لقطات رمضانية

12 يونيو 2018
الفوانيس من التراث الرمضاني (عبد الرحيم الخطيب/ الأناضول)
+ الخط -

شهر رمضان الكريم، أو المبارك، واحد في موعده السنوي ولو اختُلف حول رؤية هلاله وهلال عيده، وهو واحد في العبادة والعقيدة، صياماً منذ الفجر حتى المغيب، وامتناعاً عن المفطرات باختلاف أشكالها. مع ذلك، فإنّ الشهر الكريم ليس واحداً في عاداته في البلدان الإسلامية ولدى شعوبها، سواء كانت من العادات التقليدية المرتبطة بتاريخ تلك الشعوب الغني والمتنوع، أو المستحدثة والمستوردة.

ينتظر المصريون رمضان سنوياً ليشهدوا ما تفنن به الصانعون من فوانيس جديدة الأشكال ترتبط بالمشاهير الذين يحافظون على مكانتهم أو الطارئين هذا العام، فتكون شخصيات سياسية وفنية ورياضية وغيرها مما يدخل في عالم الرسوم المتحركة أحياناً. هذا العام مثلاً يعرض فانوس نجم كرة القدم، أفضل لاعب في إنكلترا، محمد صلاح، الذي يقود المنتخب المصري في مونديال روسيا بعد أيام.




من جهتهم، لم ينتبه اللبنانيون لشهر رمضان إلاّ عندما حلّ. لم ينشغلوا بالطقس الربيعي المتقلب ما بين حرّ شديد وعواصف ورعود، أو بالمدارس والجامعات والتحضيرات لامتحاناتها النهائية، بل بالانتخابات النيابية التي جرت في السادس من مايو/ أيار الماضي. هذه الانتخابات أكلت زينة الشهر الكريم المعتادة، فالشوارع والساحات بأعمدتها وجدرانها وسمائها احتلتها صور ولافتات المرشحين وامتدت إلى ما بعد الانتخابات، إذ من يجرؤ على إزالة صورة مرشح، خصوصاً إذا كان ممن حققوا النصر البرلماني؟ بذلك، كانت فترة بسيطة جداً ما بين رمضان وتجهيزات استقباله لم تتجاوز أسبوعاً واحداً في معظم الأحيان، واقتصرت في الغالب على الزينة الكبيرة الخاصة بدار الأيتام الإسلامية، فلم تمتد ككلّ سنة إلى المبادرات الشعبية والفردية.

يعيش كلّ بلد أجواء رمضان بمأكولاته ومشروباته وحلوياته المتنوعة، فجميع الشعوب تشترك في العادة، وتتنوع في الذائقة، إذ لكلّ بلد وصفاته الرمضانية المختلفة. ومن دون الدخول في أنواع الأكل الذي يعتمد بعضه الأرزّ وبعضه القمح بمشتقاته، مع اللحوم بأنواعها، والحلويات الهادفة إلى إمداد الصائم بالسكّر الأساسي للطاقة، والمشروبات التي تعوّضه ما خسر من سوائل في نهار الصيام الطويل، فإنّ رمضان يمثل فرصة لكثير من البائعين الموسميين. أحد الشبّان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً لبسطة عصير فتحها في إحدى ضواحي بيروت. وقد لاقى إعلانه، الذي ربطه بأزمة البطالة القائمة في لبنان، تفاعلاً إيجابياً كبيراً، إذ زاره كثيرون يومياً للتزود بمشروب الجلاب وعصير الليمون وغيرهما.

يُعرف عن رمضان أنّه شهر العائلة، إذ يجمع كلّ أفرادها على مائدة الإفطار مهما كان بسيطاً. تلك البساطة مشتركة في كثير من البلدان في ظلّ الأزمة الاقتصادية الشاملة. لكن، كالعادة لا بدّ من حضور التمر إلى المائدة في مختلف الظروف، إذ يرتبط بالسنّة النبوية، وفي رمضان يحاول المسلمون أن يتحصلوا على أكبر قدر من حسنات الشهر أكانت في العبادات الواجبة أو المستحبة.




لكن، بينما يعتبر الزواج حلالاً في رمضان، ولا مانع فيه، فإنّ بعض رجال الدين ينصحون بعدم الزواج خلال الشهر كي يحافظ العروسان على صيامهما، إذ إنّ العلاقة الجنسية نهاراً، من الأبواب المؤدية إلى إبطال الصيام. مع ذلك، كانت لسكان طاجيكستان قبل عامين طفرة غريبة مع الزيجات الرمضانية. ففي يناير/ كانون الثاني 2016، صودق على قانون يحظر زواج الأقارب، على أن ينفذ في الأول من يوليو/ تموز من العام نفسه. يومها وقع رمضان في معظم أيام يونيو/ حزيران، إذ كان عيد الفطر في السادس من يوليو. وبذلك، تهافت الطاجيك، في الشهر الأخير قبل الحظر، على الزواج من أقاربهم، فكانت زيجات رمضانية غير معهودة في البلاد التي تخصص فصل الصيف عادة للزواج، على أن يكون ذلك خارج الشهر الكريم.

صائم مدخن
التحرر من الصيام واضح في كثير من المناطق اللبنانية، خصوصاً في رمضان السنوات الأخيرة الحارّ. المظهر الأبرز هو مطاعم المعجنات المفتوحة الأبواب في كلّ الأوقات. وبينما تمثل السيجارة مظهراً آخر بارزاً لعدم الصيام، فإنّ البعض يحتج بفتوى لا تعتبر التدخين من المفطرات، علماً أنّهم يتخذون تلك الفتوى كذريعة لا أكثر، إذ إنّها مقرونة بفتوى أخرى تحرّم التدخين أساساً.