صيدليات وهمية وعيادات لغير الأطباء تزيد مرضى الكبد الفيروسي في واسط العراقية

02 مارس 2018
لا تتوفر علاجات ناجعة وسريعة للمرض (Getty)
+ الخط -
تزايدت أعداد المصابين بمرض التهاب الكبد الفيروسي في مناطق جنوب العراق، خلال السنوات الأربع الماضية بشكل لافت، إذ تشير إحصائيات رسمية إلى تصاعد معدل حالات الإصابة، لا سيما في مدينة واسط في الجهة الشرقية الجنوبية من البلاد، المحاذية لحدود إيران.

وقال طبيب من دائرة صحة واسط، إنّ "المرض يعصف بالمحافظات الجنوبية بشكل كبير، ليس فقط في مدينة واسط، إنما في عموم المدن والبلدات التي تشهد إهمالاً واضحا من قبل الحكومة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "انتشار ظاهرة المضمدين غير المجازين من قبل الدوائر الصحية الرسمية، واستخدامهم لأنواع رديئة من الأدوات الطبية، كالحقن والأجهزة الوريدية (كانيولا)، أدى إلى ارتفاع أعداد المصابين".

وأضاف أنّ "بعض الحالات تكتشف بعد فوات الآوان وحصول الفشل الكلوي ومن ثم الوفاة سريعاً"، لافتا إلى أن "واسط تعد من أكثر المحافظات العراقية التي تنتشر فيها الصيدليات الوهمية، إلى جانب العيادات التي يفتتحها أشخاص غير مختصين بالطب، إنما ورثوا المهنة عن آبائهم وأجدادهم".

ويعرّف المختصون التهاب الكبد الفيروسي، بأنه إصابة في خلايا الكبد ناتجة عن انتقال أحد الفيروسات المسببة له، وهي أنواع مختلفة، لكن الشائع منها والأكثر خطورة هو A،B،C،D. وفي حال تفاقمه يؤدي إلى تليف الكبد وسرطان الكبد وصولاً إلى الوفاة، خصوصاً في النوعين B وC، إذ غالباً ما يدرك المريض إصابته بعد فترة طويلة، ولا تتوافر علاجات ناجعة وسريعة للمرض، غير أن نسبة كبيرة من المرضى يتماثلون للشفاء تدريجياً وإلا سيكون الموت أمراً حتمياً.

ووفق منظمة الصحة العالمية، فإنّ التهاب الكبد من النوع C ينتقل عن طريق الدم أو الاتصال الجنسي، فيما تتسبب عمليات نقل الدم أو الوخز بالإبر الصينية، أو الوشم أو شفرات الحلاقة، أو معدات الأسنان والغسيل الكلوي، واستعمال المناظير الداخلية والحقن غير المعقمة بانتقال النوع B، أما النوع A فهو الأقل خطورة، وينتقل بشكل رئيس من خلال تناول الأطعمة والمشروبات غير النظيفة.

ويؤكد المجلس المحلي لمدينة واسط، ارتفاع أعداد الحالات المصابة بالمرض. وتقول عضوة لجنة الصحة في المحافظة مريم الجيزاني، إنّ "الحالات ازدادت بشكل لافت خلال السنوات الماضية، ولا يوجد اهتمام رسمي من الحكومة العراقية أو وزارة الصحة".

وتشير في تصريحها لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "واسط أكثر محافظة تسجل هذا الارتفاع، ومع ذلك فالمصاب لا يمكنه تدبر أمر علاجه داخل المدينة، فالبلاد بطولها وعرضها لا تتوفر إلا على مركز واحد وهو في بغداد، ويجد المريض أمامه طابورا طويلا ويضطر للانتظار لفترة  لكي يحصل على العلاج الذي يكون غالباً غير ناجع".

وتشير إحصاءات رسمية حصل عليها "العربي الجديد"، إلى أن المستشفيات الحكومية في واسط سجّلت خلال العام 2013، 151 إصابة من النوع (B)، و61 من النوع (C)، وهي تخص فقط الأشخاص الذين راجعوا هذه المستشفيات وأجروا الفحوصات اللازمة، ولا تشمل المصابين بالمرض في عموم المحافظة.


ويلاحظ من خلال المعطيات، أن عدد الإصابات ارتفع في العام 2014 ليصل إلى 261 ضمن النوع (B)، و95 ضمن النوع (C)، وسجل في العام 2015، 181 إصابة من النوع (B) و(42) من النوع (C) لترتفع خلال 2017 ومطلع 2018 إلى الضعف، خاصة في القرى والأرياف وضواحي المدن الكبيرة.

وسجلت محافظات أخرى ارتفاعا في أعداد المصابين، مثل كربلاء التي يتم تحويل مرضاها إلى النجف وبابل ومن ثم إلى بغداد بسبب عدم توفر الأدوية، بالإضافة إلى عدم توفر جهاز الـ(BCR) المخصص للقيام بالكشف عن الفيروسات في عينات الدم التي تفحص فيه.

وتُرجع دائرة صحة كربلاء، تزايد حالات الإصابة بالفيروس إلى قدوم الملايين من الزائرين سنويا للمدينة لغرض زيارة المراقد الدينية، الأمر الذي تعده ناقلاً لالتهاب الكبد الفيروسي في المحافظة. في حين سجلت محافظة ذي قار(جنوب العراق) خلال العام الماضي، 67 إصابة فقط من النوع (B) وأربع حالات فقط من النوع (C).

من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن لجنة الصحة هاني العقابي، أن الممرضين في المستشفيات ينقلون العدوى دون علمهم بذلك إلى مواطنين غير مصابين. وقال العقابي في إفادات صحفية، إنّ "نقص أعداد الممرضين في مستشفيات المحافظات العراقية الجنوبية، هو سبب خطير لانتقال العدوى، فمن المفترض أن يكون لكل مريض بالفيروس ممرض واحد لا يفارقه، لكن ما يحدث هو أن الممرض لديه أكثر من مراجع في المستشفى، وبالتالي فهو ينقل الفيروس من المصاب لشخص آخر سليم".


بدورها، رأت وزارة الصحة والبيئة العراقية، أن زيادة أعداد المصابين في المناطق الجنوبية لا تعني أنها ظاهرة منتشرة. وقال المتحدث باسمها سيف البدر، لـ"العربي الجديد"، إن "الأرقام المسجلة حاليا من المصابين لم تخرج عن المعدل الطبيعي".

وأضاف أن الوزارة "مستمرة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة زيادة الحالات المتأثرة بالنوعين C وB، التي تتعلق باللقاح والتوعية عن كيفية التعامل مع الحالات"، مشيرا إلى أن "الصحة لديها محطات للكشف المبكر عن المرض، وعلى المواطنين الفحص بين فترة وأخرى".

المساهمون