مساعٍ إسرائيلية لتشويه الوعي في منهاج تعليم الفلسطينيين

22 اغسطس 2017
تلميذات فلسطينيات في القدس (ليور مزراحي/ Getty)
+ الخط -

تواصل وزارة تعليم الاحتلال الإسرائيلي، منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، مساعيها لتطويع الذاكرة الفلسطينية لدى الطلاب عبر محاولات زرع وعي مزيف بتاريخ النكبة والتاريخ الفلسطيني، ورسم هوية تقبل بإسرائيل كدولة يهودية.

وزادت حدة المسعى الإسرائيلي مع تطور الحركة الوطنية في الداخل، وطرح مطالبات الحكم الذاتي للفلسطينيين في الداخل، وصولاً إلى مشروع دولة المواطنين الذي يتبّناه حزب التجمّع الوطني، والذي صاغه المفكر العربي عزمي بشارة، ثم ترسيخ هذا الخطاب في المجتمع الفلسطيني، وفي حركاته السياسية والحزبية.
وكشفت صحيفة "هآرتس" أمس أن وزارة التعليم الإسرائيلية تواجه صعوبات في ترجمة المقرر الجديد لموضوع المواطنة، والمسمّى في إسرائيل "مدنيات"، بعد أن تم حشو هذا المقرر في كتاب "أن نكون مواطنين في إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية"، بعد أن رفض كثير من المترجمين في الداخل ترجمة الكتاب بفعل مضامينه الصهيونية، بما فيها تلك المأخوذة من التراث اليهودي الديني.

وقال المحاضر والأكاديمي الفلسطيني، أيمن إغبارية، لـ"العربي الجديد"، إن "هذا النوع من الكتب يعمل على مواضيع الهوية، ويسعى لإعادة هندسة الانتماء. نحن نسأل دوماً عندما نرى كتاب المدرسة: ما هي طبيعة المعرفة؟ والجواب هنا واضح، فالمطلوب أن تندمج المعرفة الرسمية في الخطاب الصهيوني العام الذي يقوم على نفي الطابع الفلسطيني، ومحو الرواية الجمعية، وهو جزء من هندسة وعي الطالب العربي وهوية الطالب الفلسطيني نحو الأسرلة، ومحاولة جعله يقبل دونيته".

وأضاف إغبارية، والذي استقال من لجنة إعداد الكتاب الجديد الذي بدأ العمل عليه قبل ست سنوات، أن "هدف الكتاب أن يتقبّل الطالب العربي أن وجوده في هذه البلاد طارئ جزئي، وأن يتقبّل تراتبية موقعه الأدنى، وأن وجود إسرائيل حلّ أخلاقي ومقبول ومفيد، وهذا معنى هندسة الهوية".

تغييب المساواة

وتابع "المهم أن هذه المادة يمتحن بها الطلاب، وهنا الخطورة، فهناك عملية انفصام للطالب، والمعلمون يدرسونها من أجل الامتحان بدلاً من أن يكون موضوع المواطنة له علاقة بالقيم كجزء من التربية على الحقوق والواجبات والمعنى الديمقراطي للمواطنة".


وقال مدير الأبحاث في مركز "مدى الكرمل"، مهند مصطفى: "المنهاج الحالي هو تصعيد لأسلوب المنهاج القديم الذي لم يكن يثقّف على مفهوم المواطنة المتساوية وحيادية الدولة أيديولوجيا، ولا مفهوم المشاركة السّياسيّة الدّيمقراطيّة، ويدعم الانتماء لإسرائيل كدولة يهوديّة ديمقراطيّة. ومع ذلك نشهد في السّنوات الأخيرة محاولة حثيثة من وزارة المعارف ومن منظمات يمينية إسرائيليّة لتغيير هذا المنهاج لكونه يوجّه نقداً لإسرائيل، وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار في المنهاج الجديد الذي يُظهر إسرائيل كحالة مثالية من الدول القومية الديمقراطية بدون أي نقد".

وأشار مصطفى إلى أن "هذا الأمر يؤكّد أنّ التّوجّه المستقبلي لموضوع الهوية لا يزال قيد التّبلور نحو التّخلّي عن قيم المواطنة الحقيقة إلى تأكيد الولاء لإسرائيل كدولة يهوديّة. في الوقت الذي يتطوّر فيه هذا الموضوع في العالم، ليس فقط نحو تأكيد مفهوم المواطنة المشتركة والمتساويّة، بل نحو خلق وعي سياسي لدى الطّلاب بأهميّة المشاركة السّياسيّة والتّأثير على الحياة السّياسيّة وتغييرها للأفضل".
وأضاف أن "المنهاج لا يعزز الهوية المدنية المتساوية، بل يكرس لتراتبية في الحقوق والمواطنة، كما أنه لا يعترف بالمواطنين العرب كأقلية قومية لها حقوق قومية وجماعية، كما أنه يحتوي على كثير من الأعطاب النظرية المتعلقة بمفهوم الدولة، ومفهوم النظام الديمقراطي، فهو يعزز الهوية القومية للطلاب اليهود، ويتعامل مع التراث اليهودي كجزء من الهوية الوطنية، بينما يفتت الهوية الوطنية للعرب باعتبارهم طوائف منفصلة".

وقال عاطف معدي، المدير العام للجنة المتابعة للتعليم العربي، إن "موضوع كتاب المدنيات شغلنا لفترة طويلة، سواء الكتاب القديم أو الجديد، وفيهما تغييب كامل للمجتمع العربي، في قيادته ومؤسساته ومعتقداته وتاريخه ولغته. هذا عملياً دفع كل القوى الفاعلة على الساحة لوضع البدائل. نحن نثق بمعلمينا وطلابنا ومدارسنا، والواجب أن تدرس هذه المواد لكي ينجح الطالب في امتحان البجروت (التوجيهي)، ولكننا وضعنا مضامين وفصولاً تغطي الجانب الآخر الذي حاولت الوزارة أن تغيبه في ما يخص الفلسطينيين في الداخل".
المساهمون