"سياحة الإنجاب" الروسية تتجاهل ترامب

02 ديسمبر 2018
هل أنجبت المرأة الروسية طفلتها في الولايات المتحدة؟(فاليري شاريفولين/Getty)
+ الخط -
في غياب الإحصاءات الدقيقة، يقدّر إيليا كيسيليوف، وهو مسؤول في مؤسسة "لا - بابا" المتخصصة في ترتيب إجراءات الإنجاب في الولايات المتحدة الأميركية من أجل حصول الأبناء على جنسية البلاد، عدد العائلات الروسية التي تلجأ إلى هذه الخدمة بنحو ألف عائلة سنوياً. في الوقت نفسه، يقلل في خلال حديث إلى "العربي الجديد"، من احتمال تحقق مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهادفة إلى إلغاء منح الجنسية لأبناء أجانب أُنجِبوا على أراضي الولايات المتحدة.

تقدّم "لا - بابا"، شأنها في ذلك شأن مؤسسات أخرى متخصصة في المجال، خدمات تنظيم سفر الأمهات في المرحلة الأخيرة من الحمل إلى مدينتَي ميامي ولوس أنجليس بهدف الإنجاب على الأراضي الأميركية، بأسعار تبدأ من 2500 دولار أميركي للباقة الاستشارية الأساسية و33 ألف دولار للباقة القياسية التي تشمل الخدمات الطبية واستخراج الوثائق اللازمة وتكاليف الإقامة.




لكنّ نيّة ترامب إلغاء منح الجنسية الأميركية تلقائياً لكلّ الأجانب الذين يولدون في الولايات المتحدة، أثارت قلقاً في هذا السوق، وسط مخاوف تعبّر عنها عائلات روسية ميسورة الحال من حرمان أبنائها من فرص الاستفادة من المزايا التي يتمتع بها المواطن الأميركي سواء داخل الولايات المتحدة أو تلك المتعلقة بالسفر إلى معظم دول العالم بلا تأشيرة. مع ذلك، يتوقع كيسيليوف ألا يشمل قرار ترامب، حتى في حال اعتماده، أبناء الأجانب الذين دخلوا الأراضي الأميركية بصورة شرعية. ويقول: "لا أظنّ أنّ الإجراءات الجديدة المحتملة سوف تؤثّر على أعمالنا. وفي حال أصدر ترامب قراراً كهذا، فإنّ أيّ محكمة أميركية قد تبطله، لأنّه يتعارض مع التعديل 14 في الدستور الأميركي الذي ينصّ صراحة على أنّ كل الذين ولدوا في الولايات المتحدة هم من رعاياها. وفي حال تمكنت الإدارة الأميركية من تمرير مثل هذا القرار، فإنّ ذلك قد يستغرق عامَين أو ثلاثة أعوام، وسوف يقتصر غالباً على أبناء المهاجرين غير الشرعيين".

ويرى كيسيليوف أنّ "الأرقام المتداولة في مجال سياحة الإنجاب لا تؤثّر على التشكيلة العرقية للمجتمع الأميركي بالمقارنة مع أبناء المهاجرين من الأجيال الجديدة"، شارحاً أنّ "نحو 36 ألف شخص أجنبي فقط، وفي مقدّمتهم الصينيون، يقصدون الولايات المتحدة بهدف الإنجاب بصورة مشروعة سنوياً، بينما قد ينجب عشرات الملايين من المهاجرين المقيمين على الأراضي الأميركية بصورة غير شرعية نحو مليون طفل في كل عام".

تجدر الإشارة إلى أنّ الإنجاب في الولايات المتحدة يحظى بشعبية كبيرة بين الأثرياء والمشاهير الروس، ومن بين النجمات اللواتي قصدنها للإنجاب، المطربة الشهيرة كريستينا أرباكايتي، وهي ابنة نجمة الغناء السوفييتية والروسية آلا بوغاتشوفا. لكنّ كيسيليوف يرى أنّ "العائلات التي تتخذ قرار الإنجاب وراء المحيط، ليست بالضرورة ثرية"، موضحاً أنّ "الميسورين، بل متوسطو الحال في موسكو وسانت بطرسبورغ، بمعظمهم، يستطيعون تدبير كلفة السفر إلى الولايات المتحدة للإنجاب. وهم بالدرجة الأولى أشخاص يتمتّعون ببعد نظر، إذ إنّ أبناءهم لن يستفيدوا من الجنسية الأميركية كثيراً إلا عند بلوغهم سنّ الرشد". وعن مزايا الجنسية الأميركية، يقول كيسيليوف إنّ "تلك الجنسية تتيح لحاملها الاستفادة من كل ما يوفّره العالم المتقدّم، من قبيل مستوى التعليم الراقي الذي سوف يساعده في إيجاد عمل جيّد وبأجر مرتفع في أيّ بلد في العالم وليس فقط في الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك بعض المزايا التكميلية، مثل التجوّل بين دول كثيرة بحرية ومن دون تأشيرات دخول".

وعن اختيار عملاء شركته مدينتَي ميامي ولوس أنجليس تحديداً للإنجاب فيهما، يوضح كيسيليوف أنّ "ثمّة رحلات جوية مباشرة من موسكو إلى هاتَين المدينتَين ينظّمها الناقل القومي الروسي أيروفلوت كلّ يومَين أو ثلاثة أيام، تستغرق نحو 12 ساعة. وقبل الرحلة، تخضع المرأة الحامل إلى فحص من قبل طبيب الأمراض النسائية والتوليد للتأكد من أمان سفرها جواً". يضيف أنّه "كلّما سافرت، ألتقي بامرأتَين حاملَين أو ثلاث نساء حوامل على متن كل رحلة. بالإضافة إلى ذلك، يتوفّر في ميامي ولوس أنجليس أطباء يتحدّثون اللغة الروسية، في حين أنّهما تتميّزان بطقس دافئ وبيئة مناسبة على ساحل المحيط".




وكان ترامب قد صرّح في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأنّ إدارته تعمل على إعداد مرسوم من شأنه إلغاء منح الجنسية الأميركية تلقائياً لأبناء الأجانب، لمجرّد ولادتهم في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنّ مثل هذا الإجراء لا يقتضي تعديلاً دستورياً. تجدر الإشارة إلى أنّ التعديل 14 في الدستور الأميركي ينصّ على أنّ جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة الأميركية أو المجنّسين بجنسيتها والخاضعين إلى سلطانها يُعَدّون من مواطنيها ومن مواطني الولاية التي يقيمون فيها، مهما تكن جنسيّة آبائهم الأصلية وسواء دخلوا إلى الأراضي الأميركية بصورة شرعية أم لا.