مهرجان الربيع... فشل جديد للنظام السوري في حماة

28 ابريل 2018
حضور خجول جداً في فعاليات المهرجان (فيسبوك)
+ الخط -
لم ينجح مهرجان الربيع في حماة كما تمنّى النظام السوري أن يكون هذا العام، ولم يتمكن من استقطاب أهالي المدينة لحضور الفعاليات التي طغى الوجود العسكري فيها، وسط مخاوف من تفجيرات مفتعلة، ومشاعر نقمة وحزن على الشهداء والمعتقلين في سجونه.

وبعد غياب للفعاليات والنشاطات الاقتصادية والسياحية عن مدينة حماة على مدى سبع سنوات خلال الحرب في سورية، وسوء الأوضاع الأمنية التي سادت فيها، نظّم مجلس محافظة حماة مهرجان الربيع الذي اشتهرت به المدينة، أول من أمس الخميس. لكن فعاليات المهرجان هذه المرة لم تكن كسابقاتها قبل الحرب، التي اشتهرت بها حماة وكانت تحييها حول أسوار قلعتها الأثرية قرب حيّ المدينة، وكانت مقصداً لمئات الآلاف من السوريون من شتى المحافظات بهدف التسوّق والسياحة.

ويوضح محمد العابد، الشاب الثلاثيني من مدينة حماة، لـ"العربي الجديد"، أن النظام سعى من خلال تفعيل هذا المهرجان إلى إظهار المدينة كأنها آمنة، وأن سيطرته عليها كاملة. وقال "إنه وسيلة من وسائل الدعاية الإعلامية للنظام، وكما قالت وكالة "سانا" إن المهرجان هدية لتضحيات جيش النظام، وإثبات بأن سورية بدأت عودتها إلى ما قبل الحرب".

إلّا أن الضجيج الإعلامي الكبير الذي أحدثه النظام حول هذا المهرجان وفعالياته لم يكن مجدياً لدى أهالي مدينة حماة، فالحضور ظلّ منذ الافتتاح وحتى اليوم خجولاً جداً، نسبة إلى المهرجانات السابقة التي كانت تقام قبل الحرب، مع العلم أن عدد سكان المدينة زاد مرة ونصف المرة.

يضاف إلى ذلك أن أكثر من 120 محلاً تجارياً لم تستثمر في الفعاليات من قبل تجار حماة، وهذا دليل واضح على فشل المهرجان اقتصادياً واجتماعياً.

وعن أسباب امتناع الأهالي من حضور المهرجان وفعالياته، قال أبو عامر، الرجل الخمسيني من حماة، إن المهرجان ركّز على الفعاليات السياسية التي تمجّد قوات النظام وبشار الأسد، وهذا ما يرفضه الأهالي. وأضاف: "على الرغم من محاولات النظام إرغام الناس على إعادة تقبله من جديد، كيف سيمجدّون من اعتقل الآلاف من أبنائهم، وقتل المئات من شبانّهم".

عشرات المحال التجارية لم تشارك (فيسبوك) 


وأشار إلى أن خوف الشبّان، خصوصاً المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، والدوريات الأمنية التي تطوّق أرجاء المهرجان وتعمل على تفتيش المارة والتدقيق، كانا سببين بارزين في قلة عدد الزائرين، لا سيما أن أغلب شبّان مدينة حماة أصبحوا مطلوبين لكلتا الخدمتين، فضلاً عن المطلوبين أمنياً. وقال أبو عامر: "تعتبر مناطق التجمع والمهرجانات منطقة صيد ثمينة للنظام لاصطياد المطلوبين له".



ومن أسباب فشل المهرجان أيضاً خوف المدنيين من نسبة الحضور الكبيرة لعناصر النظام ومليشياته بالزيّ العسكري. فالمهرجان ازدحم بمئات العناصر في أرجائه، الذين وجدوا فيه مكاناً مناسباً للتسكّع وابتزاز الفتيات من أهالي المدينة والتصرف غير اللائق بحقهن. وخوف المدنيين من عناصر النظام والأفرع الأمنية صار هاجساً يمنع الأهالي من حضور المهرجان.

أم حسن، امرأة خمسينية من حماة، قالت لـ"العربي الجديد"، إن المدينة وما مرّت به خلال سنوات الحرب السابقة ليست مهيأة لهذه الاحتفالات والأفراح، بالكاد يخلو منزل في حماة من معتقل أو قتيل على أيدي قوات النظام التي نظمت المهرجان لتمجد ما تسميه "انتصارات".

الحضور ضعيف ومخاوف من تفجيرات (فيسبوك) 


وعلى الرغم من إرغام المحال التجارية في أسواق حماة على الإغلاق بالكامل عند السادسة عصراً، بهدف إجبار الأهالي على التسوق أثناء المهرجان، إلا أن الأهالي امتنعوا عن الحضور، واقتصر الوجود على العسكريين وسكان مناطق ريف حماة الموالية للنظام.

ويضاف إلى الأسباب السابقة خوف الأهالي من أي تفجير مفتعل من النظام. إذ اعتاد المدنيون على هذا التصرف في كل فعالية سياسية، لتظهر قيادات حماة الأمنية لرؤسائها في دمشق من خلال التفجير أن المدينة غير آمنة لمنع سحبهم إلى الجبهات الساخنة حول حماة.

ولم تنجح مساعي النظام السوري في إعادة مدينة حماة إلى ما قبل بداية الثورة السورية، على الرغم من مساعيه إلى إنهاء معالم الثورة السورية ودفنها إلى الأبد، وإعادة الحياة إلى سابق عهدها. لكن الحقيقة أن الحضور العسكري منتشر هنا وهناك، والحواجز رفضت إدارة الفروع الأمنية إزالتها من المدينة، ومئات العناصر متوزعون بزيهم العسكري في أرجاء المدينة وأسواقها، وتسلط عناصر النظام على المحال التجارية والتجار، خصوصاً تجار الألبسة والأجهزة الكهربائية والمواد الغذائية، لا يزال مستمراً، وفق أهالي حماة.

يؤكد أهالي حماة أن الحياة فيها لن تعود إلى طبيعتها ما لم يعد أبناؤهم من سجون النظام، وما لم تحقق الثورة أهدافها بزوال هذا النظام وقيام نظام يحترم المواطنين وحقوقهم.