مصر ترفع أسعار سلعها قبل رمضان

14 مايو 2018
الفوانيس لا تغيب عن المشهد (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

يوم الجمعة الأخير من شعبان، وبينما كان حيّ الأزهر الشعبي يعجّ بالناس، وقفت امرأة مصرية في داخل محل عطارة وسألت عن سعر عشبة التمر الهندي. أجابها البائع "بـ 35 يا حاجة"، فردّت مستنكرة "بـ 35؟! دا كان السنة اللي فاتت بـ 15 جنيه". وعقّبت امرأة أخرى كانت تستمع إلى الحديث: "والسنة اللي قبلها كان بستة جنيه... كان عصير الغلابة... دلوقتي لا هيعرفوا يشربوا عصير ولا يركبوا مترو".

وحال هاتَين المرأتين لا يختلف كثيراً عن حال باقي الشعب المصري الذي تفشي همهماته في الشوارع والمواصلات والأسواق بالضجر وضيق الحال بسبب ارتفاع الأسعار المتلاحق، لا سيّما بعدما أقرّت الحكومة المصرية مساء الخميس الماضي في العاشر من مايو/ أيار الجاري، زيادات جديدة على أسعار تذاكر المترو. وكأنّه لم يكن ينقص المصريين إلا غلاء أسعار تذاكر المترو قبل أيام من حلول شهر رمضان، لتكتمل منظومة الغلاء في البلاد.

وكما هي الحال مع التمر الهندي، كذلك الأمر بالنسبة إلى المنتجات الرمضانية بلا استثناء، التي ارتفعت أسعارها. والأسر المتوسطة والفقيرة تتوجّه غالباً إلى أحياء مثل الأزهر والعتبة والموسكي، لشراء حاجياتها نظراً إلى أنّ البيع فيها يكون بسعر الجملة. فالبلح الناشف على سبيل المثل، يُباع في حيّ الأزهر بـ 22 جنيهاً مصرياً (نحو 1.20 دولار أميركي)، بينما يبدأ سعره في المراكز التجارية الكبرى بـ 35 جنيهاً (نحو دولارَين). قمر الدين تتفاوت أسعاره كذلك في الأسواق المصرية، بينما يبقى الإنتاج السوري الأغلى ثمناً، نظراً إلى جودته العالية بالمقارنة بالمصري.

سامي صاحب أحد محال حيّ الأزهر الشعبي، يقول إنّ "الناس يشترون حاجياتهم من هنا، لأنّها بسعر الجملة. كيس المكرونة هنا بـ 3.5 جنيهات في حين يُباع بستة جنيهات في الخارج. والأمر شبيه بالنسبة إلى الأرزّ والزيت والصلصة والشاي وما إليها". يضيف سامي تاجر وهو ينفث دخان سيجارته وينهي حسابات معلّقة، أنّ "الناس غلابة. ثمّة زبائن يقصدون المحل ويسألون عن أرخص الأسعار ويدوّنونها على ورقة قبل أن يقولوا: هبقى أعدّي عليك تاني. هم يجرون حساباتهم قبل أن يعودوا ليشتروا ما يحتاجونه".




إلى ذلك، وقبل نحو أسبوع من حلول شهر رمضان، زادت أسعار اللحوم. فارتفع كيلوغرام اللحم البلدي من 100 جنيه (نحو 5.6 دولارات) إلى 120 و140 (نحو 6.8 و 8 دولارات) بحسب منطقة البيع وصفاء اللحم. وارتفع كذلك كيلوغرام الدجاج إلى 35 جنيهاً (نحو دولارَين) وكيلوغرام الدجاج المخلي إلى 78 جنيهاً (نحو 4.5 دولارات).

من جهة أخرى، وبعدما كانت جهات حكومية عدّة تصرف لموظفيها منحاً مالية بمناسبة شهر رمضان، فإنّها عمدت هذا العام إلى إجبار موظفيها على الشراء من منافذ بيع القوات المسلحة المصرية، من خلال صرف "بونات" (قسائم شرائية) بقيمة مالية محددة. يُذكر أنّ أسعار البضائع في منافذ بيع القوات المسلحة هي أقل من أسعار السوق. وتقول منال حسن، وهي موظفة في هيئة قصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية، إنّ "الهيئة منحت كلّ موظف قسيمة لشراء سلع رمضان من منافذ القوات المسلحة. نحن مجبرون على الشراء من هناك... طيب أنا مابحبّش اللحمة والفراخ عندهم... وماليش حقّ أشتريها من مكان تاني".

ويتكرر السيناريو نفسه في كل عام، إذ ترتفع الأسعار بشكل مبالغ فيه قبل شهر رمضان، ويندّد إعلاميو النظام بـ"جشع التجّار"، فتخرج الحكومة بتصريحات "مداوية وحريصة على مصلحة المواطن"، وتناشد المواطنين بالتوجّه إلى منافذ بيع القوات المسلحة المصرية. وخلال الأيام القليلة الماضية، صدرت بيانات صحافية حكومية تفيد بأنّه "استعداداً لاستقبال شهر رمضان، بدأت منافذ الجيش والشرطة - الثابتة والمتحركة - في تلبية الاحتياجات المتزايدة، بمضاعفة حجم السلع المعروضة. وتمّت زيادة عدد المنافذ بافتتاح 46 منفذاً جديداً في 18 محافظة، في المناطق الفقيرة والنائية، ليبلغ بذلك إجمالي عدد المنافذ 195 منفذاً ثابتاً و1000 عربة متنقلة".




كذلك، أعلنت وزارة الداخلية المصرية مشاركة "منظومة أمان" التابعة للوزارة في معرض "أهلاً رمضان" المقام في معرض القاهرة الدولي في مدينة نصر شمال العاصمة، وقد خُصّصت مساحة مناسبة لطرح كل أنواع السلع الغذائية الأساسية واللحوم والدواجن ومستلزمات رمضان بكميات كبيرة وبأسعار مخفضة بالمقارنة بمثيلاتها في الأسواق. ويأتي ذلك في إطار "المبادرات التي تساهم في توفير السلع الأساسية للمواطنين من خلال منظومة أمان للمنتجات الغذائية، بأسعار مناسبة في ضوء اقتراب شهر رمضان الكريم"، بحسب ما تؤكد الوزارة.

تجدر الإشارة إلى أنّ قلّة من المصريين أقبلت على "الياميش" هذا العام، وقد اقتصر بيعه على المراكز التجارية الكبرى وفي محلات العطارة، مع تسجيل إقبال محدود. إلى ذلك، تجاوز سعر كيلوغرام البندق 250 جنيهاً (14 دولاراً)، وكيلوغرام اللوز 350 جنيهاً (نحو 20 دولاراً)، وكيلوغرام الفستق مع قشره 370 جنيهاً (نحو 21 دولاراً)، وكيلوغرام حبوب الفستق المقشور 550 جنيهاً (نحو 31 دولاراً)، وكيلوغرام الجوز "عين الجمل" 360 جينهاً (نحو 20.5 دولاراً).