تقرير حقوقي: محاكم مصر لا تتعامل بحذر مع عقوبة الإعدام

10 مايو 2018
إحالة 15 قضية للمفتي في مصر خلال إبريل (Getty)
+ الخط -
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية - منظمة مجتمع مدني مصرية- تقريرا رصدت فيه "إحالة 15 قضية مختلفة وأحكاما ابتدائية ونهائية متفرقة بالإعدام للمفتي في إبريل/ نيسان الماضي، وقالت إن "المحاكم الجنائية في مصر تتخلى عن حذرها في التعامل مع هذه العقوبة".

وبحسب التقرير الصادر اليوم الخميس، ما زالت وتيرة الإعدام في مصر في ارتفاع مستمر منذ منتصف 2017، وينطبق هذا على قرارات الإحالة وعلى أحكام التأكيد في مختلف درجات التقاضي، كما أصبح ينطبق أخيرا على السرعة في تنفيذ الإعدامات.

وأضاف التقرير: "انتهى شهر إبريل/ نيسان 2018 كواحد من أسوأ الشهور في معدلات إصدار أحكام بالإعدام. غالبية القضايا هي جنائية ذات طابع غير سياسي، وعدد المحكوم عليهم في القضية الواحدة وصل في إحدى القضايا الجنائية إلى 45 شخصًا... حتى ليتساءل المتابع عمَّا إذا لم يكن في جعبة قضاة الجنايات في مصر غير عقوبة الإعدام".

وتابعت المبادرة: "بدأ شهر إبريل/ نيسان في يومه الأول بقرار محكمة النقض برفض الطعن المقدم من عادل عبد النور الشهير بعسلية، على الحكم الصادر ضده بالإعدام في القضية التي اتهم فيها بقتل صاحب محمصة بالإسكندرية وظهر في إحدى كاميرات المراقبة وهو يقوم بذبح المجني عليه. وكانت المحكمة قد أحالت أوراقه إلى المفتي بتاريخ 9 مارس/ آذار 2017".

وأكملت: "وفي الأسبوع الأول فقط من الشهر، صدرت القرارات الآتية: حكم واحد بالإعدام عن محكمة جنايات القاهرة في جريمة قتل عمد في مشاجرة بسبب أولوية المرور، ثم بتاريخ 3 إبريل/ نيسان صدر حكم بالإعدام عن جنايات شبين الكوم ضد شخصين، ثم قرار بالإعدام على أربعة متهمين عن محكمة سوهاج بسبب خصومة ثأرية، وبتاريخ 5 إبريل/ نيسان أصدرت جنايات حلوان حكما بإعدام متهمَين اثنين في قضية قتل مرتبطة بجريمة سرقة.

وبتاريخ 10 إبريل/ نيسان، أصدرت محكمة جنايات الإسماعيلية حكما بالإعدام على متهم بذبح والده. وفي نفس اليوم، أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالإعدام ضد 11 شخصا في القضية المعروفة باسم مشاجرة غسيل السيارات في مصر القديمة، وهي المشاجرة التي قُتل فيها مواطنان وأصيب خمسة. وصدر ثالث حكم بالإعدام في نفس اليوم على شقيقين متهمين بقتل مقاول وإشعال النار في جثته".

وتتابعت أخبار أحكام الإعدام، وأشهر القضايا كانت بتاريخ 11 إبريل/ نيسان وصدر فيها الحكم عن المحكمة العسكرية بإحالة 36 متهما إلى المفتي في محاكمة مرتكبي تفجيرات الكنائس أو القضية 165 عسكرية، على خلفية ضلوعهم في التفجيرات التي استهدفت الكنيسة البطرسية بالعباسية، وماري جرجس بطنطا، والمرقسية بالإسكندرية، وقد تحددت جلسة 15 مايو/ أيار لإصدار الحكم" بحسب التقرير.

وتابع التقرير: "وبتاريخ 12 إبريل/ نيسان، أصدرت جنايات الزقازيق حكما بإعدام 3 أشخاص في قضية تتعلق بمشاجرة دامية بين عائلتين. وبتاريخ 15 من نفس الشهر، صدر حكم إعدام في جريمة قتل أخرى عن جنايات الزقازيق كذلك. وبتاريخ 16 إبريل، صدر حكم بالإعدام على ثلاثة متهمين بقتل شقيقهم عن جنايات الإسكندرية، وفي 17 أصدرت جنايات القاهرة حكما بإعدام متهم بقتل طالبة يمنية بهدف سرقتها. وبتاريخ 15 إبريل/ نيسان جاء تأييد ثانٍ من محكمة النقض لأحكام بالإعدام في قضية خلية أوسيم: حيث رفضت المحكمة الطعن المقدم من المتهمين الـ24 وقضت بقبول الأحكام الصادرة ضدهم قبل شهرين بمعاقبة أربعة متهمين بالإعدام".

أمَّا عن الإحاﻻت إلى المفتي فقال عنها التقرير: "لم تقل سرعة بخلاف قضية تفجيرات الكنائس، وقد صدرت قرارات بالإحالة في 15 قضية أخرى، آخرها كان في 27 إبريل/ نيسان في جريمة قتل طفل بمنطقة المعصرة، وكان إجمالي عدد المحالة أوراقهم إلى المفتي في هذه القضايا التي قامت المبادرة المصرية بحصرها 118 شخصا".

أما أشهر هذه القضايا التي رصدها التقرير، فهي القضية التي عُرفت إعلاميًّا بقضية الغجر والصعايدة، حيث قضت محكمة جنايات الإسكندرية بتاريخ 14 إبريل/ نيسان بإحالة أوراق 45 متهما إلى المفتي لاتهامهم بقتل ثلاثة مواطنين في مشاجرة بالأسلحة النارية والبيضاء. ومن الملاحظ أن وقائع هذه القضية تعود إلى عام 2012.

وقالت المبادرة المصرية، وإن لم تسنح لها الفرصة للاطلاع على أوراق كل القضايا المذكورة وتطوير موقف قانوني منها ورصْد ضمانات المحاكمة العادلة- والتي تعد من الحقوق الدستورية الأساسية- إنها تود أن تلفت النظر إلى الإيقاع المتسارع الذي يحدث به هذا التغيير الحاد في مزاج القضاء الجنائي المصري.

وأضافت: "كانت مصر فيما مضى وحتى العام 2012 من أكثر الدول المتحفّظة في استخدام عقوبة الإعدام (بين الدول التي ما زالت تحتفظ بالعقوبة في قوانينها وفي الممارسة القضائية)، واليوم يبدو أن هذا التحفظ، الذي يبرره أن عقوبة الإعدام يستحيل التراجع عنها بعد التنفيذ بعكس أي عقوبة أخرى، ينحسر لمصلحة حماس متزايدا تجاه عقوبة الإعدام من المشرع ومن محاكم الجنايات. وجدير بالذكر أن هذا التغيير لا ينطبق فقط على جرائم الإرهاب والعنف السياسي".

وأكدت موقفها المطالب بتعليق العمل بعقوبة الإعدام ولو بصورة مؤقتة إلى حين فتح النقاش المجتمعي حول إلغاء العقوبة بشكل كامل، وذلك وفقًا لما اقترحته الحكومة المصرية أثناء التصويت على القرار المتعلق بالعقوبة في جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين (التعديل السادس، L.41).

كما طالبت البرلمان بإعادة النظر في قوانين العقوبات التي يزيد عدد النصوص التي تعاقب بالإعدام فيها بشكل مستمر، بحيث لا توقّع تلك العقوبة إلا في الجرائم الأشد خطرًا، وفي أضيق نطاق مع تعديل قانون الإجراءات الجنائية، بحيث لا يحال المدنيون المتهمون بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو إلى المحاكم العسكرية لأي سبب كان.

المساهمون