إعادة إطلاق الطيور في الطبيعة

28 يناير 2019
بومة أطلقت أخيراً في الريحان (عن صفحة الجنوبيون الخضر)
+ الخط -
شهد لبنان وبعض البلدان العربية عدة حالات لإعادة إطلاق طيور في الطبيعة في الآونة الأخيرة، بعدما خضعت للرعاية أو العلاج من جراء وقوعها ضحية إطلاق نار من أحدهم أو اصطدامها بأيّ جسم أو إصابتها بمرض أو تسمم.

كان للحيوانات الثديية (اللبونة) منها حصة قليلة جداً، أما الطيور فكانت حصتها أكبر بكثير إذ تنوعت ما بين نسور وعقبان وبزاة وبواشق وصقور، بالإضافة إلى أنواع البوم التي يطلق عليها النار ليلاً لإسكاتها ظناً من مطلقي النار أنّ صوتها نذير شؤم ويؤدي إلى موت الإنسان.

لا تتوقف لائحة الضحايا عند هذه الأنواع، فقد كثرت إصابات البجع واللقلق والكركي ومالك الحزين في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يدل على تناقص الوعي على الرغم من كثرة محاولات زيادته. وبالعودة إلى منقذي الطيور التي يطلق سراحها بعد رعايتها أو علاجها، لا بد من الإشارة إلى ضرورة استشارة متخصصين بيئيين حول إمكانية إعادة الإطلاق من عدم ذلك، وحول مكان وموعد إعادة الإطلاق في الطبيعة.

الطيور المحلية المقيمة (غير المهاجرة) يمكن إعادة إطلاقها في أيّ وقت، لكن في بيئتها المناسبة وشرط أن تسمح لها ظروف الطقس بالعيش مرة أخرى في الطبيعة. فالطائر المريض تضعف مناعته، وحتى لو أنه استعاد معظم مناعته فلا يجوز إطلاق سراحه في فصل الشتاء والثلوج والأمطار التي تجعل من غذائه المكون من الحشرات والفئران على سبيل المثال يختفي، أي الغذاء، في الجحور أو في تجويفات الأشجار. هذا عدا عن قساوة الطقس كالبرد والصقيع الذي يحيط بالمكان الذي يطلق فيه سراح الطائر. ومن باب إعطاء كلّ ذي حق حقه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ القائمين على محمية أرز الشوف للمحيط الحيوي (جبل لبنان) حيث تتوفر خبرات كبيرة، لا يتورعون عن استشارة أهل الاختصاص حول إمكانية إعادة إطلاق سراح حيوان أو طائر، ويسألون عن المكان والزمان المناسبين لكلّ نوع من الأنواع المراد إعادة إطلاق سراحها.

أما الطيور المهاجرة التي تصاب وتلقى رعاية طبية أو تربية جيدة فيجب إطلاقها فقط في موسم الهجرة، فلو كانت تستطيع الإشتاء في الطبيعة في بلادنا، لما كانت في حاجة إلى الهجرة جنوباً إلى أفريقيا، ولما احتاجت للذهاب شمالاً إلى أوراسيا كي تتكاثر، لكنّ طول مدة النهار في بلادنا لن تسمح لها بأن تكون مستعدة للتزاوج الذي يتطلب عند أكثر الأنواع الأوروبية المصدر نهاراً أطول تؤثر مدة إضاءته على غدد الخصوبة.

لا بد من الإشارة إلى أنّ الطيور والحيوانات التي تصاب بعاهات لا تمكّنها من الحصول على لقمة عيشها في حال أطلق سراحها، يجب أن تلقى رعاية خاصة لدى جهات، غالباً ما تكون جمعيات أهلية، تستخدمها في حملات التوعية والتربية البيئية. وقد طالعتنا في بداية شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، أنباء عن إعادة إطلاق سراح بومة المخازن أو الحظائر أو الإسطبلات في منطقة جبل الريحان (جنوب لبنان). وهنا لن أشير إلى ظروف وشروط إعادة البومة إلى الطبيعة بل إلى كون جبل الريحان من أهم المناطق الطبيعية غنى بالحياة البرية من كائنات حية سواء كانت نباتية أو حيوانية، عدا عن وقوع هذه المنطقة على الخط الرئيس لهجرة الطيور الحوامة الجارحة وغير الجارحة. لذلك، فإنّ المطالبة بإعلان هذه المنطقة محمية طبيعية من قبل مطلقي سراح البومة أمر ممتاز وملحّ، لأنّ القانون يعطي المنطقة مناعة ضد التصرفات المدمرة للبيئة من كسارات ومرامل وقطع أشجار وغير ذلك.




أدعو المعنيين الذين يطالبون بإعلان منطقة جبل الريحان محمية طبيعية للاستعانة بإعلان منظمة يونسكو في عام 2008 لنفس هذه المنطقة، باعتبارها محمية محيط (مدى) حيوي، على غرار محمية أرز الشوف للمدى الحيوي، ومحمية جبل موسى (كسروان، جبل لبنان) للمدى الحيوي. فهذا الإعلان لم يستند إلى فراغ بل إلى دراسات علمية. وعليه، يمكن للمهتمين إبراز ملف يونسكو المتعلق بجبل الريحان أمام أصحاب القرار في لبنان من أجل تسريع إعلان المنطقة محمية طبيعية بموجب قانون لبناني.

*اختصاصي في علم الطيور البرية
المساهمون