المواطنون المصريون مطالبون بتحمّل أزمة مياه الشرب وبالصبر إلى حين إيجاد حلّ مناسب لها. هذا ما ينصحهم به مسؤولون معنيّون بهذه الأزمة، وكأنّ المطلوب هو أن يعطش الشعب المصري ويبقى ساكناً
تفاقمت أزمة مياه الشرب في مصر بطريقة غير مسبوقة، وامتدت الأزمة لتشمل معظم المحافظات شمالاً وجنوباً. وفي حين يحتجّ المواطنون بشتّى الطرق، تكتفي الحكومة بإصدار تصريحات متضاربة، غير أنّها في النهاية تؤكّد أنّ سبب الأزمة هو نقص منسوب المياه في نهر النيل، وذلك على الرغم من عدم بدء إثيوبيا بعد بتشغيل سدّ النهضة الذي يتوقّع خبراء أن يؤثّر بشدّة على حصّة مصر من مياه النيل.
وقبل أيام، اقتحم عشرات من المواطنين مركز كفر الدوار التابع لمحافظة البحيرة في دلتا مصر، وهو مقرّ شركة مياه الشرب في المركز، وحطّموا كل محتويات المبنى بعدما اشتبكوا مع الموظفين الموجودين في الشركة، والسبب انقطاع المياه عن السكان منذ 10 أيام. ويخبر شهود عيان "العربي الجديد" أنّ "الأهالي توجّهوا إلى مقرّ الشركة للحصول على إجابات شافية حول سبب انقطاع المياه كلّ هذه الفترة، غير أنّ الموظّفين في الشركة لم يتمكّنوا من ذلك. فاشتبك الأهالي معهم وعمدوا إلى تحطيم محتويات الشركة". إلى ذلك، تفيد مصادر أمنية بأنّ اقتحام الأهالي مقرّ شركة مياه الشرب أدّى إلى إصابة ثلاثة موظفين، وقد ألقي القبض على خمسة منهم على أن يجري عرضهم على النيابة العامة.
لا مياه
وتعاني محافظات مصرية عدّة من أزمة في مياه الشرب منذ فترة طويلة، وتؤكد مصادر مطّلعة في محافظة الفيوم لـ"العربي الجديد" أنّ "أربعة مراكز كبرى تمثّل نحو نصف عدد سكان المحافظة تعيش منذ أيام من دون نقطة مياه واحدة". كذلك، يشكو سكان قرى محافظة المنيا في صعيد مصر ونجوعها، من انقطاع المياه كلياً في خلال الليل، بينما يأتي ضخّها ضعيفاً في النهار. لذا يعتمد السكان على المولّدات لسحب المياه الجوفية بهدف توفير احتياجاتهم من مياه الشرب.
في السياق، يقول مصدر مسؤول في شركة مياه الشرب لـ"العربي الجديد" إنّ "الشركة توزّع حصص المياه المتوفّرة لديها في كل محافظة، إنّما من دون تساوٍ. فهي تحرص على توفير المياه باستمرار للمناطق الراقية والغنية، لكنّها لا تفعل ذلك في المناطق الفقيرة، وتعمد إلى المداورة. فالشركة تقطع المياه عن قرية ما لفترة معيّنة ثمّ تعيدها إليها وتقطعها عن قرية مجاورة، وهكذا دواليك". ويوضح المصدر أنّ "مآخذ المياه المنتشرة على طول نهر النيل، والتي تسحب الشركة من خلالها المياه لتقوم بعد ذلك بتنقيتها عبر استخدام الشبّة والكلور، راحت تتوقف كثيراً عن العمل في الفترة الأخيرة نتيجة انخفاض منسوب المياه في النهر الغاطس. وهو ما يؤدّي إلى سحب المولّدات الطين بدلاً من المياه في حال تشغيلها، فتتعطل بالتالي. لذا تضطر الشركة إلى التوقف عن سحب المياه".
وتشهد محافطة كفر الشيخ أزمة مماثلة، أعادها مساعد المحافظ، اللواء حمدي الحشاش، وهو رئيس مركز ومدينة دسوق، إلى انخفاض منسوب نهر النيل. وقد أكّد في تصريحات صحافية أنّ ثمّة محطات توقفت عن العمل بسبب عكارة مياه النيل. وفي السياق، قال مدير عام منطقة مياه الشرب بدسوق، خلال لقاء جماهيري، إنّ قرار توقف المحطات في الوقت الحالي هو "الأفضل" حتى لا يُسمَح بضخّ مياه شرب غير آمنة. وطالب المواطنين بالتحلي بالصبر وتحمّل الأزمة. يُذكر أنّه في مارس/ آذار الماضي، اشتكى سكان شرق الإسكندرية من تلوّث مياه الشرب الآتية من محطة السيوف الرئيسية شرقيّ المدينة، إذ لاحظوا تغيّراً في خواص المياه في المنازل وتحوّل لونها إلى الأصفر وانبعثت منها رائحة كريهة. وهو ما أعاده المسؤولون إلى انخفاض مستوى ترعة المحمودية التي تمدّ الإسكندرية بالمياه العذبة. وقد أكّد حينها رئيس شركة مياه الشرب في الإسكندرية أحمد جابر، في تصريحات صحافية، أنّ انخفاض مستوى المياه في فرع رشيد أدّى إلى انخفاض منسوب المياه، ولم تتمكن محطة مياه السيوف من العمل بكامل طاقتها. لكنّه أشار إلى أنّه جرى التوصّل بالتعاون مع وزارة الري والموارد المائية إلى رفع المنسوب.
اقــرأ أيضاً
غبن واضح
ويحذّر خبراء المياه من تأثر حصة مصر من مياه النيل المقدّرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، بسبب سدّ النهضة الإثيوبي الذي سوف يحرم مصر من نحو 18 مليار متر مكعب بمجرّد البدء في ملء خزّان السدّ، وهو الأمر الذي يهدد ببوار نحو ثلاثة ملايين فدّان من الأراضي الزراعية المصرية. وبحسب ما أكد وزير الموارد المائية السابق محمد نصر الدين علام في تصريحات إعلامية، فإنّ سدّ النهضة الإثيوبي سوف يتسبب بمخاطر رهيبة تطاول مصر، من خلال تبوير مساحات كبيرة من الأراضي تزيد عن مليونَي فدان وتفريغ المياه من السدّ العالي ووقف توربيدات المياه التي تولّد الكهرباء. كذلك سوف يؤدي إلى تدهور كبير جداً في مزارع السمك، إذ سوق يقضي على نسبة تتراوح بين 50 و75 في المائة من تلك المزارع. أضاف علام أنّ السدّ العالي المصري سوف يُحرم من 100 مليار متر مكعب من المياه، وهي الكمية التي تحتاجها عملية ملء سدّ النهضة الإثيوبي، مع احتساب كميات المياه المتسربة إلى باطن الأرض والمقدرة بـ 25 مليار متر مكعب، وذلك خلال فترة تمتد بين أربعة وخمسة أعوام، ما يعني أنّ حصة مصر سوف تقل لتصل إلى 30 مليار متر مكعّب فقط. وهذا أمر يتطلب تعويض ذلك الفرق من المخزون الموجود في بحيرة السدّ العالي والمقدر بـ 60 مليار متر مكعّب. ولأنّ ذلك لن يكفي لخمسة أعوام، فسوف يفرغ السدّ العالي كلياً من المياه وتتوقف التوربيدات تماماً في السنة الثالثة. أمّا في السنة الرابعة فسوف تكون تلك الكمية خصماً من حصة مصر، لتصبح حصتها 30 ملياراً فقط، ما يعني تبوير أربعة ملايين فدّان في السنة الرابعة والخامسة.
وتابع علام في التصريحات نفسها أنّه في سنوات الجفاف التي تمرّ على مصر ومنابع النيل بين حين وآخر، يُخصَم 15 مليار متر مكعّب من حصّة مصر من المياه بشكل طبيعي. وعند حدوث ذلك، سوف تضطر إثيوبيا إلى تفريغ سدّ النهضة من المياه. وبعد ذلك، سوف تحتاج إلى ملئه مرة أخرى، الأمر الذي يجعل مصر تعاني بشدّة من عجز دائم في حصتها المائية. وأشار علام إلى مشكلة أخرى تتمثل في أنّ المياه الجوفية في صعيد مصر سوف تنخفض من مترَين إلى ثلاثة أمتار، أمّا بالنسبة لخزان الدلتا فسوف تهاجمه مياه البحر نتيجة نقص تدفق مياه النيل، الأمر الذي يؤدي إلى تمليح الخزان الجوفي وزيادة معدل التآكل في السواحل الشمالية وكشف مآخذ مياه الشرب في المحافظات والمدن الرئيسية.
وزارة الخارجية
من جهتها، أشارت وزارة الخارجية المصرية إلى أنّ مصر والسودان وإثيوبيا سوف تعقد قمماً دورية مرة كل ستة أشهر. وجاء في بيان أصدرته الوزارة حول اجتماع عقد في أديس أبابا حول مشروع سدّ النهضة الإثيوبي أخيراً، وضم وزراء الخارجية والري ورؤساء الاستخبارات في الدول الثلاث، أنّ "الوزراء أكّدوا على دورية انعقاد القمة الثلاثية على مستوى الرؤساء كل ستة أشهر بالتناوب بين العواصم... من أجل تحقيق تطلعات الشعوب في السلام والأمن والرخاء من خلال التعاون المشترك". ووصفت الخارجية المصرية بيانها بأنّه ترجمة غير رسمية لوثيقة صدرت عن اجتماع أديس ابابا وهو ثاني اجتماع تساعي بين الدول الثلاث حول السدّ الذي تشيّده إثيوبيا.
اقــرأ أيضاً
أضاف البيان أنّ المشاركين في الاجتماع ناقشوا "أفضل السبل" لإنشاء صندوق للبنية التحتية بين الدول الثلاث، واتفقوا على عقد اجتماع في القاهرة في الثالث والرابع من يوليو/ تموز المقبل يشارك فيه مسؤولون كبار من مصر والسودان وإثيوبيا للبحث في الصندوق. وتابع البيان أنّ الوزراء ورؤساء الاستخبارات اتفقوا كذلك على تشكيل مجموعة علمية بحثية تضمّ خمسة أعضاء من كل دولة لبحث "سبل دعم مستوى التفاهم والتعاون بين الدول الثلاث تجاه سدّ النهضة، بما في ذلك مناقشة وتطوير سيناريوهات عدّة تتعلق بقواعد الملء والتشغيل للسدّ". وقد أملت وزارة الخارجية المصرية قبيل الاجتماع، أن يسفر عن "حلول للعقبات" التي تواجه المفاوضات الفنية حول سدّ النهضة.
يُذكر أنّ وزير الخارجية المصري سامح شكري كان قد أفاد بأنّ اجتماعاً فنياً عُقد في العاصمة الإثيوبية في الخامس من مايو/ أيار الجاري وضمّ وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، فشل في كسر الجمود. وكان الاجتماع التساعي الأول الذي عُقد في الخرطوم في السادس من إبريل/ نيسان الماضي، قد فشل في التوصّل إلى اتفاق حول الدراسات الفنية الخاصة بالسدّ.
تفاقمت أزمة مياه الشرب في مصر بطريقة غير مسبوقة، وامتدت الأزمة لتشمل معظم المحافظات شمالاً وجنوباً. وفي حين يحتجّ المواطنون بشتّى الطرق، تكتفي الحكومة بإصدار تصريحات متضاربة، غير أنّها في النهاية تؤكّد أنّ سبب الأزمة هو نقص منسوب المياه في نهر النيل، وذلك على الرغم من عدم بدء إثيوبيا بعد بتشغيل سدّ النهضة الذي يتوقّع خبراء أن يؤثّر بشدّة على حصّة مصر من مياه النيل.
وقبل أيام، اقتحم عشرات من المواطنين مركز كفر الدوار التابع لمحافظة البحيرة في دلتا مصر، وهو مقرّ شركة مياه الشرب في المركز، وحطّموا كل محتويات المبنى بعدما اشتبكوا مع الموظفين الموجودين في الشركة، والسبب انقطاع المياه عن السكان منذ 10 أيام. ويخبر شهود عيان "العربي الجديد" أنّ "الأهالي توجّهوا إلى مقرّ الشركة للحصول على إجابات شافية حول سبب انقطاع المياه كلّ هذه الفترة، غير أنّ الموظّفين في الشركة لم يتمكّنوا من ذلك. فاشتبك الأهالي معهم وعمدوا إلى تحطيم محتويات الشركة". إلى ذلك، تفيد مصادر أمنية بأنّ اقتحام الأهالي مقرّ شركة مياه الشرب أدّى إلى إصابة ثلاثة موظفين، وقد ألقي القبض على خمسة منهم على أن يجري عرضهم على النيابة العامة.
لا مياه
وتعاني محافظات مصرية عدّة من أزمة في مياه الشرب منذ فترة طويلة، وتؤكد مصادر مطّلعة في محافظة الفيوم لـ"العربي الجديد" أنّ "أربعة مراكز كبرى تمثّل نحو نصف عدد سكان المحافظة تعيش منذ أيام من دون نقطة مياه واحدة". كذلك، يشكو سكان قرى محافظة المنيا في صعيد مصر ونجوعها، من انقطاع المياه كلياً في خلال الليل، بينما يأتي ضخّها ضعيفاً في النهار. لذا يعتمد السكان على المولّدات لسحب المياه الجوفية بهدف توفير احتياجاتهم من مياه الشرب.
في السياق، يقول مصدر مسؤول في شركة مياه الشرب لـ"العربي الجديد" إنّ "الشركة توزّع حصص المياه المتوفّرة لديها في كل محافظة، إنّما من دون تساوٍ. فهي تحرص على توفير المياه باستمرار للمناطق الراقية والغنية، لكنّها لا تفعل ذلك في المناطق الفقيرة، وتعمد إلى المداورة. فالشركة تقطع المياه عن قرية ما لفترة معيّنة ثمّ تعيدها إليها وتقطعها عن قرية مجاورة، وهكذا دواليك". ويوضح المصدر أنّ "مآخذ المياه المنتشرة على طول نهر النيل، والتي تسحب الشركة من خلالها المياه لتقوم بعد ذلك بتنقيتها عبر استخدام الشبّة والكلور، راحت تتوقف كثيراً عن العمل في الفترة الأخيرة نتيجة انخفاض منسوب المياه في النهر الغاطس. وهو ما يؤدّي إلى سحب المولّدات الطين بدلاً من المياه في حال تشغيلها، فتتعطل بالتالي. لذا تضطر الشركة إلى التوقف عن سحب المياه".
وتشهد محافطة كفر الشيخ أزمة مماثلة، أعادها مساعد المحافظ، اللواء حمدي الحشاش، وهو رئيس مركز ومدينة دسوق، إلى انخفاض منسوب نهر النيل. وقد أكّد في تصريحات صحافية أنّ ثمّة محطات توقفت عن العمل بسبب عكارة مياه النيل. وفي السياق، قال مدير عام منطقة مياه الشرب بدسوق، خلال لقاء جماهيري، إنّ قرار توقف المحطات في الوقت الحالي هو "الأفضل" حتى لا يُسمَح بضخّ مياه شرب غير آمنة. وطالب المواطنين بالتحلي بالصبر وتحمّل الأزمة. يُذكر أنّه في مارس/ آذار الماضي، اشتكى سكان شرق الإسكندرية من تلوّث مياه الشرب الآتية من محطة السيوف الرئيسية شرقيّ المدينة، إذ لاحظوا تغيّراً في خواص المياه في المنازل وتحوّل لونها إلى الأصفر وانبعثت منها رائحة كريهة. وهو ما أعاده المسؤولون إلى انخفاض مستوى ترعة المحمودية التي تمدّ الإسكندرية بالمياه العذبة. وقد أكّد حينها رئيس شركة مياه الشرب في الإسكندرية أحمد جابر، في تصريحات صحافية، أنّ انخفاض مستوى المياه في فرع رشيد أدّى إلى انخفاض منسوب المياه، ولم تتمكن محطة مياه السيوف من العمل بكامل طاقتها. لكنّه أشار إلى أنّه جرى التوصّل بالتعاون مع وزارة الري والموارد المائية إلى رفع المنسوب.
غبن واضح
ويحذّر خبراء المياه من تأثر حصة مصر من مياه النيل المقدّرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، بسبب سدّ النهضة الإثيوبي الذي سوف يحرم مصر من نحو 18 مليار متر مكعب بمجرّد البدء في ملء خزّان السدّ، وهو الأمر الذي يهدد ببوار نحو ثلاثة ملايين فدّان من الأراضي الزراعية المصرية. وبحسب ما أكد وزير الموارد المائية السابق محمد نصر الدين علام في تصريحات إعلامية، فإنّ سدّ النهضة الإثيوبي سوف يتسبب بمخاطر رهيبة تطاول مصر، من خلال تبوير مساحات كبيرة من الأراضي تزيد عن مليونَي فدان وتفريغ المياه من السدّ العالي ووقف توربيدات المياه التي تولّد الكهرباء. كذلك سوف يؤدي إلى تدهور كبير جداً في مزارع السمك، إذ سوق يقضي على نسبة تتراوح بين 50 و75 في المائة من تلك المزارع. أضاف علام أنّ السدّ العالي المصري سوف يُحرم من 100 مليار متر مكعب من المياه، وهي الكمية التي تحتاجها عملية ملء سدّ النهضة الإثيوبي، مع احتساب كميات المياه المتسربة إلى باطن الأرض والمقدرة بـ 25 مليار متر مكعب، وذلك خلال فترة تمتد بين أربعة وخمسة أعوام، ما يعني أنّ حصة مصر سوف تقل لتصل إلى 30 مليار متر مكعّب فقط. وهذا أمر يتطلب تعويض ذلك الفرق من المخزون الموجود في بحيرة السدّ العالي والمقدر بـ 60 مليار متر مكعّب. ولأنّ ذلك لن يكفي لخمسة أعوام، فسوف يفرغ السدّ العالي كلياً من المياه وتتوقف التوربيدات تماماً في السنة الثالثة. أمّا في السنة الرابعة فسوف تكون تلك الكمية خصماً من حصة مصر، لتصبح حصتها 30 ملياراً فقط، ما يعني تبوير أربعة ملايين فدّان في السنة الرابعة والخامسة.
وتابع علام في التصريحات نفسها أنّه في سنوات الجفاف التي تمرّ على مصر ومنابع النيل بين حين وآخر، يُخصَم 15 مليار متر مكعّب من حصّة مصر من المياه بشكل طبيعي. وعند حدوث ذلك، سوف تضطر إثيوبيا إلى تفريغ سدّ النهضة من المياه. وبعد ذلك، سوف تحتاج إلى ملئه مرة أخرى، الأمر الذي يجعل مصر تعاني بشدّة من عجز دائم في حصتها المائية. وأشار علام إلى مشكلة أخرى تتمثل في أنّ المياه الجوفية في صعيد مصر سوف تنخفض من مترَين إلى ثلاثة أمتار، أمّا بالنسبة لخزان الدلتا فسوف تهاجمه مياه البحر نتيجة نقص تدفق مياه النيل، الأمر الذي يؤدي إلى تمليح الخزان الجوفي وزيادة معدل التآكل في السواحل الشمالية وكشف مآخذ مياه الشرب في المحافظات والمدن الرئيسية.
وزارة الخارجية
من جهتها، أشارت وزارة الخارجية المصرية إلى أنّ مصر والسودان وإثيوبيا سوف تعقد قمماً دورية مرة كل ستة أشهر. وجاء في بيان أصدرته الوزارة حول اجتماع عقد في أديس أبابا حول مشروع سدّ النهضة الإثيوبي أخيراً، وضم وزراء الخارجية والري ورؤساء الاستخبارات في الدول الثلاث، أنّ "الوزراء أكّدوا على دورية انعقاد القمة الثلاثية على مستوى الرؤساء كل ستة أشهر بالتناوب بين العواصم... من أجل تحقيق تطلعات الشعوب في السلام والأمن والرخاء من خلال التعاون المشترك". ووصفت الخارجية المصرية بيانها بأنّه ترجمة غير رسمية لوثيقة صدرت عن اجتماع أديس ابابا وهو ثاني اجتماع تساعي بين الدول الثلاث حول السدّ الذي تشيّده إثيوبيا.
أضاف البيان أنّ المشاركين في الاجتماع ناقشوا "أفضل السبل" لإنشاء صندوق للبنية التحتية بين الدول الثلاث، واتفقوا على عقد اجتماع في القاهرة في الثالث والرابع من يوليو/ تموز المقبل يشارك فيه مسؤولون كبار من مصر والسودان وإثيوبيا للبحث في الصندوق. وتابع البيان أنّ الوزراء ورؤساء الاستخبارات اتفقوا كذلك على تشكيل مجموعة علمية بحثية تضمّ خمسة أعضاء من كل دولة لبحث "سبل دعم مستوى التفاهم والتعاون بين الدول الثلاث تجاه سدّ النهضة، بما في ذلك مناقشة وتطوير سيناريوهات عدّة تتعلق بقواعد الملء والتشغيل للسدّ". وقد أملت وزارة الخارجية المصرية قبيل الاجتماع، أن يسفر عن "حلول للعقبات" التي تواجه المفاوضات الفنية حول سدّ النهضة.
يُذكر أنّ وزير الخارجية المصري سامح شكري كان قد أفاد بأنّ اجتماعاً فنياً عُقد في العاصمة الإثيوبية في الخامس من مايو/ أيار الجاري وضمّ وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان، فشل في كسر الجمود. وكان الاجتماع التساعي الأول الذي عُقد في الخرطوم في السادس من إبريل/ نيسان الماضي، قد فشل في التوصّل إلى اتفاق حول الدراسات الفنية الخاصة بالسدّ.