رضّع "ديار السبيل" مهددون في تونس

02 نوفمبر 2018
من نشاطات الجمعية للرضّع (عن فيسبوك)
+ الخط -
تحتاج "ديار السبيل" وهي جمعية تعنى بالرضع فاقدي السند والأيتام، في باردو، وسط تونس العاصمة، إلى مقر ثابت يغنيها عن التكاليف الباهظة للإيجار الشهري الذي يقدر بـ2300 دينار (800 دولار أميركي)، إلى جانب ارتفاع نفقات الكهرباء التي تصل إلى 4 آلاف دينار (1400 دولار) وفواتير الماء، بالإضافة إلى نفقات مختلفة من الحليب والحفاضات والمواد الغذائية.

تؤكد رئيسة الجمعية، منيرة الكعبي، لـ"العربي الجديد" أنّ "ديار السبيل" تضم حالياً 21 رضيعاً من الأيتام وفاقدي السند (لا أوراق ثبوتية لديهم ولا يُعلَم لهم أب أو أم) تتراوح أعمارهم بين أيام وسنتين، لكن يصل العدد سنوياً إلى ما بين 50 و60 رضيعاً، مضيفة أنّ مالكة المقر تنوي بيعه بـ650 ألف دينار (226 ألف دولار)، فيما أملهم الوحيد هو في تملّك المكان ليكون ملاذاً آمناً لهؤلاء الرضّع، فهو مبلغ غير كبير مقارنة بالدور الذي يقومون به في إنقاذ وحماية هؤلاء الرضّع.




تشير الكعبي إلى أنّهم يعملون بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومندوبي حماية الطفولة، ويتولون رعاية هؤلاء الرضّع إلى حين بلوغهم السنتين، ثم يجري إيواؤهم في دور رعاية الأطفال، أو تبنيهم عبر عائلات، لكنّ الجمعية تمثل بنك معلومات عن كلّ طفل لما تتضمنه من معطيات عن عائلته والمكان الذي جاء منه وغير ذلك، مشيرة إلى أنّ أهل الخير يساعدونهم حالياً، فهناك من يجلب الحليب وهناك من يجلب المواد الغذائية والملابس، لكنّ ما يشغلهم هو مقر ثابت للجمعية، ينهي معاناة البحث، خصوصاً أنّ الموقع الحالي استراتيجي لأنّه قريب من مستشفى الأطفال، في باب سعدون، ومحميّ من أيّ إزعاج أو تهديدات خارجية.

تشير الكعبي إلى أنّها سبق لها استئجار شقة، لكنّ المؤجرين اشتكوها إلى الأمن بسبب بكاء الأطفال الذي قالوا إنّه أزعجهم، فاضطرت إلى المغادرة والبحث عن مقر آخر، مبينة أنّ صاحبة البيت الحالي، متفهمة الدور الذي يتولون القيام به، لكنّ لديها ظروفها الخاصة التي تحتم عليها بيع المكان والاستفادة من المال.

تلفت المتحدثة إلى أنّ لكل رضيع في المقر قصته الخاصة والظروف التي قادته إلى الجمعية، لكنّ من بين القصص التي آلمتها كثيراً أنّ والدة فرطت في رضيعتها بسبب الظروف الاجتماعية القاهرة التي جعلتها تعجز عن توفير الحليب ومصاريف رعايتها، مضيفة أنّ هذه الوالدة تزور رضيعتها كلّ ثلاثة أشهر وترفض أن تتبناها أيّ عائلة أخرى، وفي الوقت نفسه، تعجز عن رعايتها في بيتها.

تقول الكعبي في حديثها إلى "العربي الجديد" إنّ لحظات فراق أيّ رضيع عادة ما تكون صعبة على الحاضنات في الجمعية بسبب العلاقة المميزة مع الأطفال. تضيف أنّ أجرة العاملين زهيدة، وبعضهم قد يضطر إلى استعمال عدة وسائل نقل للوصول إلى المقر، لكنّهم بالرغم من ذلك سعداء بالدور الذي يقومون به. وتبيّن الكعبي أنّها تضطر هي شخصياً إلى قطع 40 كيلومتراً يومياً للوصول الى الجمعية ومع ذلك لم تستسلم يوماً ولا تراودها فكرة التخلي عن رسالتها.

تفيد بأنّ ما ينقصهم هو التشجيع بالرغم من المساعدات التي يتلقونها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية التي رصدت لهم قسطاً من المال لاقتناء مقر، لكن، يتعين عليهم إكمال بقية الأقساط، ليتمكنوا من شراء المقر الذي هم فيه حالياً، مضيفة أنّ هدفهم الأساسي أن يكون المقر بمثابة البيت لهؤلاء الرضّع، إذ لا يرغبون في بقائهم في كفالة الدولة، بل ضمن إطار طبيعي يمهد لعودتهم إلى عائلاتهم أو تكفل عائلات أخرى بهم.




تتابع أنّ فكرة تأسيس الجمعية تكونت بسبب اشتغالها سابقاً في وزارة الشؤون الاجتماعية حيث كانت تعنى بهذا الملف، وعندما أحيلت على التقاعد تمسكت بمواصلة رسالتها والاهتمام بالرضّع من فاقدي السند والأيتام بصرف النظر عن الأسباب التي قادتهم إلى الجمعية.

"أم الأيتام"
تلقب رئيسة الجمعية، منيرة الكعبي، بـ"أم الأيتام" نظراً للعلاقة المتينة التي تجمعها بأغلب الرضّع، فهي تعتبرهم أبناءها. وكثيراً ما رددت خلال حديثها إلى "العربي الجديد" كلمة "أولادي" لوصفهم، مبينة أنّ هناك أمهات حاضنات يعملن على مدى 24 ساعة بمعدل 3 أمهات لكلّ مجموعة من الرضّع.