عراقيون يطلّقون زوجاتهم في محاكم المهجر

30 اغسطس 2017
ضحايا ارتفاع حالات الطلاق هم الأطفال (حيدر حمداني/Getty)
+ الخط -
ترتفع نسبة الطلاق في العراق بتزايد المشاكل الاقتصادية والأسرية والنزوح؛ خاصة هجرة الشباب دون زوجاتهم ما يلقي بظلاله على المحاكم العراقية في حالات التفريق أو تصديق عقود طلاق أبرمت في الخارج ولا تستند إلى ضوابط محاكم البلاد.

ويقول القاضي أحمد جاسم الساعدي بمحكمة بداءة الكرادة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "تصل إلى المحاكم العديد من قرارات حالات طلاق في الدول الأجنبية خلال السنوات الأخيرة"، لافتا إلى أن أغلب القرارات التي عملنا عليها، هي قضايا التفريق وليس تصديق طلاق، وتنظر محاكم البداءة هذه الدعاوى باعتبارها قرارا أجنبياً بحسب قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم 30 لسنة 1928. 

وأضاف الساعدي أن دعوى وردت من ولاية ميشيغن الأميركية عن قرار طلاق بين رجل وامرأة عراقيين ونقضته المحكمة كونه لا يعد طلاقا وفق أحكام قانون الأحوال الشخصية العراقي، ففي مثل هذه الحالات تنظر المحكمة وتتحقق من الطلاق إذا ما كان قد وقع فعلا أم لا كما نص قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ.

وأكد أنه طبقا للقرارات الأجنبية، فإن الحكم يتعرض إلى مقتنيات الزوج والزوجة والأطفال وإقامة الأطفال وغيرها من التفاصيل الموجودة في تلك الدولة في دعوى واحدة وهذا غير موجود في قوانين محاكمنا، وحتى تصبح هذه الوقائع مطابقة لأحكام القانون لدينا يجب أن ننظر الطلاق إن كان قد وقع بالشرائط الموجبة.

من جهتها تقول الشابة زينة (25 عامًا)، "تركني زوجي معلقة أثناء سفره إلى تركيا بحثا عن طريقة نهاجر بها إلى اليونان، وبعد تمكنه من الهجرة عبر البحر وحتى وصل ألمانيا اتصل بشقيقته عبر موقع تطبيق فايبر وأخبرها أنه طلقني، دون أن يكترث إلى ابنته الوحيدة أو حتى يرسل مستمسكاته لأتمكن من إصدار هوية لها، كما أنه لم يثبت حالة الطلاق".


وتضيف زينة لـ"العربي الجديد"، "اكتشفت بعد طلاقي أنني واحدة من عشرات وربما مئات النساء اللواتي كان طلاقهن بنفس الطريقة، ما إن يهاجر الزوج حتى يتخلى عن زوجته وقد يهاجران معا ويتم الطلاق في المهجر لأسباب عدة، منها عدم تأقلم الزوجين مع طباع تلك البلدان خاصة الدول الأوروبية كما حدث مع العديد من الأسر المهاجرة".

ابتهال (29 عامًا)، تقول لـ"العربي الجديد"، "بعد خلافات كثيرة مع زوجي طلقني وهو يقيم في جمهورية التشيك، الأمر الذي دعاني إلى مراجعات كثيرة في المحاكم العراقية لغرض تصديق ورقة الطلاق وإثبات أنه تم طلاقي بالفعل".

وأشارت إلى أنّ الأمر كان في غاية الصعوبة "لأنني كنت أحتاج إلى حضانة أطفالي بما تملي عليه المحاكم العراقية، بينما يخضع طليقي لقوانين التشيك ومحاكمها، الأمر الذي قد يفقدني حقوقي".

ولفت القاضي الساعدي، إلى أن القوانين في الخارج مشددة جدّا والكثير من الأحيان يفقد الآباء والأمهات حضانة أبنائهم ويودع الأطفال في دور لحضانتهم، مستشهدا بأحد القرارات من محكمة الأسرة في ميشيغن التي تطرقت مع الطلاق إلى حضانة الأطفال والتأمين الصحي والإنفاق الأسري للقاصر والإعفاء الضريبي المعاش والتأمين وهذا وارد في الأحكام الصادرة من الدول الأخرى، وهي تختلف عن المعمول به لدينا؛ فالمحاكم العراقية وفق القانون تنظر قرار الطلاق أما الحضانة أو النفقة فكل في دعوى منفصلة.

وأشار إلى أنه في حالات يأتي الزوج مدعيا بأنه لم يطلق الزوجة بل خضع لقوانين تلك البلاد المقيم بها وهي شرعا لا تزال زوجته ولم يتلفظ بالطلاق. في هذه الحالة تكون القضية محل نزاع ويقدم بها دفوعا في هذا الباب تحديدا. كما أنّ القانون العراقي عرف الطلاق وبيّن نصوصه وكيفية التعامل مع بياناته، فيجب أن تتوفر هذه الشروط والنصوص لإثباته، فلا يعد طلاقا ما لم تتوفر الشروط، ويجب أن تقام دعوى جديدة إذا لم ترها المحكمة مستوفية للشروط كدعوى اعتيادية.

يشار إلى أنّ أكثر من 625 ألف حالة طلاق شهدها العراق في الفترة الممتدة من عام 2003 وحتى نهاية عام 2016 حسب إحصاءات السلطة القضائية الاتحادية، وقعت 56,594 منها في عام 2016.