لبنان خالٍ من الفاسدين

01 يناير 2020
حلم التغيير باقٍ (حسين بيضون)
+ الخط -


لم تتبدّل أحلام اللبنانيّين وآمالهم على مرّ العقود والأعوام. الحقوق البديهية من طبابة وتعليم ومياه وكهرباء وبنى تحتية وخدمات حيوية غائبة، وهي أشعلت انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من دون أن يشكل عام 2019 خاتمة لمعاناتهم ومأساتهم اليومية. بعد ثلاثين عاماً على انتهاء الحرب الأهلية، ما زال اللبنانيّون أسرى الإهمال والفساد والتقاعس، ويموتون على أبواب المستشفيات، وتغرق شوارعهم في فصل الشتاء نتيجة سقوط الأمطار. وتجتاح السيول منازلهم، وتنهار قبور بعض أمواتهم، كما حصل مؤخراً مع العاصفة "لولو". كما يُحاصرون بالحرائق وأكوام النفايات، والبعض يختار الانتحار بهدف "النجاة".

لم يُكتب لعماد الطبش البيروتي الأربعيني، البدء في عمله كوكيل لإحدى شركات تحويل الأموال، بسبب تزامن الأمر مع بدء الانتفاضة الشعبية. ومضى يناضل "في وجه سلطةٍ فاسدة حرمتنا أبسط حقوقنا في العيش الكريم"، كما يقول لـ"العربي الجديد". يضيف: "مطالبنا واحدة، وهي حقوقنا التي تبدأ بتحقيق العدالة الاجتماعية، وخلق فرص عمل، وتأمين الطبابة والتعليم، وصولاً إلى الحدّ من ارتفاع معدّلات التلوث وزحمة السير الخانقة، وتوفير المياه والكهرباء والبنى التحتية". ويأمل الطبش أن "يكفّ السياسيّون عن الهدر والفساد"، متمنياً "وصول متخصصين إلى سدّة الحكم، يشعرون بألم الشعب ووجعه، ويسعون إلى تقدّم الوطن وتطوّره".



ومن عاصمة الشمال طرابلس، يقول الإعلامي والممثل الكوميدي بلال مواس: "كم أتمنّى أن يصبح لبنان بلداً حقيقياً يُحترم فيه الإنسان والحيوان والبيئة والمجتمع. من المعيب أنّنا ما زلنا نقول يا ريت (يا ليت) عنا (لدينا) إشارة مرور وطريق بلا حفريات وتعليمٍ مجاني ومستشفى نتعالج فيه من دون منّة من أحد أو وساطة". مواس، وهو أب لخمسة أولاد، يطالب "بإلزام وزارة التربية تعليم أبنائه في مدرسةٍ رسمية، ووزارة الصحة علاج عائلته في مستشفى حكومي، ووزارة الداخلية والبلديات وقف إعطاء رخص السلاح والزجاج الداكن، إضافة إلى إلغاء رواتب وامتيازات الوزراء والنواب، لنرى حينها من سيتطوّع لخدمة الشعب".

من جهته، يختزل الناشط الطرابلسي خالد قاسم أمنيته، في حديث لـ"العربي الجديد"، بـ"وطنٍ خالٍ من الفاسدين والمفسدين، ووطن يحترم الإنسان كإنسان". خالد الذي تسبقه ابنته الوحيدة إلى ساحة النور في المدينة، يوقف أشغاله كي يتفرّغ للانتفاضة التي تأخذ كل وقته. يضيف: "أنا مواطن أركض من أجل لبنان، وأشعل إطارات السيارات على الطرقات. كل هذا لنستردّ الوطن".

ومن منطقة جلّ الديب في ساحل المتن الشمالي، يقول الطبيب والمعالج النفسي والموسيقي نديم عوض لـ"العربي الجديد": "أمنيتي أن تبلغ الانتفاضة ذروتها وتقتلع زعماء الفساد عن عروشهم"، مؤكّداً أنّ "الانتفاضة حتماً مستمرة والسلطة تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولا يمكن التراجع عن المطالب الشعبية، لأن في ذلك خيانة لدماء الشهداء".

أمّا الناشطة العشرينيّة دانا حمّود من بلدة الفاكهة البقاعية، فقد قادها إصرارها إلى العودة إلى الوطن بعدما أنهت دراستها في إيطاليا. خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، تقول: "أتعبتنا الغربة وأرهقنا الشوق لأهلنا. لا نريد زيارتهم خلال الأعياد فحسب"، آملةً أن "يحتلّ لبنان مواقع متقدّمة عالمياً. يجمع ما يكفي من الخبرات والموارد والطاقات البشرية، كما أنّنا شعب يعشق الحياة وتليق به". دانا الشغوفة بالانتفاضة والتي اعتُقلت خلالها، تمنّت أن "ينال اللبنانيّون حقوقهم، بعدما كسروا حاجز الخوف وانتفضوا في وجه الزعماء والاصطفافات الطائفية والأوضاع الميؤوس منها، وباتوا على قدرٍ من الوعي والمسؤولية". وتؤكد أنّ "ما بعد الانتفاضة لا يشبه ما قبلها، لكن التغيير لا يحصل بين ليلةٍ وضحاها".

ولا تختلف تمنّيات المحامي جاد رزق، أحد الناشطين في انتفاضة بعلبك - الهرمل عن غيره من المتظاهرين. ويأمل أن "ننتقل بالوطن من بلد المذاهب إلى الدولة المدنية العادلة القادرة على إلغاء الطائفية، من خلال تطبيق القوانين والدستور وتشكيل حكومة مستقلة تتمتّع بصلاحياتٍ استثنائيّة تكافح الفساد وتواجه الأزمة الاقتصادية الخانقة والمدمّرة". وفي حديثه لـ "العربي الجديد"، يتمنّى رزق "إجراء انتخاباتٍ نيابية مبكرة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي"، معتبراً أنّ "هذا البرنامج الانتخابي لا يصنعه إلا الأحرار، من أجل وطنٍ حرّ وشعبٍ سعيد".



ومن عاليه (أحد أقضية محافظة جبل لبنان)، كان رجاء الناشطة والمعلّمة أسمهان عامر أن "نعيش بسلامٍ ونحيا حياةً كريمة من دون عوزٍ وحاجة، وأن تُطبّق الأنظمة والقوانين ونشعر بالأمان والطمأنينة"، آملةً أن "ندفع فاتورة واحدة للكهرباء والمياه، وألا يحترق وطننا صيفاً ويغرق شتاءً، وننعم ببنى تحتيّة جيدة، وتُحلّ أزمة النفايات". عامر أم لولدين تمنّت أن "يحفظ هذا البلد مستقبل ولديها فلا يضطرّان إلى الهجرة، ويُسمع صوت الشعب، فيمثّله مَن هم أهلٌ للثقة من خلال قانونٍ انتخابيّ عادل، وأن يُحاسب الفاسد وينتصر المظلوم". وبعبارة "كلن يعني كلن بدّي (أريد أن) شوفن (أراهم) بالحبس (السجن)"، يختصر الناشط في بلدة برجا (قضاء الشوف في محافظة جبل لبنان) جمال ترّو آماله في العام الجديد. يضيف لـ"العربي الجديد": "نريد دولةً مدنيةً وعدالةً اجتماعيةً تحفظ حقوق جميع اللبنانيّين".