مؤتمر حوار الأديان بالدوحة يناقش الحصار وحقوق الإنسان

20 فبراير 2018
من المؤتمر (معتصم الناصر)
+ الخط -


افتتحت قطر، اليوم الثلاثاء، أعمال مؤتمر الدوحة الثالث عشر لحوار الأديان، الذي يحضره 500 مشارك من 70 دولة من رجال دين وباحثين من الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية. ويتناول موضوع "الأديان وحقوق الإنسان"، ما يُكسبه أهمية كبرى في الوقت الراهن، في ظل الظروف التي يشهدها العالم، والتي زادت فيها حدة الانقسامات نتيجة التوتر والنزاعات وعدم الاستقرار في مناطق عدة من العالم. ويناقش المؤتمر، الذي يعقد على مدى يومين، ثلاثة محاور أساسية، الأول يتعلّق بمفهوم حقوق الإنسان في الأديان، والثاني موقف الأديان من انتهاكات حقوق الإنسان، فيما يربط الثالث بين قضايا حقوق الإنسان في الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.

وخلال افتتاح أعمال المؤتمر، قال وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية سلطان بن سعد المريخي: "من المؤسف أن نجد انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان اليوم أكثر من أي وقت مضى. ولا تأتي هذه الانتهاكات بصورة فردية أو استبدادية كما عهدناها من قبل"، مطالباً المؤتمر بتكريس الجهود لمواجهة التحديات التي تقف عائقاً أمام تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والتصدي لكافة أشكال الانتهاكات. وأشار إلى أنّ الحصار البري والجوي والبحري المفروض على بلاده من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ الخامس من يونيو/ حزيران الماضي، "يشكّل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ليس فقط المنصوص عليها في القوانين الوطنية والمواثيق الإقليمية والدولية، وإنّما انتهاكاً للمبادئ والقيم الدينية الثابتة التي دعت إلى ترسيخها كل الأديان والشرائع السماوية".

وأكد الوزير القطري في كلمته على الارتباط الوثيق بين القيم والتعاليم والمبادئ الإنسانية في كافة الشرائع والأديان، وبين حقوق الإنسان باعتبارها مبادئ سامية يجب أن تحكم الحياة والمجتمعات، داعياً إلى تعزيز الجهود العالمية والإقليمية والمحلية لتطبيق هذه القيم والمبادئ، والربط بينها وبين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وشدّد على أن الحوار بين الأديان يجب أن يتناول القضايا الكلية التي تتعلق بمستقبل الجميع والمفاهيم التي تحمل قواسم مشتركة من القيم الأخلاقية والمثل العليا والفضائل والمحافظة على كرامة الإنسان، من أجل عالم يسوده الأمن والسلام والاستقرار لخير الإنسانية جمعاء.

"الحوار بين الأديان يجب أن يتناول القضايا الكلية التي تتعلق بمستقبل الجميع" (معتصم الناصر) 


في هذا السياق، أكّد المريخي على موقف دولة قطر الثابت من الإرهاب، ورفضها كافة صوره وأشكاله والإيديولوجيات التي تدعو إليه، مهما كانت أسبابه ودوافعه، لافتاً إلى أن قطر لا تدخر جهداً في مكافحة الإرهاب على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية. أضاف أن "حماية وتعزيز حقوق الإنسان تأتي على رأس أولويات دولة قطر ورؤيتها الوطنية لعام 2030، بما تتضمنه منظومتها التشريعية بنصوصها الموجبة لحماية هذه الحقوق، وما تعمل عليه المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتدعيم تلك الحماية، وجعلها واقعاً عملياً ملموساً".



من جهته، لفت رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، إبراهيم النعيمي، إلى أن الهدف من المؤتمرات المماثلة هو السعي للوصول إلى أرضية مشتركة تجمع أتباع الأديان على أساس القيم الدينية الثابتة في الأديان السماوية، في محاولةٍ لإيجاد حلول لمواجهة التحديات، التي تحول دون العيش المشترك والتعايش السلمي، في عالمٍ بات يموج باضطرابات شتى، بدءاً من الضلال الفكري، والتطرف الديني، وانتهاء بالإرهاب وما عانى ويعاني العالم من آثاره وويلاته". وقال إن "قضية حقوق الإنسان، خصوصاً في هذه الآونة، تعد من أهم القضايا الدينية والإنسانية والأكثر إلحاحاً، ليس فقط لتعزيز تلك الحقوق والتأكيد عليها وصيانتها، وإنما لمواجهة الانتهاكات السافرة التي تتعرض لها هذه الحقوق، والتي من المفترض أن تكون من بديهيات الأمور".

ودعا القيادات الدينية والمؤسسات المدنية إلى التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان "لتلتقي كل من التوعية والإيمان، مع التشريعات والقوانين، والتأكيد أن الاستقرار والسلام بمفهومه الإنساني الشامل للعالم كله، لن يتحقق إلا بتحقق السلام الإنساني الشخصي لكل إنسان، من خلال المحافظة على حقوقه وصيانتها".

مشاركون في المؤتمر (معتصم الناصر) 


كما أعلن النعيمي عن قرار مجلس إدارة مركز حوار الأديان حجب جائزة المركز لهذه الدورة، والتي دأب المركز على تقديمها في كل مؤتمر، وهي مخصصة لمؤسسة حقوقية وقيادة دينية لها تجارب ناجحة في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان، موضحاً أن الحجب ليس بسبب مستوى الأعمال المقدمة والتي كانت مرموقة وعالية الجودة، لكن كون المشاريع لم تدمج دمجاً واضحاً بين نشاط حوار الأديان وحقوق الإنسان، ما انحرف عن هدف الجائزة لهذا العام، وجعل أعضاء لجنة الجائزة يتخذون قراراً بحجب الجائزة.

وعُقد المؤتمر الأول لحوار الأديان في الدوحة في عام 2003، بتوجيهات من أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وتوالت المؤتمرات السنوية التي عُقدت في السنوات التالية بين أتباع الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية. وفي شهر مايو/ أيار من عام 2007، تم إشهار مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، وتشكيل مجلس إدارة للمركز، وتشكَل مجلس استشاري عالمي من علماء في الأديان السماوية الثلاثة للمعاونة في التخطيط والتواصل مع المؤسسات المناظرة حول العالم. ويسعى المركز إلى حوار بنّاء بين أتباع الأديان، من أجل فهم أفضل للمبادئ والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الإنسانية جمعاء، انطلاقاً من الاحترام المتبادل والاعتراف بالاختلافات، بالتعاون مع الأفراد والمؤسسات ذات الصلة.