مصر: قوات الأمن تعتقل العشرات عقب أحداث فتنة طائفية في المنيا

02 سبتمبر 2018
انتقد شهود عيان تباطؤ أجهزة الأمن (فرانس برس)
+ الخط -
شنت وزارة الداخلية المصرية حملة أمنية موسعة على إحدى قرى محافظة المنيا جنوبي البلاد، أسفرت عن اعتقال العشرات من أبناء القرية، رداً على بعض الاعتداءات التي استهدفت أسراً مسيحية على مدى اليومين الماضيين، على وقع اشتعال فتنة طائفية بقرية "دمشاو هاشم"، واقتحام مجهولين منازل أقباط، وتحطيم محتوياتها.

وحسب بيان كنسي صادر عن مطرانية المنيا، فإن ما حدث في القرية من ترويع للمسيحيين هو "نموذج مصغر لما فعله تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسورية"، على خلفية رفض المسلمين في القرية تحويل بيت صغير مكون من بعض الحجرات إلى كنيسة لإقامة شعائر مسيحيي القرية.

وأفاد شهود عيان بأن أجهزة الأمن كانت على علم بوجود توتر مسبق بين المسلمين والمسيحيين، ورفضت التعاطي مع بلاغات رسمية تلقتها قبل اندلاع الأحداث، مشيرة إلى تدخلها أول من أمس (الجمعة) بعد ثلاث ساعات كاملة من بدء الاعتداءات، علماً بأن القرية تتبع إدارياً لمركز المنيا، ما يعني قربها من عاصمة المحافظة.

واعتقل الأمن المصري 38 شخصاً من منازلهم، بدعوى "تورطهم في الاعتداء والتحريض على منازل المسيحيين، واتهامهم بإثارة الفتنة الطائفية، وتكدير السلم العام، والاعتداء على ممتلكات الغير"، في حين فرضت قوات الشرطة إجراءات مشددة داخل القرية، لمنع تجدد الأحداث، وعاينت النيابة العامة الخسائر التي وقعت بممتلكات الأسر المعتدى عليها.

من جهتها، أصدرت "إبراشية المنيا وأبو قرقاص"، بياناً، قالت فيه: "منذ أيام تواردت أنباء عن حشد بعض (المتطرفين) للهجوم على المسيحيين في القرية، وأبلغت الجهات الأمنية، إلا أن الأخيرة وصلت بعد التعدي على منازل المواطنين المسيحيين: عادل سعيد رزق، ورضا عبد السيد رزق، وكامل فوزي شحاتة، وفوزي شحاتة بطرس".

وأشار البيان إلى "نهب كمية من المشغولات الذهبية، والأموال، وتحطيم الأجهزة المنزلية والكهربائية، وإضرام النار في ممتلكات المواطنين المسيحيين، فضلاً عن إصابة أحدهم بجرح قطعي في فروة الرأس، وآخر بجرح قطعي بالشفة العليا، ونقلهما لتلقي العلاج في المستشفى العام بمحافظة المنيا".
بيان كنسي عن اعتداءات المنيا (فيسبوك) 



ولفت البيان إلى أن "متطرفين في قرية (عزبة سلطان) المجاورة، شنوا هجوماً مماثلاً قبل أسابيع قليلة على القرية، من دون مساءلة من جهات الأمن أو القضاء"، مذكراً بأن قرية "دمشاو هاشم" نفسها تعرضت لهجوم عام 2005، ما اضطر عائلات مسيحية آنذاك إلى تركها، دون توقيع أي عقاب على أحد من المعتدين.

ووفقاً للرواية الكنسية، فإن سبب الاعتراض في القريتين يستند إلى وجود كنيسة تحتوي على قاعات وحجرات بسيطة، وارتضى بها المسيحيون كحل مؤقت، تجنباً لما يتعرضون له من مخاطر في حال انتقالهم للصلاة في قرى أخرى. ودعت الإبراشية إلى إيفاد قيادات جديدة واعدة للمحافظة لمعالجة هذه المشكلات، ونشر السلام والعدالة داخل القرية.

والتزمت جميع وسائل الإعلام المحلية الصمت إزاء الأحداث المشتعلة في المنيا، ولم يبادر أي موقع إخباري بنشر تفاصيل عن الاعتداءات على المسيحيين، أو حملة الاعتقالات على المسلمين بالقرية، في وقت تؤكد فيه مصادر صحافية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن تعليمات "سيادية" صدرت بعدم تناول هذه الأحداث إعلامياً.

في سياق ذي صلة، علقت البرلمانية المصرية، نادية هنري، على أحداث الفتنة في المنيا، بالقول: "لكل إنسان الحق في حرية الفكر، والوجدان، والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين، أو معتقد يختاره. وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد، وإقامة الشعائر، والممارسة، والتعليم، سواء بمفرده أو مع جماعة".

وأضافت هنري، في تدوينة لها على صفحتها الشخصية بموقع "فيسبوك"، اليوم الأحد، "لا يجوز تعريض أحد لإكراه، من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره"، منتقدة تكرار الاعتداءات على المسيحيين، وممتلكاتهم، والتجمهر لمنع الصلاة، وفتح الكنائس، والتهاون في تطبيق القانون على الجميع.