يعيش كثير من المسلمين في ولاية آسام الهندية هاجس الترحيل من أراضيهم خارج البلاد، أو اعتبارهم لاجئين فيها فيُحرمون من حقوقهم كمواطنين هنود، وهو ما يدفع البعض إلى توقع حرب أهلية
تقع ولاية آسام في أقصى شمال شرق الهند بجوار دولة بوتان من جهة الشرق، وبنغلادش من جهة الغرب. تبلغ مساحة هذه الولاية 78.550 كيلومتراً مربعاً. وتتمتع بطبيعة خلابة وتزخر بموارد طبيعية متنوعة، لكنّ حضورها الدائم في وسائل الإعلام ليس بسبب طبيعتها تلك، بل بسبب الاضطهادات العرقية التي تشهدها منذ عام 1952. كذلك، تعاني الولاية من تمركز حركات انفصالية فيها منذ سبعين عاماً.
تشير الإحصاءات إلى أنّ عدد سكان ولاية آسام يصل إلى 32 مليون نسمة. نسبة الهندوس منهم 61.47 في المائة ونسبة المسلمين 34.22، أما المسيحيون فنسبتهم 3.74 في المائة. والباقون هم من السيخ والبوذيين وأتباع ديانات أخرى.
اقــرأ أيضاً
بدأت الاضطهادات العرقية في الولاية عام 1952 عندما حاول المسلمون الاستقرار في المنطقة ووقفت قبائل البدو في وجههم، كونها كانت محرومة من أبسط مقومات الحياة، وكانت تظن أنّ المسلمين، لا سيما الآتين من بنغلادش سبب في حالتهم المعيشية السيئة، كما زعم البدو أنّ المسلمين يضيقون عليهم في ممتلكاتهم. والبدو مجموعة عرقية لها تقاليد وثقافة خاصة، وفيهم هندوس ومسيحيون وأتباع ديانات أخرى، غير أنّ الهندوس المتشددين يشكلون الجزء الأكبر منهم.
وعلى الرغم من مجيء المسلمين إلى الولاية إبان الاحتلال البريطاني للهند، معتبرين أنفسهم من سكانها الأصليين، ترى قبائل البدو أنّهم لاجئون ولا يحق لهم البقاء. وقد أضرّت بالمسلمين كثيراً تقوية العلاقة بين الهندوس والمسيحيين، خصوصاً بين أبناء قبائل البدو، والعداوة التي تواجههم بها الأحزاب ومنها حزب بهاراتيا جاناتا الذي يقوده رئيس الوزراء الهندي نريندرا مودي.
يرى المسلمون وغيرهم من البنغاليين أنّ القضية تستخدمها السلطات الهندية كذريعة لتشريدهم من البلاد وتنوي أن تتعامل معهم كالتعامل مع مسلمي الروهينغيا. وفي نتيجة هذه الخلافات، دارت حروب كبيرة بين الطرفين أشهرها مجزرة نيلي التي وقعت عام 1983 في منطقة نيلي، والتي راح ضحيتها بحسب بعض الإحصاءات 3 آلاف مسلم وقيل 5 آلاف. واستمرت الصراعات بين الطرفين في تسعينيات القرن الماضي، وكان الهدف كما يقول المسلمون إجبارهم على ترك المنطقة والنزوح عن أراضٍ ترى قبائل البدو أنّها ملك لها.
مجدداً، جاءت ولاية آسام إلى الواجهة بعد تعهد حزب بهاراتيا جاناتا بإجراء إحصاء سكاني بعد وصوله إلى الحكم في الولاية عام 2016، وقد فعل ذلك. ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2017 جرى الإعلان عن نتائج الإحصاء وسط إجراءات أمنية مشددة. وأثبت الإحصاء أنّ 19 مليون نسمة جرى تسجيلهم كسكان أصليين للولاية من أصل 32 مليون نسمة. وأعطت محكمة آسام مهلة لغير المسجلين، ومن بينهم سبعة ملايين مسلم، أن يثبتوا هويتهم وأن يسلّموا أوارق الهوية والأوراق الثبوتية للإدارات المعنية قبل أن يجري التعامل معهم كلاجئين، وأعطتهم مهلة حتى يونيو/ حزيران الماضي.
لكنّ المسلمين من سكان آسام يروون أنّ السلطات الهندية فرضت عليهم شروطاً تعجيزية لإثبات الهوية، إذ إنّها تطلب منهم أوراقاً تثبت أنهم عاشوا في الهند قبل عام 1971. ويشتكي المسلمون أنّ تلك الأوراق إما لم يتسلموها أساساً من قبل السلطات الهندية، وإما لم يحتفظوا بها بسبب الأمّية وغياب الوعي، وبالتالي لا يمكن لهم أن يفعلوا ذلك. كذلك، فإنّ بعض من يملكون تلك الأوراق يجري التعامل معهم من قبل السلطات بطريقة غير لائقة، ولا يمكن لكثيرين منهم الحصول على الهوية بسبب ذلك التعامل.
بدورها، تصمم السطات الهندية، خصوصاً الحكومة المحلية في ولاية آسام، على التعامل معهم كلاجئين وفق آلية وقوانين الأمم المتحدة للاجئين إذا لم يتمكنوا من تقديم أوراق ثبوتية. وتعود مسألة هذا التاريخ إلى ثمانينيات القرن الماضي، بعدما قُتل مئات الأشخاص في احتجاجات ضد المهاجرين، ما أدى إلى اتفاق عام 1985 بين الحكومة والمتظاهرين، يعلن أنّ أي شخص دخل الدولة من دون وثائق بعد 24 مارس 1971، يعتبر أجنبياً.
بدوره، يقول حاكم إقليم آسام، سربناده سروال، في حوار صحافي: "نحن في صدد تعامل قانوني مع أولئك الذين عجزوا عن تقديم أوراق ثبوتية، وسيحرم هؤلاء من حق المواطنة ومن جميع الحقوق التي يتمتع بها المواطن الهندي. السلطات ستتعامل مع هؤلاء وفق آلية وقانون الأمم المتحدة وتحديداً المفوضية السامية للاجئين، وستكون لهم حقوق تعينها المفوضية"، مشدداً على عدم اعتبار هؤلاء مواطنين هنوداً.
إذا ما طبقت استراتيجية الحكومة الهندية سيحرم الملايين من حق المواطنة وبالنظر إلى تاريخ آسام وما دار فيها من أحداث، لا يُتوقع أن يترك هؤلاء الملايين المنطقة بتلك السهولة التي تتوقعها السلطات الهندية، وبالتالي ستكون تلك بداية لاضطراب عرقي جديد.
اقــرأ أيضاً
وبالرغم من تكتم السلطات الهندية على القضية وجعلها محض قانونية إلاّ أنّ وسائل الإعلام المحلية توجهت صوبها، واعتبرتها مماثلة لقضية مسلمي الروهينغيا في ميانمار. وأطلقت صحيفة "أواز" (النداء) عريضة لتجمع توقيعات من حول العالم، تطلب من الأمم المتحدة أن تتحرك إزاء ملايين المسلمين وغير المسلمين في ولاية آسام، مشيرة إلى أنّ القضية ليست فقط حرمان الملايين من حق المواطنة وتهديدهم بالترحيل بل محاولة لتوجيه الولاية بأكملها نحو حرب أهلية.
تقع ولاية آسام في أقصى شمال شرق الهند بجوار دولة بوتان من جهة الشرق، وبنغلادش من جهة الغرب. تبلغ مساحة هذه الولاية 78.550 كيلومتراً مربعاً. وتتمتع بطبيعة خلابة وتزخر بموارد طبيعية متنوعة، لكنّ حضورها الدائم في وسائل الإعلام ليس بسبب طبيعتها تلك، بل بسبب الاضطهادات العرقية التي تشهدها منذ عام 1952. كذلك، تعاني الولاية من تمركز حركات انفصالية فيها منذ سبعين عاماً.
تشير الإحصاءات إلى أنّ عدد سكان ولاية آسام يصل إلى 32 مليون نسمة. نسبة الهندوس منهم 61.47 في المائة ونسبة المسلمين 34.22، أما المسيحيون فنسبتهم 3.74 في المائة. والباقون هم من السيخ والبوذيين وأتباع ديانات أخرى.
بدأت الاضطهادات العرقية في الولاية عام 1952 عندما حاول المسلمون الاستقرار في المنطقة ووقفت قبائل البدو في وجههم، كونها كانت محرومة من أبسط مقومات الحياة، وكانت تظن أنّ المسلمين، لا سيما الآتين من بنغلادش سبب في حالتهم المعيشية السيئة، كما زعم البدو أنّ المسلمين يضيقون عليهم في ممتلكاتهم. والبدو مجموعة عرقية لها تقاليد وثقافة خاصة، وفيهم هندوس ومسيحيون وأتباع ديانات أخرى، غير أنّ الهندوس المتشددين يشكلون الجزء الأكبر منهم.
وعلى الرغم من مجيء المسلمين إلى الولاية إبان الاحتلال البريطاني للهند، معتبرين أنفسهم من سكانها الأصليين، ترى قبائل البدو أنّهم لاجئون ولا يحق لهم البقاء. وقد أضرّت بالمسلمين كثيراً تقوية العلاقة بين الهندوس والمسيحيين، خصوصاً بين أبناء قبائل البدو، والعداوة التي تواجههم بها الأحزاب ومنها حزب بهاراتيا جاناتا الذي يقوده رئيس الوزراء الهندي نريندرا مودي.
يرى المسلمون وغيرهم من البنغاليين أنّ القضية تستخدمها السلطات الهندية كذريعة لتشريدهم من البلاد وتنوي أن تتعامل معهم كالتعامل مع مسلمي الروهينغيا. وفي نتيجة هذه الخلافات، دارت حروب كبيرة بين الطرفين أشهرها مجزرة نيلي التي وقعت عام 1983 في منطقة نيلي، والتي راح ضحيتها بحسب بعض الإحصاءات 3 آلاف مسلم وقيل 5 آلاف. واستمرت الصراعات بين الطرفين في تسعينيات القرن الماضي، وكان الهدف كما يقول المسلمون إجبارهم على ترك المنطقة والنزوح عن أراضٍ ترى قبائل البدو أنّها ملك لها.
مجدداً، جاءت ولاية آسام إلى الواجهة بعد تعهد حزب بهاراتيا جاناتا بإجراء إحصاء سكاني بعد وصوله إلى الحكم في الولاية عام 2016، وقد فعل ذلك. ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2017 جرى الإعلان عن نتائج الإحصاء وسط إجراءات أمنية مشددة. وأثبت الإحصاء أنّ 19 مليون نسمة جرى تسجيلهم كسكان أصليين للولاية من أصل 32 مليون نسمة. وأعطت محكمة آسام مهلة لغير المسجلين، ومن بينهم سبعة ملايين مسلم، أن يثبتوا هويتهم وأن يسلّموا أوارق الهوية والأوراق الثبوتية للإدارات المعنية قبل أن يجري التعامل معهم كلاجئين، وأعطتهم مهلة حتى يونيو/ حزيران الماضي.
لكنّ المسلمين من سكان آسام يروون أنّ السلطات الهندية فرضت عليهم شروطاً تعجيزية لإثبات الهوية، إذ إنّها تطلب منهم أوراقاً تثبت أنهم عاشوا في الهند قبل عام 1971. ويشتكي المسلمون أنّ تلك الأوراق إما لم يتسلموها أساساً من قبل السلطات الهندية، وإما لم يحتفظوا بها بسبب الأمّية وغياب الوعي، وبالتالي لا يمكن لهم أن يفعلوا ذلك. كذلك، فإنّ بعض من يملكون تلك الأوراق يجري التعامل معهم من قبل السلطات بطريقة غير لائقة، ولا يمكن لكثيرين منهم الحصول على الهوية بسبب ذلك التعامل.
بدورها، تصمم السطات الهندية، خصوصاً الحكومة المحلية في ولاية آسام، على التعامل معهم كلاجئين وفق آلية وقوانين الأمم المتحدة للاجئين إذا لم يتمكنوا من تقديم أوراق ثبوتية. وتعود مسألة هذا التاريخ إلى ثمانينيات القرن الماضي، بعدما قُتل مئات الأشخاص في احتجاجات ضد المهاجرين، ما أدى إلى اتفاق عام 1985 بين الحكومة والمتظاهرين، يعلن أنّ أي شخص دخل الدولة من دون وثائق بعد 24 مارس 1971، يعتبر أجنبياً.
بدوره، يقول حاكم إقليم آسام، سربناده سروال، في حوار صحافي: "نحن في صدد تعامل قانوني مع أولئك الذين عجزوا عن تقديم أوراق ثبوتية، وسيحرم هؤلاء من حق المواطنة ومن جميع الحقوق التي يتمتع بها المواطن الهندي. السلطات ستتعامل مع هؤلاء وفق آلية وقانون الأمم المتحدة وتحديداً المفوضية السامية للاجئين، وستكون لهم حقوق تعينها المفوضية"، مشدداً على عدم اعتبار هؤلاء مواطنين هنوداً.
إذا ما طبقت استراتيجية الحكومة الهندية سيحرم الملايين من حق المواطنة وبالنظر إلى تاريخ آسام وما دار فيها من أحداث، لا يُتوقع أن يترك هؤلاء الملايين المنطقة بتلك السهولة التي تتوقعها السلطات الهندية، وبالتالي ستكون تلك بداية لاضطراب عرقي جديد.
وبالرغم من تكتم السلطات الهندية على القضية وجعلها محض قانونية إلاّ أنّ وسائل الإعلام المحلية توجهت صوبها، واعتبرتها مماثلة لقضية مسلمي الروهينغيا في ميانمار. وأطلقت صحيفة "أواز" (النداء) عريضة لتجمع توقيعات من حول العالم، تطلب من الأمم المتحدة أن تتحرك إزاء ملايين المسلمين وغير المسلمين في ولاية آسام، مشيرة إلى أنّ القضية ليست فقط حرمان الملايين من حق المواطنة وتهديدهم بالترحيل بل محاولة لتوجيه الولاية بأكملها نحو حرب أهلية.