المعهد الألماني يناقش في بيروت إعادة بناء الأحياء بعد الحرب

29 نوفمبر 2018
مؤتمر إعادة بناء الأحياء وعلاقات الجيرة بعد الحرب(حسين بيضون)
+ الخط -


يواصل المعهد الألماني للأبحاث الشرقية فعاليات مؤتمره الدولي "إعادة بناء الأحياء وعلاقات الجيرة بعد الحرب"، في العاصمة اللبنانية بيروت، بمشاركة معماريين وأساتذة جامعيين وباحثين من دول عدة، للاطلاع على تجربة كل بلد أو منطقة في إعادة الإعمار.


افتتح المؤتمر فعالياته مساء الأربعاء، بجلسة للفنان اللبناني مروان رشماوي عن أحياء بيروت من وجهة نظر فنية، وبدأت صباح اليوم الخميس، المحاضرات المتخصصة، والتي افتتحتها مديرة المركز، بريجيت شبلر، بمحاضرة قالت فيها إنه "من الجيد تعاون أشخاص من خلفيات مختلفة معاً، من أنثروبولوجيون ومعماريين وعلماء اجتماع. الناس يميلون لاعتقاد أن مدنهم مميزة ولا يمكن مقارنتها مع مدن أخرى، ولكن في الواقع يمكن المقارنة. القول بإن المدن الإسلامية لا تقارن بمدن الغرب غير صحيح، فالأحياء ليست مساحة جغرافية بل هي مفهوم اجتماعي ومساحة للعيش وعلاقات بين الناس وتفاعل".

وتابعت شبلر: "الجيرة علاقات موجودة في كل العالم، ومهمة في كل مكان، حتى في المدن الكبيرة، والجيرة علاقة تفرض، فلا يمكنني أن أختار جيراني، وإذا كانت علاقة الجيرة سيئة ستولد صراعات. سنرى كيف يمكن إعادة المدن بعد الحروب، وكيف تساهم علاقات الجيرة في ذلك، وعندما نبني علاقات الجيرة لا نتحدث عن الناس فقط بل عن القانون والدولة والسياسة".

وتناول الأستاذ في جامعة أوكسفورد، كيفين مازور، مسألة التسوية والاستنساخ الاجتماعي والهوية الإثنية في حمص، وبدأ بعرض دراسة عن بدء المظاهرات في 2011، وكيف جمع الناس السلاح للدفاع عن الثورة، ودور الحكومة في التسبب بصراعات إثنية. "اعتبر العلويون الاعتداء على الدولة اعتداءً عليهم، ويرى البعض أن النظام يوظف العلويين، لكنه قد يعين وزراء مسيحيين وسنّة ليظهر عكس ذلك، وقد استخدم شخصيات سنّية مؤثرة في الشأن العام بهدف كسب تأييد أبناء محيطها".

واختارت الصحافية أنجيلا بوسكوفيتش، تجربة الموصل، وقالت: "آثار الموصل القديمة مدمرة بالكامل، وأكثر من 1000 حرفي من خلفيات دينية وإثنية مختلفة كانوا يعملون فيها قبل دخول داعش، لكن محالهم دمرت، والبعض يحاول إصلاحها مجدداً. باتت معظم المنتجات تستورد من إيران وتركيا، وفي شرق الموصل ظهرت مجمعات تجارية ومطاعم ومقاهٍ باهظة الأسعار. تغيرت علاقات الجيرة، وظهرت حملات مدنية غير مرتبطة بالفرقاء السياسيين والدينيين لتنظيف المدينة ومساعدة المجتمع، وتطورت ثقافة الشباب وبدأوا بإنشاء مجتمعهم".

وتحدث الأستاذ في جامعة السوربون، مازن حيدر، عن علاقة السكان بعمليات الترميم في منطقة طريق صيدا القديمة، وخطوط التماس بشكل عام، وتطور معاني الدمار وآثار الحرب لدى السكان، حيث تضافرت جهود السكان في منطقة الشياح من أجل ترميم أبنيتهم.
وقال حيدر لـ"العربي الجديد"، إنه بسبب عدم وجود عمال بناء في المنطقة، وفي ظل غياب المساعدات، حملت الدولة اللبنانية أصحاب الأبنية مسؤولية ترميمها فرفضوا، فعمد سكانها إلى ترميمها، أما السكان الذين كانوا يمتلكون إمكانات مادية فانتقلوا إلى مناطق أخرى.


واستعرض الأستاذ في جامعة آدم ميكيفيتش، بيوتر كوردوبا، تجربة إعادة إعمار وارسو بعد الحرب العالمية الثانية، وعرض خلال محاضرته صوراً للمدينة قبل الحرب وبعدها، "إعادة الإعمار ليست مسألة بناء فقط، وإنما ترتبط بالسياسة والأيديولوجيا والاقتصاد الاجتماعي. فالسلطات الشيوعية حينها ألغت الملكية الفردية، فيما أعاد عمال متطوعون بناء الأبنية".

ويكمل المؤتمر جلساته خلال اليومين المقبلين، ويتناول غداً تجارب العراق وإيران والبلقان وسورية، ويخصص يوم السبت للحديث عن تجربة الحرب اللبنانية وإعادة الإعمار بعدها.