"إنها سنة المصاريف وارتفاع الأسعار والتهاب الأسواق وإفراغ جيوب المواطنين بالجزائر"، يقول نور الدين الموظف بإحدى المؤسسات الحكومية لـ "العربي الجديد"، مبدياً قلقه من المصاريف التي سيدفعها خلال الأيام القادمة، والتي تزامنت مع الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك وبدء العام الدراسي.
وتقام في الجزائر طقوس كثيرة بمناسبة عيد الأضحى، فهو السُنّة المؤكدة التي ترجو منها العائلات الفوز بالحسنات، خصوصاً إن كانت قادرة على دفع ثمن أضحية العيد، التي شهدت ارتفاعاً واضحاً هذه السنة، فاقت أجرة موظف مثل نور الدين الذي يقول "أجرتي لا تساوي ثمن الأضحية التي تجاوزت الخمسين ألف دينار جزائري، أي ما يعادل (70 دولارا أميركيا)، وهو ما يعني أنه سيدفع ثمنها بالتقسيط أو يتجنبها أصلاً، لكنه في النهاية يريد إدخال الفرحة على أهله وأطفاله الصغار.
ويشير إلى أن العائلات الجزائرية، تجد نفسها مجبرة على شراء الأضحية من أجل إدخال فرحة العيد على الصغار بالخصوص".
في المقابل، تقول السيدة حسينة لـ"العربي الجديد"، "رفضت شراء الأضحية، لما تكبدته من مصاريف سابقة تزامنت مع إنفاق متواصل بداية من شهر رمضان ثم العطلة الصيفية، بما تفرضه من سفر وأداء واجبات الأهل والأقارب في احتفالات الختان والزواج، ليصل موعد الدخول المدرسي الذي سيكلف العائلات الملايين، وبذلك فثمن أضحية العيد هذه السنة غير متوفر، وهناك أولويات مع مصاريف الأدوات والكتب المدرسية للأولاد".
شهدت أسعار أضحية العيد هذه السنة ارتفاعا منقطع النظير، ويقول كريم (37 سنة) لـ"العربي الجديد": السنة الماضية شهدت أسعار الأضاحي غلاء فاحشا، ومع مرور الأيام وقبيل العيد بيومين انخفضت، لكن هذه السنة ظلت الأسعار مرتفعة حتى قبل يومين من العيد"، لافتاً إلى أن أسعار الخضار والفواكه أيضاً ارتفعت بشكل جنوني، متسائلاً "ماذا يفعل الفقير؟".
الجمعيات الخيرية تغطي بعض المنافذ
في كل مناسبات دينية وبخاصة في الأعياد، تنشط الجمعيات الخيرية المتواجدة على مستوى البلديات، وهي الجمعيات التي يسيّرها شباب متطوع يقومون بنشاطات مناسباتية تتعلق بمساعدة الفقراء في مثل هذه الفترات من السنة كعيدي الفطر والأضحى والدخول المدرسي، حيث كشف البعض منهم لـ"العربي الجديد" أنّ العمل التطوعي يساهم بالقدر الكبير في تقديم المساعدات للفقراء والعائلات المعوزة والمحتاجة، وخاصة "أضحية العيد فهي فرحة كل أسرة".
ونشطت عشرات الجمعيات عبر مختلف ولايات الجزائر في هذا العمل التطوعي، وأخذت عناوين مختلفة تلتقي جميعها في هدف واحد هو الإسهام في إسعاد الأسر بشراء أضاح قد يتطوع بها رجال أعمال أو تشترى من أموال المحسنين، بحسب خير الدين لعلالي الناشط في جمعية خيرية بولاية المدية، قال لـ"العربي الجديد" إن الجمعية تنشط في إطار قانون يتيح لها التكفل بالأسر الفقيرة واليتامى، وخصوصا في الأعياد والدخول المدرسي".
وتتضاعف الأعمال الخيرية مع اقتراب عيد الأضحى، ولا تقتصر على توزيع أضحية العيد فقط، بل تساهم الجمعيات في توزيع ألبسة العيد ومختلف لوازم الطهي للأسر المعوزة. وتعمل هذه الجمعيات على إعانة الفقراء في البلديات والانخراط في التضامن والتكافل المجتمعي، مثلما تشرح السيدة نورية معروف في تصريح لـ"العربي الجديد"، مؤكدة على أن هذه المساعدات "تخفف من أعباء الأسر وتعيد إليها نوعا من الأمان والابتسامة".
الأدوات المدرسية هاجس الأسر
بعد عيد الأضحى يبدأ سباق آخر مع المصاريف المتجددة، بسبب الدخول الاجتماعي والدراسي، وهو ما يعني أن الأسر الجزائرية ستدفع مصاريف أخرى لتمكين أبنائها من الأدوات المدرسية، ويرى الكثيرون من خلال تصريحات متفرقة لـ"العربي الجديد" أن هذه المرة الفاتورة ستكون مرتفعة، خصوصا مع ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية والكتب أيضا، وفي فترة تأتي عقب الاحتفالات بالعيد وما يليها من مصاريف الزيارات.
أما بالنسبة للأسر المعوزة فإنها تنتظر إعانات الحكومة من الكتب التي تأخذها بالمجان، بينما الأدوات المدرسية تبقى رهينة الاحتياجات ومساعدات الجمعيات التي تنشط في سياق "محفظة لكل يتيم "ومحافظ الأسرة"، وهي عبارة عن هبات يضعها الأغنياء ورجال الأعمال وكل ما يجمعه الشباب الذي ينشط في هذا الإطار.
النقل وإجراءات خاصة لتأمين العاصمة
ككل سنة، هناك إجراءات خاصة تتخذها الحكومة الجزائرية لتأمين وسائل النقل للمسافرين وبخاصة عبر الولايات، حيث يتوجه الآلاف من المدن الكبرى نحو مدنهم الداخلية لقضاء عطلة العيد مع أهاليهم، وهو ما يدفع بتوفير وسائل النقل كسيارات الأجرة والحافلات والقطارات ما بين الولايات وتجهيزها لخدمات إضافية أيام العيد.
كما أن وزارة الداخلية وضعت مخططا وإجراءات أمنية بتخصيص 6 آلاف شرطي لتأمين العاصمة الجزائرية، خاصة بعيد الأضحى لضمان أمن وسلامة المواطنين عبر مختلف البلديات والطرقات الكبرى، فيما أشارت مديرية الأمن الجزائرية في بيان لها يوم الثلاثاء إلى أنها كثفت التواجد الأمني في الأسواق والمحلات التجارية الكبرى ومحطات البنزين ومحطات النقل بمختلف أنواعها، علاوة على تفعيل دوريات فرق الوقاية في الطرقات ووحدات متنقلة بواسطة الدراجات النارية والسيارات الخفيفة لردع كل مخالفي قانون السير".