عراقيون يمزقون ثيابهم احتجاجاً على أوضاع بلادهم الاقتصادية والأمنية

18 يناير 2018
استفحال الفساد والفشل في إدارة الدولة (Getty)
+ الخط -


لم يعد تمزيق الرجال لثيابهم خلال البث المباشر على الفضائيات العراقية تصرفاً فردياً من قبل بضعة مواطنين، بل بدأ ينتشر بشكل كبير بين العراقيين تعبيراً عن رفضهم للوضع المرزي الذي وصلت إليه بلادهم من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واستشراء الأمراض ونقص الكهرباء والماء الصالح للشرب وانعدام الخدمات وتردّي الواقع الأمني.

وبعد مضي عقد ونصف على احتلال بلادهم ووعود التغيير للأفضل، إلا أن شيئا لم يتحقق على حد رأي عدد من العراقيين الذين اتهموا الأحزاب الإسلامية التي تسيطر على البلاد بالفساد والفشل في إدارة الدولة العراقية، ما دفعهم إلى التعبير عن الغضب بتمزيق ثيابهم، في مؤشر يدل على أنه لم يعد هناك مجال للصبر أكثر، أو أن صاحب الحق سيأخذ بنفسه ثأره، هو ما دأبت عليه العشائر والقبائل في محافظات عراقية مختلفة.

وتتناول أكثر من 10 محطات فضائية عراقية تقارير يومية صباحية ومسائية من داخل بغداد والمحافظات تبث بشكل مباشر للتعرف على آراء العراقيين ومشاكلهم، إلا أن عددا منها أوقف هذه الفقرة بسبب الألفاظ التي يطلقها العراقيون على الهواء اتجاه السياسيين والوزراء والمسؤولين بالحكومة كالشتم والسب والبصاق على الشاشات حتى تجاوزت مؤخرا إلى تمزيق الثياب على الهواء بشكل مباشر.



والأسبوع الماضي، قال صحافيون في بغداد إن ثلاث محطات تلفزيونية قررت بث تغطيتها الصباحية من مناطق بغداد الراقية وتجنب المناطق الشعبية والفقيرة، وهو ما أثار موجة امتعاض واسعة بين المواطنين.

ويقول أستاذ علوم المجتمع في جامعة بغداد أحمد علي لـ"العربي الجديد"، إنّ "ظاهرة تمزيق الثياب يمكن اعتبارها جديدة على الشعب العراقي، وفي العقود الماضية كان هناك مثل يضرب برجل مزّق ثوبه فيقال "في سنة كذا فلان مزق ثوبه وكسر الهدنة"، لكن اليوم نرى الموضوع يتكرر وأعتقد أنها بمثابة إشارات قبل انفجار البركان".



ويشير إلى أنّ " تغافل الحكومة عن تفاقم الفقر والبطالة والأمراض داخل المجتمع قد لا يستمر طويلا بسبب غليان الشارع، لافتا إلى الشتم والسب على الشاشات الذي بدأ بنواب البرلمان ثم الوزراء ورئيس الوزراء وانتهى ليمس قدسية رجال الدين التي برزت بعد الاحتلال الأميركي في مؤشر واضح على هذا الاحتقان، بالإضافة إلى تمزيق الثياب الذي تجاوز الكلام للتنفيس عن الغضب الى فعل جسدي يعبر عن حالهم".

في المقابل، يشكك الخبير الاقتصادي حسين فالح في أرقام الفقر والبطالة التي أعلنتها الحكومة مؤكدا أنها أكبر بكثير، ويقول لـ"العربي الجديد" عام 1996 وفي عزّ الحصار الاقتصادي على العراق لم تصل نسبة الفقر بالعراق إلى 21 بالمائة واليوم البرلمان يتحدث عن 30 بالمائة ووزارة التخطيط على أقل من ذلك".




ويضيف "أعتقد أن نسبة الفقر تجاوزت 35 بالمائة خاصة ببغداد والأنبار وصلاح الدين والمثنى والبصرة، وهو ما يمكن اعتباره فسادا واضحا وفاضحا، فمدخول البلاد السنوي من عائدات النفط الآن يفوق مدخول العراق قبل الاحتلال بأكثر من 60 ضعفا ورغم ذلك كان حالهم أفضل بكثير من الآن".

ويتابع "الشعب العراقي يستحق أن يعيش مثل دول الخليج، بل لديه مقومات تؤهله أن يكون أفضل منها بكثير بسبب العائدات التي تصل إلى 100 مليار دولار سنويا والموارد البشرية التي لديه، لكن الفساد المالي للأحزاب والسياسيين أوصله إلى هذا الحال.