حكايات 2011

17 فبراير 2018
أقلية شاركت في الثورة من بدايتها (بن ستانسال/فرانس برس)
+ الخط -
مطلع عام 2011، كانت غالبية الشعب المصري تكره الثورة ومن قاموا بها، وتقاومها بكل الوسائل. لا تصدق الأكاذيب الرائجة بأنها كانت ثورة شعب، أو أن عشرين مليون مصري شاركوا فيها، فمن شاركوا في الثورة لا يزيد عددهم عن مليوني شخص في كل أنحاء البلاد.

ظهرت الملايين فقط في الاحتفال بتنحي حسني مبارك، وغالبيتهم كانوا ضد الثورة، لكنهم نزلوا إلى الميادين والشوارع لالتقاط الصور، حتى أن بعضهم تحدث عن بطولاته في الميادين خلال الثورة، بينما كان في الواقع يشاهد ما يجري في التلفزيون مكتفياً بصب اللعنات على المتظاهرين الذين يهددون استقرار البلاد.

في أيام الثورة الأولى كانت حملات التخوين والتشويه على أشدها، ثم اشتد عود الثورة لأنها استطاعت تغيير الواقع، فبدأ الآلاف ينضمون أو يتعاطفون، وبدأ خفوت أصوات ملايين الرافضين المتشدقين بما تنشره الأجهزة الأمنية حول العمالة والكنتاكي والأجندات.

خلال السنة اللاحقة لتنحي مبارك عن الحكم، تبلورت قدرات وخبرات جهات مقاومة للتغيير ترغب في قتل مكاسب الثورة كونها تضر بهم وبمصالح ضخمة حصدوها في ظل أنظمة فاسدة سابقة. كان واضحاً أن الخيوط كلها تدار من مكان واحد داخل أحد مقرات الجيش الذي تولى السلطة بعد مبارك.

الحكام الجدد "العسكر" يكرهون الثورة ومن قاموا بها، لكنهم في الوقت ذاته أبرز من استفاد منها، فقد أنهت ملف توريث الحكم لجمال مبارك، والذي كانوا يرفضونه لأنه مدني وليس منتمياً إلى المؤسسة العسكرية، كما أن الثورة جعلتهم يستعيدون قوتهم التي فقدوها لصالح الشرطة التي أكسبها مبارك مساحات واسعة من السيطرة على البلاد على حسابهم.

بمرور الشهور، بات واضحاً لكل ذي عقل أن العسكريين يعملون على تقويض الثورة وإزالة مكاسبها القليلة، علماً منهم أن تحقق أهدافها سيكون وبالاً عليهم.

على الجانب الآخر، لم يكن المشاركون في الثورة يدركون خطورة ما يحاك لهم، وكانوا يتعاملون مع قيادات المجلس العسكري الحاكم بسذاجة مفرطة، لا تخلو من شعور زائف بالانتصار على النظام السابق، رغم أن غالبية رموز هذا النظام في كل المجالات كانت حاضرة في الساحة.

نجح العسكريون في كل ما فشل فيه المدنيون، ربما لأنهم كانوا أكثر خبرة، أو لأن الدولة العميقة كانت أقرب إليهم من الثوار، فقد صنعوا أحزاباً وتكتلات، وامتلكوا وسائل إعلام، واستمالوا مثقفين وفنانين وكتاباً.


في المقابل، تفرغ الثوار للصراع على غنائم متخيلة، ولم تنجح مساعيهم لتشكيل أحزاب أو كيانات سياسية أو إعلامية حقيقية، وباع كثير منهم نفسه للسلطة الجديدة، فخسروا وخسرت الثورة.
المساهمون