هكذا بدأ الاحتفال بعيد الأم في بريطانيا

11 مارس 2018
علاقة الأم بأطفالها تستمر طوال العمر (Getty)
+ الخط -

بينما تحتفل دول عدة بعيد الأم في الحادي والعشرين من مارس/ آذار الجاري، فإنّ بريطانيا تحتفل به اليوم الأحد بالذات تبعاً لتقويم ديني. في هذا اليوم تتذكر الأمهات أبناءهن، ويحتار الأبناء في ما يقدمونه لهن

يحتفل العالم بعيد الأم كلّ عام في تواريخ مختلفة. يتهافت الجميع على العيد مهما تقدّم بهم العمر، فبحسب ما قيل، لا يشعر الإنسان بالشيخوخة إلاّ حين تموت والدته. مع ذلك، يجهل كثيرون من بيننا أساس هذه المناسبة، التي قد تعود جذورها إلى الإغريق القدماء، الذين كانوا يحتفلون بأم الآلهة "ريّا"، مع حلول كلّ ربيع، أو الرومان الذين كانوا يحتفلون بالإلهة الأم "كوبيلي" في مارس/آذار، قبل المسيح بمائتين وخمسين عاماً.

في بريطانيا وإيرلندا يقع الاحتفال خلال فترة الصوم، وهي عادة متبعة منذ القرن السادس عشر. وبما أنّ معظم الاحتفالات والمناسبات ترتبط عادة بخلفيات دينية، أدّت إلى اعتمادها حتى أصبح بعضها تقليداً مع مرور الوقت، فإنّ الاحتفال بيوم الأم، جاء في هذا الإطار. يتزامن الاحتفال في بريطانيا مع الأحد الذي يسبق بثلاثة أسابيع عيد الفصح، ويصادف هذا العام اليوم بالذات في الحادي عشر من مارس/ آذار. كان هذا اليوم في الأساس، يوماً لتكريم وشكر السيدة مريم العذراء، فكان الناس يزورون الكنيسة الرئيسية أو الكاتدرائية في منطقة العائلة.

لكنّ نطاق هذا اليوم الديني، امتد من شكر الأم مريم العذراء إلى مناسبة شكر وتقدير لجميع الأمهات.
بعد مضيّ قرون انخفضت شعبية هذا اليوم، وباتت أوروبا تحتفل به بشكل أقل حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية. حينها شعر الجنود بحاجة ماسة لتقديم الشكر لأمهاتهم أثناء الحرب وعادوا إلى إحيائه فاكتسب مكانة عالية في بريطانيا.



وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع عدد من الأمهات عمّا يرغبن في الحصول عليه في هذه المناسبة، جاءت مشاعرهن لتطغى على أيّ هدايا مادية، وعبّرن بغالبيتهن، عن فرحتهن بأيّ شيء أو لفتة بسيطة يتلقينها، كونها ترمز إلى تقدير وحبّ أبنائهن لهن، كما تمنّت أخريات، لقاء يجمعهن بأبنائهن وبناتهن، ولو لساعات معدودات، في زمن بات يصعب فيه الاجتماع بالعائلة.

تستذكر مارغريت (65 عاماً) وهي لبنانية بريطانية، أول هدية قدّمها لها ابنها حين كان في السابعة أو الثامنة من العمر، وكانت عبارة عن منفضة زجاجية فيها أزهار ولوح من الشوكولا المفضلة لديها. تعلق: "شعرت يومها بفرحة كبيرة تغمرني، لأنّ حب طفلي لي كان أجمل أنواع المشاعر التي اختبرتها في حياتي". تضيف: "كذلك، أذكر بحرقة اليوم الذي قال لي فيه: أنا أكرهك... وكان في الرابعة عشرة إذ غضب وفقد السيطرة على أعصابه. ما أوّد إيضاحه، أنّ أي كلمة أو حركة يقوم بها أبناؤنا ومهما كانت بسيطة، تترك في نفوسنا أثراً كبيراً لا تدرك معناه إلاّ من اختبرت الأمومة".

في المقابل، يبدي العديد من الأبناء حيرتهم في ما يقدّمونه لأمّهاتهم في هذا اليوم. يقول مارك (32 عاماً) إنّه سيقدّم لها مبلغاً من المال هذا العام، ويترك لها حرية شراء ما تحتاجه أو ترغب فيه، بينما يفكّر آخرون في اصطحابها لتناول الغداء أو العشاء في الخارج، وإمضاء المزيد من الوقت معها، وهو جلّ ما يفتقدونه بسبب الانشغال اليومي في أمور الحياة المختلفة.

تختلف جذور عيد الأمهات كلياً في الولايات المتحدة، التي تحتفل به في ثاني يوم أحد من مايو/أيار من كلّ عام، فيصادف هذا العام في الثالث عشر من مايو المقبل. بدأ الاحتفال بالعيد في الولايات المتحدة عام 1908 من قبل سيدة تدعى آنّا جارفيس من فيرجينيا الغربية، تكريماً لأمّها الراحلة. كافحت جارفيس لإنشاء يوم يكرّم جميع الأمهات بعد وفاة والدتها آن جارفيس التي كانت قد أسست قبلها يوم صداقة للأمهات، وذلك عام 1868 من أجل إعادة اللحمة بين العائلات في أعقاب الحرب الأهلية الأميركية. لكنّ خطوة آنّا الابنة ذهبت إلى أبعد حدّ، إذ تحول العيد منذ عام 1908 إلى رسمي تدريجياً وصولاً إلى التاسع من مايو 1914 عندما وقّع الرئيس الأميركي وودرو ويلسون إعلاناً باعتباره يوماً للأم على مستوى كلّ الولايات المتحدة.



أمّا في البلدان العربية، فبدأ الاحتفال به أول مرة عام 1956، وكان الصحافي المصري مصطفى أمين قد طرح الفكرة عام 1943. وبات يحتفل به في 21 مارس/ آذار من كلّ عام.

درجت العادة، أن تقدّم بطاقات المعايدة والأزهار للأمّهات في بريطانيا، لذلك تصادف الزهور في كلّ مكان مع اقتراب يوم الأم، وهي الأسهل لأولئك الأبناء العاملين العائدين إلى منازلهم بعد يوم عمل شاق، وتحمل معاني التعبير عن الامتنان والتقدير، فضلاً عن هدايا أكثر حداثة مثل العطور والملابس والمجوهرات. وكما هي الحال مع أيّ عطلة وطنية، تحتل المأكولات مركزها الخاص في عيد الأم أيضاً، ويستمتع البريطانيون بوجبة طعام لذيذة وكعك "سيمنل" الطازج المصنوع من الفواكه.
المساهمون