من بين العادات والأعراف الموجودة في باكستان، التي تؤدّي إلى مشاكل، عدم الاستماع إلى رغبة الفتيات بشكل خاص لدى اختيار شريك الحياة. ولا تقف الأمور في بعض الأحيان عند عدم الاستجابة لرغباتهن، وقبول شريك من اختيار الأهل، بل قد يصل الأمر إلى قتل الفتيات، بحجة "الدفاع عن الكرامة".
ولا تواجه الفتيات مشاكل مع الآباء والعائلات فقط، ويمكن القول إنهن ضحية مختلف الأطراف. في الأيام الأخيرة، تداول الناس قصة فتاة قتلها رجل أراد الزواج منها على مرأى من الجميع وفي وضح النهار، بعدما رفضت الزواج منه. كانت مهوش أرشد (19 عاماً) تعمل في شركة للمواصلات في مدينة فيصل أباد في إقليم البنجاب. وكان في الشركة شاب يعمل حارساً ويدعى عمر دراز. الشاب طلب يد الفتاة مراراً، لكنها رفضت الارتباط به، كما أسرتها، ثم راح يضايقها ويلاحقها من مكان إلى آخر.
وبثت شرطة مدينة فيصل أباد تسجيلاً مصوراً يظهر الشاب يلاحق الفتاة خلال سيرها في اتجاه إحدى وسائل النقل العامة، ويمسك بثيابها، ويطلب منها الرضوخ لطلبه والزواج منه، مهدّداً إياها بالقتل في حال الرفض. وكان الناس من حولهما يطلبون من الشاب ترك الفتاة. وفي التسجيل، ظهرت الفتاة تصعد السلم في إحدى المرات، وإذا بالشاب يمسك يدها ويتحدث معها، وهي تحاول صعود السلم. ثم أطلق عليها وابلاً من الرصاص قبل أن يغادر المكان ويتركها على الأرض.
توفيت الفتاة متأثرة بجروح خطيرة. وفي اليوم التالي، أعلنت الشرطة اعتقال القاتل عمر دراز، الذي اعترف بارتكاب الجريمة، بدعوى أنه كان يحبها وقد رفضت الزواج منه، ولجأ إلى قتلها حتى لا يتزوجها شخص آخر. مَثُلَ الرجل أمام المحكمة المحلية وما زال ملفه في المحاكم، ولا تتوقّع أسرتها أن يحدث له شيء بسبب الفساد الموجود في الدوائر الحكومية من جهة، والثغرات الموجودة في القانون من جهة أخرى.
قبل هذا الحادث بأقل من شهر، أثار حادث قتل رجل مسلم فتاة مسيحية حرقاً بسبب رفضها الزواج منه موجة غضب كبيرة في باكستان. ووعدت الحكومة آنذاك بمعاقبة الرجل قبل تراجع الحديث في القضية فجأة. وفي التفاصيل أن رجلاً في مدينة سيالكوت في إقليم البنجاب، يدعى رضوان كجر، طلب يد فتاة مسيحية في المدينة. وعلى الرغم من إصراره، رفضت الفتاة الزواج منه، فلجأ إلى قتلها حرقاً. أسرة الضحية أسماء يعقوب، البالغة من العمر 25 عاماً، سجلت الدعوى في المحكمة المحلية، وتمكنت الشرطة من اعتقال الجاني الذي مثُل أمام المحكمة. لكن لم يعرف لاحقاً ما حدث له، كونه يتمتع بنفوذ في الحكومة والمنطقة.
لكن مسؤولاً في الشرطة المحلية، يدعى محمد إعجاز، يقول إنّ القضية ما زالت في المحاكم. وهناك طريقة للتعامل مع مثل هذه القضايا، وعادة ما تستغرق الإجراءات بعض الوقت. بالتالي، فإن التأجيل لا يعني تهميش القضية أو نسيانها. ومن القصص المعروفة والمفزعة التي وصلت أصداؤها إلى البرلمان والمجامع السياسية، قضية قتل طالبة كلية الطب في مدينة كوهات شمال غرب باكستان، وتدعى أسماء راني، بعدما رفضت الزواج من شاب يتمتع بنفوذ في الأروقة السياسية، وهو ابن تاجر مشهور. كما أن عمّه قيادي بارز في حركة الإنصاف بزعامة عمران خان.
وكانت الفتاة أسماء تدرس الطب في مدنية إيبت أباد، وهي من سكان مدينة كوهات. وفي أيام الإجازة، جاءت إلى مسقط رأسها مدينة كوهات، وطلب شاب يدعى مجاهد الله، وهو متزوج من إحدى قريباته، الزواج منها، لكنها وأسرتها رفضتا ذلك. وبعد الرفض المتكرر، عمد الجاني مجاهد الله برفقة زميل له يدعى شهباز إلى قتل الفتاة، بعدما دخلا إلى منزلها وأطلقا عليها النار. ونشر تسجيل مصور بالهاتف تقول فيه الفتاة أسماء، وهي في طريقها إلى المستشفى وتلفظ أنفاسها الأخيرة، إن مجاهد الله هو الذي قتلها. لكن لأن الرجل يتمتع بنفوذ كبير، حصل في اليوم نفسه على تأشيرة لأداء العمرة، وخرج من البلاد متوجهاً إلى السعودية ومنها إلى الإمارات، حيث له مشاريع تجارية هناك.
وبعدما أثيرت القضية على أصعدة مختلفة، طلبت الشرطة الباكستانية من الشرطة الدولية (إنتربول) المساعدة واعتقال الجاني، وقد حدث ذلك ونُقل الرجل إلى باكستان. ثمة مشكلة كبيرة، وهي أن أسرة الضحية الفقيرة، التي لا تملك القوة في المنطقة، تدعي أن أسرة القاتل التي لها سطوة سياسية ونفوذ كبير، تمارس بحقّها ضغوطاً من أجل المصالحة في مقابل المال. كذلك تهدد أفرادها بالقتل من وقت إلى آخر في حال رفض المصالحة والمضي قدماً في متابعة القضية في القضاء المختص. في النتيجة، الفتاة الباكستانية إما تكون ضحية الآباء الذين يصرّون على اختيار شريك الحياة المناسب لها، أو ضحية الرجل إذا ما رفضت الزواج منه.