أطفال البشتون يحتجّون

10 مايو 2018
هل فقدوا أحداً من أقاربهم؟ (ميتين أكتاس/ الأناضول)
+ الخط -
"أيّتها الطفلة الصغيرة، خذي صورة والدك واذهبي من حيث جئتِ. والدك لن يعود ولن يرحمك أحد، بل ولن يتحرّك أحد من أجلك". هذه ترجمة بيتين من الشعر للشاعر البشتوني الشهير ديدار يوسفزي، كتبهما لطفلة صغيرة من منطقة دير في شمال غرب باكستان، شاركت في احتجاج حركة الحماية عن البشتون وهي تحمل بين يديها الصغيرتين صورة والدها الذي اختفى منذ أعوام، بعدما اعتقلته قوات الجيش. وحتى اليوم، لا تعرف عنه شيئاً.

الطفلة، وعشرات الأطفال غيرها، جذبوا أنظار الناس إليهم. كانوا يحملون صور ذويهم المفقودين، ويطالبون بمثولهم أمام المحاكم الباكستانية. وشارك آخرون في الاحتجاجات مطالبين
بحماية حقوق قبائل البشتون من أجل مستقبل أحسن.

مباركه بي بي (75 عاماً) تتحدّر من منطقة دير العليا، وقد شاركت في احتجاج حركة الحماية عن البشتون في منطقة كبل في مقاطعة سوات في التاسع والعشرين من الشهر الماضي. المسنّة الباكستانية أحضرت معها عشرة أطفال هم أحفادها، ليرفعون أصواتهم جميعاً رفضاً لما تعيشه القبائل في مناطق الشمال الغربي. وتنوي الانتقال إلى مدينة كراتشي للمشاركة في الاحتجاج المقبل في 12 الشهر الجاري.



وتقول مباركة إنّ "الجهود الحالية لا مثيل لها في تاريخ باكستان"، لافتة إلى أن قبائل البشتون كانت دائماً ضحية. "لا نريد أن نكون ضحايا، بل أن يعيش جيلنا المستقبلي كما يعيش غيره". تضيف: "أحضرت أطفال أسرتي للمشاركة في هذا الاحتجاج، وسأحضرهم معي للمشاركة في مختلف الاجتماعات مهما تكون الظروف. في الحقيقة، نناضل لأجلهم، وحتى يعيشون كما يعيش الآخرين". وترى أن "مشاركة الأطفال في هذه الاحتجاجات تحمل رسالة قوية للسلطات مفادها أننا استيقظنا من نومنا وأن أطفالنا، وهم مستقبل البلاد، لا يرضون بما نحن رضينا به.
الأطفال سيطرقون كل الأبواب من أجل الحصول على حقوقهم، وها نحن جئنا بهم اليوم حتى يعرفوا أن لهم صوت، ولصوتهم وزن".

أحفاد مباركة، إضافة إلى أطفال كثيرين، يشاركون في احتجاجات قبائل البشتون، بهدف الحصول على حقوقهم، فيما يشارك آخرون بسبب فقدان أو اختفاء أحبّتهم. جلّ هؤلاء تضرّروا من جراء الحروب، أو بسبب طريقة معاملة قوات الأمن والجيش لهم. منهم من قُتل ذويهم بذريعة أو أخرى، في وقت لا يعرف آخرون مصير ذويهم.

معظم هؤلاء الأطفال حضروا مع أمهاتهم. أم صفي الله من سكان منطقة مته في شمال غرب باكستان، وقد جاءت مع ثلاثة أطفال هم أحفادها، الذين كانوا يحملون صور شاب ثلاثيني. تقول إنّ "ابنها صفي الله خرج في أحد الأيام بعد المغرب ليجلب بعض الحاجيات. ولدى خروجه من المنزل، اعتقلته عناصر من الجيش. ثم خرجت الأم وطالبتهم بالإفراج عن ابنها، فأجابتها العناصر بأنها تأخذه بهدف التفتيش، على أن يعود مساء إلى المنزل.

مضت ثمانية أعوام ولم يعد صفي الله بعد. الوالدة التي تبكي كثيراً تكاد تفقد بصرها. تقول: "كلما أنظر إلى هؤلاء الأطفال الذين أتيت بهم إلى هنا للاحتجاج، لا يكون في استطاعتي غير البكاء والأنين، لا سيما حين يحتاجون إلى شيء أو يذكرون والدهم.



ومن بين الفيديوهات التي تناقلها كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يتحدث خلاله أحد الشباب مع طفلة تحمل صورة شخص في يدها. يسأل الشاب الطفلة عن هوية الرجل، فتقول إنّها لا تستطيع أن تذكر اسمه، إذ إنها كلما تذكرته تشعر برغبة في البكاء. لا يشير الفيديو إلى هوية الطفلة. لكن حفظ الناس دموعها التي اشتهرت على وسائل الإعلام المحلية والدولية. هذه الطفلة البريئة تشارك في احتجاج لا تعرف الكثير من التفاصيل عنه. تعرف فقط أنها في هذا المكان من أجل إطلاق سراح عمها الذي تحبه، والذي اعتقلته السلطات الباكستانية قبل أعوام من دون أي سبب.

ولا شك في أنّ المشاركة في الاحتجاجات تؤثّر سلباً على الأطفال من الناحية النفسية، وعلى تعليمهم. لكن في الوقت نفسه، تشير إلى أن الأطفال ضحايا كل ما يحدث في المنطقة.
إلى ذلك، يقول الناشط الاجتماعي عظمت يوسفزاي، إن الأطفال يعدون أكثر المتضررين، إذ إنهم فقدوا آباءهم وأقاربهم، وحرموا من التعليم، وتأذوا.
دلالات