يحرص الكثير من العراقيّين على إثبات وجودهم في الساحات التي تشهد التظاهرات الشعبية. ولا بدّ للجميع أن يعلنوا تأييدهم للثورة ومطالبها، حتى لا تطلق عليهم بعض الصفات كالجبن
يحرص العراقيون على أن يكون لديهم موقف من التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ومن لم يعلن تأييده للتظاهرات، قد يوصف بأنه جبان أو غير وطني أو "ذيل". في ساحة التظاهرات وسط العاصمة بغداد، يلتقط أشخاص صوراً هنا وهناك، فضلاً عن تسجيل مقاطع فيديو في المكان الذي يعج بالمتظاهرين من مختلف الأعمار وكلا الجنسين. أحمد الزبيدي شاب جامعي من محافظة ديالى (شرق)، يقول إنّه قدم إلى بغداد حتى يوثّق تأييده للتظاهرات بالصور والفيديوهات، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن مدينته لم تشهد تظاهرات، إلا أنه يؤيدها من خلال ما ينشره على مواقع التواصل الاجتماعي. ويضيف الزبيدي: "صرت أشعر بالخجل والحرج لأنني لم أسجل موقفاً من خلال المشاركة في التظاهرات. جميع أصدقائي سجلوا مواقفهم من خلال التظاهر. لذلك، ذهبت إلى بغداد وبت ليلة واحدة مع المتظاهرين في ساحة التحرير، ووثقت مشاركتي بعدد كبير من الصور ومقاطع الفيديو".
التظاهرات في العراق لقيت تأييداً واسعاً من قبل مختلف فئات الشعب. ويحرص متظاهرون على الحضور إلى ساحات التظاهر أو المبيت فيها، لا سيما في بغداد. ولم تسمح الفرصة لآخرين بالمشاركة في التظاهرات، مثل عادل موزر، الذي يرتبط بعمل في مجال التجارة. يقول إن أصدقاءه يشاركون في التظاهرات، وكان لوقت طويل يشعر بالحرج كونه لم يشارك معهم، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنه ساهم في التبرع بمواد غذائية وزعت من قبل أصدقائه على المتظاهرين. على الرغم من ذلك، يرى أن "هذا ليس كافياً. رأيت أن علي أن أكون حاضراً هناك. يجب أن أسجل موقفاً مشرفاً. وهذا ما فعلته وشاركت ساعات عدة وليومين متتاليين، وعاهدت نفسي أن أخصص وقتاً للمشاركة في التظاهرات، وإن على حساب عملي".
وكان يغلب على ساحات التظاهر أنها شبابية، إذ بادر الشباب بالخروج في التظاهرات منذ انطلاقها، ونجحوا بجعلها تستمر على الرغم من القمع الذي تعرضوا له من قبل القوات الأمنية، وسقوط مئات القتلى وآلاف المصابين نتيجة هذا القمع. وتتراوح أعمار المتظاهرين ما بين 17 و25 عاماً.
نجاح الشباب في الإبقاء على استمرار التظاهرات وعدم تراجعهم أمام العنف، دفع شباباً آخرين إلى مساندتهم. وأصبح كثيرون يشعرون بأن تهمة التخاذل أو التخلف عن واجب وطني ستلاحقهم إن لم يشاركوا في التظاهرات، بحسب عبد الرحمن هادي، الذي جعل من صورة التقطها وهو يحمل علم العراق تحت نصب الحرية مع المتظاهرين خلفية لهاتفه.
يقول هادي لـ"العربي الجديد" إنّه تزوج قبل اندلاع التظاهرات بشهرين، ولم يشارك في أي تظاهرة من قبل، مضيفاً: "شعرت بأن وصمة عار ستلاحقني طيلة حياتي إن لم أشارك في هذه التظاهرات. جميع أصدقائي سبقوني للمشاركة في التظاهرات، وبعضهم يقيمون هناك ولا يعودون إلى منازلهم إلا ساعات في الأسبوع. بتُّ أشعر كأنني غريب وسط المجتمع الذي أعيش فيه. أنا الوحيد بين أصدقائي الذي لم يشارك في التظاهرات. وفي اليوم الأول الذي ذهبت فيه إلى ساحة التحرير، اصطحبت زوجتي معي".
اقــرأ أيضاً
الصور التي يضعها هادي على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي التقطها في ساحة التحرير مع المتظاهرين. يقول: "أريد أن يراني الجميع مشاركاً في التظاهرات. هذا شرف كبير". مثل هادي، يفعل جميع من يشاركون في التظاهرات. أصبحت ساحات التظاهر ترمز إلى الحرية والانتماء إلى الوطن، وتعني رفض القمع والقتل الذي يواجهه المتظاهرون. لذلك، الجميع يوثقون وجودهم فيها بالصور ومقاطع الفيديو، وينشرونها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
مقاطع الفيديو الشخصية في هذا المكان "مقدسة"، هذا ما يقوله محمد أدهم الذي يشارك في التظاهرات منذ بداية انطلاقها.
أدهم وهو طالب جامعي، توقف عن الدراسة "حتى تحقّق ثورتنا أهدافها". ويقول لـ"العربي الجديد" إن المتظاهرين يعتبرون التظاهرات ثورة، إذ تعدت مرحلة مطالبة الحكومة بالإصلاحات؛ مثلما كان الحال مع تظاهرات سابقة، وأيضاً حال التظاهرات الحالية منذ انطلاقها، لتتحول إلى تغيير الحكومة بالكامل وتعديل الدستور ونظام الانتخابات.
أدهم يقول إن أصدقاءه الذين تخلفوا عن المشاركة في التظاهرات التحقوا بها في ما بعد، موضحاً: "أخبروني أنهم شعروا بالذنب، وخافوا أن يوصموا بالجبن والتخاذل. جميعهم ينشرون مشاركاتهم في التظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي. إنهم فخورون بما يفعلونه. للتظاهرات قدسية لدى العراقيين. هذا ما ألمسه هنا".
ويفخر عراقيون بأجدادهم وآبائهم الذين شاركوا في صناعة تاريخ بلدهم، وكانت لهم مواقف في مراحل أساسية مرت بها بلادهم. وفي المنازل، يعلق أشخاص صوراً يفخرون بها لأجدادهم الذين شاركوا في أكثر ثورات العراق شهرة، "ثورة العشرين"، والتي قعت عام 1920، وقد اندلعت ضد الاحتلال البريطاني.
كثيرون قتلوا في ثورات وانقلابات شاركوا فيها على مرّ السنين، في حين يرى أن الضباط والجنود الذين قتلوا في معارك الجيش العراقي ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 في فلسطين، أعلى شأناً، ويفخر أبناؤهم وأحفادهم وأقاربهم بهم، ويعلقون صورهم في المنازل.
ويشمل هذا أيضاً الذين قاتلوا في الحرب مع إيران. تفاصيل يحرص العراقيون على أن تكون جزءاً من مسيرتهم، وبالتالي ترفع من شأن أسرهم وأبنائهم وأحفادهم من بعدهم. تقول سيناء أحمد لـ"العربي الجديد" إنها تفخر بوالدها الضابط الذي قتل عام 1985 في الحرب مع إيران، وتزين صوره بيتها وبيوت شقيقاتها وأشقائها، كونه "استشهد دفاعاً عن الوطن ولم يتخاذل أو يترك مهمته الوطنية". وتشير إلى أن ابنها زيد يشارك في التظاهرات الحالية في بغداد، تقول: "سيكون فخراً لأبنائه وأحفاده، وستزين صوره، وهو في ساحات التظاهر جدران منازلهم في المستقبل".
التظاهرات في العراق لقيت تأييداً واسعاً من قبل مختلف فئات الشعب. ويحرص متظاهرون على الحضور إلى ساحات التظاهر أو المبيت فيها، لا سيما في بغداد. ولم تسمح الفرصة لآخرين بالمشاركة في التظاهرات، مثل عادل موزر، الذي يرتبط بعمل في مجال التجارة. يقول إن أصدقاءه يشاركون في التظاهرات، وكان لوقت طويل يشعر بالحرج كونه لم يشارك معهم، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنه ساهم في التبرع بمواد غذائية وزعت من قبل أصدقائه على المتظاهرين. على الرغم من ذلك، يرى أن "هذا ليس كافياً. رأيت أن علي أن أكون حاضراً هناك. يجب أن أسجل موقفاً مشرفاً. وهذا ما فعلته وشاركت ساعات عدة وليومين متتاليين، وعاهدت نفسي أن أخصص وقتاً للمشاركة في التظاهرات، وإن على حساب عملي".
وكان يغلب على ساحات التظاهر أنها شبابية، إذ بادر الشباب بالخروج في التظاهرات منذ انطلاقها، ونجحوا بجعلها تستمر على الرغم من القمع الذي تعرضوا له من قبل القوات الأمنية، وسقوط مئات القتلى وآلاف المصابين نتيجة هذا القمع. وتتراوح أعمار المتظاهرين ما بين 17 و25 عاماً.
نجاح الشباب في الإبقاء على استمرار التظاهرات وعدم تراجعهم أمام العنف، دفع شباباً آخرين إلى مساندتهم. وأصبح كثيرون يشعرون بأن تهمة التخاذل أو التخلف عن واجب وطني ستلاحقهم إن لم يشاركوا في التظاهرات، بحسب عبد الرحمن هادي، الذي جعل من صورة التقطها وهو يحمل علم العراق تحت نصب الحرية مع المتظاهرين خلفية لهاتفه.
يقول هادي لـ"العربي الجديد" إنّه تزوج قبل اندلاع التظاهرات بشهرين، ولم يشارك في أي تظاهرة من قبل، مضيفاً: "شعرت بأن وصمة عار ستلاحقني طيلة حياتي إن لم أشارك في هذه التظاهرات. جميع أصدقائي سبقوني للمشاركة في التظاهرات، وبعضهم يقيمون هناك ولا يعودون إلى منازلهم إلا ساعات في الأسبوع. بتُّ أشعر كأنني غريب وسط المجتمع الذي أعيش فيه. أنا الوحيد بين أصدقائي الذي لم يشارك في التظاهرات. وفي اليوم الأول الذي ذهبت فيه إلى ساحة التحرير، اصطحبت زوجتي معي".
الصور التي يضعها هادي على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي التقطها في ساحة التحرير مع المتظاهرين. يقول: "أريد أن يراني الجميع مشاركاً في التظاهرات. هذا شرف كبير". مثل هادي، يفعل جميع من يشاركون في التظاهرات. أصبحت ساحات التظاهر ترمز إلى الحرية والانتماء إلى الوطن، وتعني رفض القمع والقتل الذي يواجهه المتظاهرون. لذلك، الجميع يوثقون وجودهم فيها بالصور ومقاطع الفيديو، وينشرونها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
مقاطع الفيديو الشخصية في هذا المكان "مقدسة"، هذا ما يقوله محمد أدهم الذي يشارك في التظاهرات منذ بداية انطلاقها.
أدهم وهو طالب جامعي، توقف عن الدراسة "حتى تحقّق ثورتنا أهدافها". ويقول لـ"العربي الجديد" إن المتظاهرين يعتبرون التظاهرات ثورة، إذ تعدت مرحلة مطالبة الحكومة بالإصلاحات؛ مثلما كان الحال مع تظاهرات سابقة، وأيضاً حال التظاهرات الحالية منذ انطلاقها، لتتحول إلى تغيير الحكومة بالكامل وتعديل الدستور ونظام الانتخابات.
أدهم يقول إن أصدقاءه الذين تخلفوا عن المشاركة في التظاهرات التحقوا بها في ما بعد، موضحاً: "أخبروني أنهم شعروا بالذنب، وخافوا أن يوصموا بالجبن والتخاذل. جميعهم ينشرون مشاركاتهم في التظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي. إنهم فخورون بما يفعلونه. للتظاهرات قدسية لدى العراقيين. هذا ما ألمسه هنا".
ويفخر عراقيون بأجدادهم وآبائهم الذين شاركوا في صناعة تاريخ بلدهم، وكانت لهم مواقف في مراحل أساسية مرت بها بلادهم. وفي المنازل، يعلق أشخاص صوراً يفخرون بها لأجدادهم الذين شاركوا في أكثر ثورات العراق شهرة، "ثورة العشرين"، والتي قعت عام 1920، وقد اندلعت ضد الاحتلال البريطاني.
كثيرون قتلوا في ثورات وانقلابات شاركوا فيها على مرّ السنين، في حين يرى أن الضباط والجنود الذين قتلوا في معارك الجيش العراقي ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 في فلسطين، أعلى شأناً، ويفخر أبناؤهم وأحفادهم وأقاربهم بهم، ويعلقون صورهم في المنازل.
ويشمل هذا أيضاً الذين قاتلوا في الحرب مع إيران. تفاصيل يحرص العراقيون على أن تكون جزءاً من مسيرتهم، وبالتالي ترفع من شأن أسرهم وأبنائهم وأحفادهم من بعدهم. تقول سيناء أحمد لـ"العربي الجديد" إنها تفخر بوالدها الضابط الذي قتل عام 1985 في الحرب مع إيران، وتزين صوره بيتها وبيوت شقيقاتها وأشقائها، كونه "استشهد دفاعاً عن الوطن ولم يتخاذل أو يترك مهمته الوطنية". وتشير إلى أن ابنها زيد يشارك في التظاهرات الحالية في بغداد، تقول: "سيكون فخراً لأبنائه وأحفاده، وستزين صوره، وهو في ساحات التظاهر جدران منازلهم في المستقبل".