مترجمون يستغلّون أفغاناً في الهند

12 أكتوبر 2018
تعملان في إحدى مستشفيات الهند (سام بنثاكي/ Getty)
+ الخط -

على الرغم من حصول أفغانستان على مليارات الدولارات خلال العقدين الماضيين، وصرف مبالغ ضخمة منها في مجال الصحة، ما زال المواطنون يتوجهون إلى دول الجوار لتلقي العلاج، خصوصاً الهند وباكستان وإيران، في ظل تهميش الحكومة لهذا القطاع والفساد المستشري فيه، وعدم توفّر كادر طبي دائماً، أو وجود نقص في بعض التخصصات.

يتحدّث معظم سكان أفغانستان اللغة البشتوية، إحدى اللغتين الرسميتين في أفغانستان، أو يفهمونها على الأقل. وعلى الطرف الثاني من الحدود مع باكستان، تعد البشتوية اللغة الرائجة. لذلك، كان معظم الأفغان يفضلون الذهاب إلى هناك لتلقي العلاج. لكن تغيّر سياسات الحكومة الباكستانية مع الأفغان انعكس على كيفية تعامل الأمن الباكستاني معهم، سواء أكانوا لاجئين أم يذهبون إلى باكستان بهدف تلقي العلاج فقط. وبسبب تعامل الشرطة القاسي، لم يعد كثير من الأفغان يرغبون في الذهاب إلى باكستان لتلقي العلاج، خصوصاً مع تشديد الإجراءات على الحدود.

من جهة أخرى، يعد العلاج في إيران صعباً بسبب صعوبة الحصول على تأشيرة. كما أن عبور الحدود ليس سهلاً، إضافة إلى تعامل الإيرانيين "الخشن" مع الأفغان. لذلك، لا يفضّل كثير من الأفغان الذهاب إلى هناك لتلقي العلاج، باستثناء أولئك الذين لهم علاقات قوية هناك أو أقارب يساندونهم.

لذلك، يلجأ الأفغان إلى الهند وينقسمون إلى قسمين، بحسب الطبيب محمد صابر سلطانزاده. يقول إن الأثرياء يذهبون بشكل روتيني إلى هناك ولأبسط الأسباب. أما الشريحة الثانية، أي عامة الأفغان، فيتوجهون إلى الهند بعدما يكونون قد يئسوا من العلاج في أفغانستان. إلا أن مشاكل الأفغان تزداد في الهند يوماً بعد يوم.




معاناة الأفغان الذاهبين إلى الهند تبدأ في مطار أنديرا غاندي الدولي في نيودلهي. جل الأفغان لا يعرفون اللغة الهندية. بالتالي، يبحثون عن مترجمين أفغان عادة ما يكونون طلاب جامعات أو أفغاناً يعيشون في الهند وقد اتخذوا من مساعدة المرضى مهنة لهم. إلا أنهم باتوا جزءاً من الفساد. معظم من زار الهند يقول إن هؤلاء المترجمين يظهرون وداً شديداً في البداية، لكن همهم الوحيد هو الحصول على المال من المرضى. ولا يمانعون تركهم في منتصف الطريق بمجرد حصولهم على مرادهم. يبدأ الاستغلال من لحظة اللقاء الأولى، ويمتد في سيارتي الأجرة والإسعاف والمستشفى وخلال إجراء الفحوصات (بعضها قد لا يكون مطلوباً)، بهدف الحصول على المال.

المشكلة الأساسيّة تكمن في العلاقة بين المترجمين وبعض المستشفيات الخاصة. الأخيرة تعطي المترجمين نسبة من المال إذا ما أحضروا إليها المرضى، علماً أن العلاج في بعض المستشفيات قد لا يكون إيجابياً. والأسوأ من كل ذلك حين يبدأ مترجم في بيع مرضاه، ونقلهم من مستشفى إلى آخر.

محمد وفا، الذي أخذ زوجته قبل سنتين إلى الهند كونها مصابة بمرض السرطان، يقول إنه باع منزله لعلاج زوجته. وفي نيودلهي، بحث عن مترجم من إقليمه غزنة، والتقى بأحدهم وعرف لاحقاً أنه من قريته. بدأت معاناة الرجل مع المترجم منذ تعرف عليه. يشير إلى أنه بدا لطيفاً، لكنه كان يسرق المال في كل لحظة. وبعد أسبوعين، قيل للرجل إن زوجته قد تعيش لأسابيع أو أشهر على الأكثر. وخلال استعداده للعودة إلى بلاده، اكتشف أن المترجم سرق ما تبقى من ماله من الحقيبة، علماً أنه كان يأخذ حصّته من كلّ شيء. بقي الرجل أياماً في الهند في انتظار أن يرسل له أولاده مبلغاً من المال ليتمكن من العودة إلى البلاد. وقرر عدم التوجه إلى الهند مجدداً إلا إذا كان مضطراً لذلك.

من جهته، يقول أحد الطلاب السابقين في الهند، عبد المالك، إن هناك تنسيقاً بين العمال في المستشفيات والمترجمين، الذين يأتون بالمرضى إلى المستشفيات فيحصلون على نسبة من المال. ويذكر أن أحد المترجمين أحضر مريضاً إلى إحدى المستشفيات، وكان نصيبه 500 دولار. هذا ليس حال المترجمين الأفغان فقط. حتى الأطباء في أفغانستان يأخذون نسبة من المال.




في هذا السياق، يقول الطبيب محمد همايون: "بعض الأطباء في كابول تربطهم علاقات بالمستشفيات في نيودلهي. أحياناً، يمكن معالجة المريض في كابول إلا أن الطبيب يحثه على التوجه إلى مستشفيات خاصة في الهند، لا سيما إذا كان المريض ثرياً. وحين يقبل المريض، تدفع له المستشفى نسبة متفق عليها من المال". ويؤكد أن قطاع الصحة فاسد، والأسوأ أنه ما من محاولات للقضاء على الفساد، إذ إن الحكومة مشغولة بأمور سياسية وأمنية، وعامة الناس لا يدركون الأمور بسهولة، وليس في يدهم شيء. في النتيجة، يبقى المواطن ضحية الفساد سواء داخل البلاد أو خارجها.