعلومات عن سير العمل، والفرق المعجمية.

المساهمون