صارت عمليات التجميل، الجراحية وغير الجراحية، أمراً طبيعياً في المجتمعات اليوم، تماماً كما اتّباع نظام غذائي معيّن. بالتالي، من المتوقّع جداً أن تلجأ إليها النساء كطريقة للحفاظ على جمالهنّ. يبدو أنّه من السهل توجيه الانتقاد لهؤلاء اللواتي يقدمنَ على ذلك، غير أنّه من الضروري السؤال عن كيفية بلوغنا هذه الثقافة. ويبيّن استطلاع للرأي أعدّ أخيراً حول صورة المرأة، أنّ نحو ثلثَي النساء غير مقتنعات بمظهرهنّ. وأفادت 29 في المائة من المستطلعات بأنّهن يشعرنَ بالاختلاف عن غيرهنّ، فيما لفتت نسبة 20 في المائة منهنّ إلى أنّ المظهر المتكامل للمشاهير يزيدهنّ رغبة في تحسين شكلهنّ.
صحيح أنّ ثمّة توجّهاً اليوم، خصوصاً في أوروبا، يحثّ الأشخاص على النظر بإيجابية إلى أجسامهم والاقتناع بما هم عليه، إلا أنّ الإقبال على العمليات التجميلية يثبت وجود توجّه مقابل ذي تأثير. ويبدو أنّ هذَين التوجّهَين المتضاربَين يزدهران بشكل متزامن، كما لو أنّ أحدهما يكمّل الآخر. وقد كشفت الجمعية الأميركية لجرّاحي التجميل هذا العام أنّ الجراحة التجميلية في ازدهار، مع نحو 18 مليون شخص في عام 2018، الأمر الذي يشير إلى زيادة بأكثر من ربع مليون شخص بالمقارنة مع عام 2017، بحسب صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية.
قبل مدّة من الزمن، كانت العمليات التجميلية تُعَدّ أمراً مبتذلاً بعض الشيء، لكنّ كثيرين صاروا يرونها أمراً طبيعياً مع تطوّر الإجراءات التجميلية. وتتعدّد التقارير التي تتحدّث عن شابات يافعات لجأنَ إلى تكبير أو نفخ خدودهنّ وشفاههنّ وغير ذلك، كما لو أنّ المسألة أمر تافه لا يستلزم قراراً مصيرياً. كذلك، تكتب نساء عمّا خضعنَ له من تدخّلات تجميلية، كما لو أنّهنّ يتحدّثنَ عن محاولات للتخلّص من عار كان يلاحقهنّ في الماضي.
وتنجذب النساء والشابات اليافعات إلى حقن "بوتوكس" أو غيرها كونها أقلّ كلفة وأقل خطراً من التعرّض لجراحة تجميلية، فضلاً عن أنّ التغييرات الناتجة عنها تبقى بسيطة في معظم الأحيان بخلاف الجراحة التجميلية التي تحدث تغييراً جذرياً في المظهر.
وفي هذا السياق، تقول الصيدلانية وخبيرة التجميل هالة علاوي التي تستقبل في محلّها في منطقة ريتشموند في لندن زبائن تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً و65، إنّ "الطلب على البوتوكس يحتلّ الصدارة بين المتقدمات في السنّ، يليه الفيللر أي الحشو تحت الجلد الذي ينتشر بكثرة بين مختلف الفئات العمرية. أمّا الشابات فيقبلنَ على تكبير الشفاه وتجميل الأنف". تضيف علاوي لـ"العربي الجديد" أنّ "الإقبال الكبير على هذه العمليات غير الجراحية يأتي لأسباب عدّة، منها التكلفة ومضاعفات الجراحة".