بعد خيمة البصرة لمحو الأمية، ومدرسة المتظاهرين للدروس المجانية في الناصرية، تحوَّل محل تجاري في نفق أسفل ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، إلى صف دراسي أقامه المتظاهرون بوسائل بسيطة لتعليم الشبان الراغبين في تعلم القراءة والكتابة أو تلقي دروس خصوصية مجانية في اللغة الإنكليزية والرياضيات واللغة العربية والفيزياء الكيمياء.
الصف الذي انتقل من خيمة تأخذ طرف ساحة التحرير إلى أسفل الساحة حيث النفق المغلق منذ الغزو الأميركي للعراق، عمد المتظاهرون إلى تنظيفه وإنارته، وبدا أمس الثلاثاء، مثل خلية نحل، فما إن تدخل مجموعة شبان من المتظاهرين إلا وتخرج أخرى، وأغلب الدروس في تعلّم القراءة والكتابة.
ويقول عمار خالد، وهو أحد المتظاهرين والمعلمين في الصف، إنّ "الكثير من المتظاهرين لم يسعفهم حظهم في تعلم القراءة والكتابة، بسبب الاحتلال وما رافقه، وهم يشعرون بجوع للتعلم، وقد وفرت لهم ساحة التحرير فرصة إشباعه".
ويضيف خالد لـ"العربي الجديد"، أن "دورات التعليم هذه مبادرة منهم، وفي الوقت نفسه محاولة للتعرف إلى أشخاص جدد لا تربطك معهم إلا قضية وطن منهوب".
ويقول الناشط محمد كريم لـ"العربي الجديد": "نحن المعلمين والمهتمين بالدراسة الأكاديمية وبالتعليم بصورة عامة، ركزنا أولاً على موضوع محو الأمية للفئة التي لم تتح لها الفرصة للدراسة لأي سبب كان، ليأخذوا حقهم في التعليم. أما الفئة الأخرى، فهم الطلاب الأكاديميون، وخصوصاً طلاب المرحلة المنتهية، السادس إعدادي، لما لها من أهمية في تحديد مصير الطالب".
وأضاف: "بدأت الفكرة من يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، وبعد أيام باشرنا العمل من خلال محاضرات في الخيام قبل أن ننظف النفق ونستغل هذا المحل كصفّ خاص للتعليم، والطلاب المضربون عن الدوام صار حضورهم مستمراً في مدرسة التحرير من خلال جدول دراسي ومنهج ثابت، واعتمدنا على إمكاناتنا الذاتية من خلال دعم المتظاهرين. لم يكن هدفنا أن يمتنع الطالب عن الدراسة، بل قضيتنا كانت مصلحة الوطن، وحرصنا على مستقبل الطلاب".
وأعرب ثائر لعيبي عن إعجابه بمبادرة "مدرسة التحرير" التي يُعَد أحد المساهمين فيها، وأوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "مدرسة التحرير هي عملية اندماج بين الطالب والمدرس، وبصراحة وجدت فيها وطني وبيتي، بعد أن رفعت مع إخوتي المتظاهرين شعار أن لا عودة إلا بعد أخذ حقوقنا كاملة".
وقال محمد علي، وهو أحد المستفيدين من هذه المدرسة لـ"العربي الجديد": "تركت الدراسة من الخامس الابتدائي، وحين شاركت في التظاهرات وجدت ضالتي في التعليم المجاني ومن خلال المتظاهرين أنفسهم، وهذه فرصة لم أكن أحلم بها".
ويشاطره في الرأي الطالب راضي حميد، قائلاً لـ"العربي الجديد": "لقد وجدت ضالتي في هذه المدرسة. فبعد نزولنا إلى ساحة التحرير مطالبين بحقوقنا، أضربت عن الدوام وأنا في السادس الإعدادي الفرع الأدبي، والآن أتلقى تعليمي من خلال مدرسة التحرير".