مهجرو جنوب دمشق... وداع مرير يثقله انتظار الحافلات

02 مايو 2018
تنقل المهجّرين نحو مصير مجهول (تويتر)
+ الخط -


أفراد وعائلات من جنوب العاصمة دمشق ينتظرون بالساعات وصول الحافلات التي ستحملهم في رحلة تهجيرهم المجهولة، تاركين خلفهم بيوتهم وأهلهم، يحملون متاعاً قليلاً وبعض الذكريات.

أبو جلال حزم وعائلته بعض أشيائهم، التي جلبوها معهم من منزلهم في مخيم اليرموك إلى ببيلا، استعداداً لـ"رحلة التهجير المجهولة"، كما يسميها.

وقال في حديث مع "العربي الجديد"، "نحو ست سنوات مرت علينا في جنوب دمشق، شهدنا خلالها القصف والموت والجوع والخوف، ويصعب عليّ وصف مرارتها، لكن أعتقد أن الساعات التي نعيشها اليوم من انتظار وترقب أصعب من كل السنوات التي مضت".

وتابع "كنت أعتقد أنني سأموت بقذيفة أو برميل متفجر، لأدفن إلى جوار أمي وأبي، وأخي قاسم الذي مات من جراء القصف. كانت زيارتي إلى قبورهم قليلة، وأحمل ذكرياتي معهم في منزلنا، أما اليوم فأشعر بأنني أسلب حتى ذكرياتي، ولا أعلم أين سأدفن وحيداً بعيداً عن عائلتي، حتى المنزل الذي بناه أبي وأورثني إياه سأخسره، وهو كل ما أملك في هذا البلد، وهو وطني الحقيقي، وأعتقد أنه لم يعد لي وطن".

أما الثلاثيني زهير فقد وضع في حقيبته بعض الثياب التي تبقت لديه، وجهاز الكمبيوتر المحمول، وبعض الأوراق التي خطّ عليها ذكريات القصف والجوع. وقال في حديث لـ "العربي الجديد"، "هذه الحقيبة الصغيرة هي كل ما تبقّى لي من وطني، بعد أن دمر القصف منزلي، وسرق التهجير ذكرياتي وأحلامي، حتى إنه لن يترك لي الفرصة لأودع المنزل الذي تربيت فيه، ولا قبور عائلتي وأصدقائي".


وأضاف "أعتزم التوجه إلى إدلب، حيث يقيم أحد أصدقائي من ريف دمشق، الذي هجر من مضايا فيما سبق، على الرغم من مخاوفي حول مصير إدلب واحتمال أن تشهد بدورها أعمالاً عسكرية، لكن يبقى الوضع أفضل من الذهاب للعيش في خيمة بريف حلب".

وترك أبو عبد الله، أحد أبناء جنوب دمشق، منزله بما يحتويه من فرش لجاره، وطلب منه أن يُسكن فيه ابنته مع أبنائها، التي فقدت زوجها فيما سبق، علّ وجودها فيه يحول دون تعرضه للتعفيش والنهب، أو أن يسكنه أحد الغرباء"، معرباً عن أمله بأن يعود إليه يوماً.

وبيّن أن "انتظار الحافلات التي ستُخرج أول دفعة من جنوب دمشق، والمقدرة بـ 5 آلاف شخص بين مدني وعسكري، مرير جداً، كأننا في عزاء، دموع زوجتي لا تجف، وكذلك أمي التي ستبقى ولن تغادر معنا. أريد أن يُنجز الأمر بأسرع وقت ممكن، فأنا أموت ببطء، بانتظار أن أسمع أحدهم ينادي على الخارجين بالدفعة الأولى حتى نتوجه إلى الساحة ونصعد بالحافلات".
دلالات
المساهمون