تغيب الجامعات المغربية في كثير من الأحيان عن قوائم أبرز التصنيفات الدولية، وفي أحسن الأحوال تأتي في مراتب متأخرة مقارنة مع كبريات الجامعات في دول العالم، وفق تصنيفات ومؤشرات ذات مصداقية دولية.
وغابت الجامعات المغربية عن قائمة 400 بلد في آخر تصنيف دولي جديد لـ"تايمز هاير إيديوكيشن" لأفضل جامعات العالم لعام 2018، من حيث أربعة مؤشرات وتخصصات رئيسية، هي العلوم الاجتماعية، والأعمال والاقتصاد، والتعليم، والقانون.
ومنح التصنيف ذاته جامعة محمد الخامس بالرباط المرتبة 600 في ميدان علوم الحياة، كما جاءت ضمن أفضل 800 جامعة في العلوم الفيزيائية. ورغم هذه المراتب المتأخرة، إلا أن جامعة محمد الخامس وصفتها بكونها "مشرفة وثمرة لرؤية استراتيجية امتدت على مدى سنوات، وتجسدت من خلال العمل الجاد والجهود التي بذلتها كافة الأطراف المعنية في الجامعة، ويتعلق الأمر أساسا بالأساتذة والباحثين والكوادر الإدارية والطلاب".
ويستند تصنيف "تايمز هاير إيديوكايشن" على مؤشرات متعددة للجودة تغطي جميع مجالات تدخل الجامعة، سواء على مستوى التعليم الجامعي والبحث العلمي ومصادر التمويل الذاتي القادمة من الشركاء في عالم الصناعة، أو انطلاقا من رؤية دولية".
وفي السياق ذاته، سبق لجامعة محمد الأول بوجدة أن احتلت المرتبة 201 من ضمن 500 جامعة في العالم وفق تصنيف "شنغهاي رانكينغ"، الذي يعتمد على حجم وتأثير نتائج البحوث العلمية بهذه الجامعات، وذلك في مجال العلوم الفيزيائية لسنة 2018، ثم جامعة محمد الخامس بالرباط التي جاءت في المركز 301.
ويرى مراقبون أن الترتيب المتأخر للجامعات المغربية في التصنيفات الدولية ذات المصداقية، يعود أساسا إلى وضعية الجامعة داخل منظومة التعليم التي تعاني من العديد من الإكراهات والمعضلات، فضلا عن ضعف البحث العلمي، وهو ما تعكسه الميزانية المالية الضعيفة التي تخصصها الحكومة للبحث العلمي.
ولا يقبل الطلاب المغاربة على الجامعات الحكومية، بدليل إحصائيات رسمية جديدة تقول إن نسبة التمدرس في التعليم الجامعي لا تتجاوز 37 بالمائة من عدد السكان من الفئة العمرية بين 18 و22 عاما، وأن نسبة الانقطاع عن الدراسة في الجامعات دون الحصول على شهادات جامعية تبلغ 47.2 في المائة من مجموع الطلبة.
ويقول الخبير والأستاذ الجامعي الدكتور سعيد الصديقي، صاحب بحوث دولية حول تصنيفات الجامعات المغربية، ضمن تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك عوامل كثيرة تساهم مجتمعة في تدني مراتب الجامعات المغربية في مختلف التصنيفات الدولية.
ويشرح الصديقي بأن أهم هذه العوامل هي، أولا غياب استراتيجية واضحة لدى الجامعات المغربية لتحسين تصنيفها الدولي بسبب الإهمال وعدم الاكتراث، أو بسبب الجهل بالمعايير والمؤشرات المعتمدة.
ويستطرد المتحدث: "لذلك نجد أن بعض الجامعات المغربية متقدمة من حيث المنشورات العلمية المصنفة، لكنها لا تستفيد منها لاعتبارات تقنية لا تدركها الجامعات وحتى الباحثون المغاربة"، مبرزا أن "مراتب الجامعات المغربية لا تعكس بالضرورة مستواها الحقيقي".
وثاني أبرز هذه العوامل التي تؤدي إلى مراتب متأخرة للمؤسسات الجامعية في البلاد، بحسب الصديقي، "هو عدم اهتمام الباحثين المغاربة بالنشر في الدوريات المصنفة دوليا، والتي ينشر أغلبها باللغة الإنكليزية".
ويكمل الخبير: "رغم أن الباحثين في كليات العلوم والطب قد تجاوزوا إلى حد كبير هذا العائق، فإن أغلب المنشورات في مختلف تخصصات العلوم الاجتماعية والإنسانية تنشر باللغتين العربية والفرنسية وفي دوريات غير مصنفة دوليا".