بعد عام 2003 باتت سوق الأدوية في العراق مفتوحة على منتجات دول عديدة، وهي منتجات تجد إقبالاً خصوصاً مع الحاجة الكثيفة إليها المترافقة مع ازدياد الأمراض. لكنّ بعض الأدوية رخيصة الثمن تكشف قصص فساد
اختار ناظم الهنداوي دواءً هندي المنشأ من بين نظائره من الأدوية المخصصة لعلاج حالته، فالطبيب لم يحدد علامة تجارية بعينها، لكنّه حدد فقط نوع الدواء، وقد أكد له الصيدلي أنّ جميع أنواع الأدوية تؤدي الغرض نفسه. الهنداوي الذي يعاني من آلام في المعدة، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه اختار الدواء الأرخص ثمناً، مشيراً إلى أنّه ليس بمقدوره شراء أدوية غالية الثمن: "عمري تجاوز السبعين، وأعاني من مشاكل صحية عدة، وأنفق على الأدوية نحو 60 ألف دينار شهرياً (48 دولاراً)، فألجأ إلى الأدوية رخيصة الثمن".
عدد كبير من العراقيين يعيشون الحال نفسها، فهم يعتمدون على شراء أدوية زهيدة السعر، توفرها الصيدليات التي تنوّع مصادر أدويتها، وكثير منها لم يكن يدخل إلى العراق في السابق.
يقول موزع الأدوية وليد عبد العظيم إنّ شركات هندية وإيرانية وأوروبية وعربية وجدت لها سوق أدوية جيدة في العراق منذ عام 2003، بسبب سماح الدولة بالاستيراد من هذه الدول، بعدما كان الاستيراد سابقاً يحدد بشروط صارمة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "التنافس على أشده بين تجار الأدوية. إنها تجارة مربحة جداً، فالحروب والمشاكل الأمنية تسببت في انتشار الأمراض التي بدورها تتطلب توفير عدد أكبر من الأدوية".
يوضح: "عملي في هذا المجال منذ أكثر من 11 عاماً وفر لي معلومات عديدة حول الأدوية. جميع الأدوية لها اليوم رواج في العراق، والسبب انتشار الأمراض، كما أنّ أعداد المرضى في ارتفاع وهذا ما تسبب بإنعاش سوق الأدوية ومهنة الصيدلة". يتابع: "الأمراض المزمنة، وأمراض المعدة والمفاصل والقلب والكلى هي الأكثر انتشاراً بين العراقيين، بالإضافة إلى الأمراض الآنية التي تتطلب علاجات مستعجلة. وتتوفر أدوية لهذه الأمراض من مصادر مختلفة وبأسعار مختلفة أيضاً بحسب بلد المنشأ". يلفت إلى أنّ بعض المصادر غير جيدة، لكنها توفر أدوية رخيصة الثمن.
يكاد لا يوجد مواطن عراقي لا يعاني من أمراض، حتى الشباب باتت من بينهم نسبة كبيرة تشكو من أمراض مزمنة عُرف عنها أنّها تصيب كبار السن، كأمراض القلب والسكري وضغط الدم. الباحث في علم النفس حسين الطائي يشير في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنّ العامل النفسي والصدمات وراء غالبية الأمراض التي يعاني منها العراقيون. يوضح أنّ "الخوف من أصوات التفجيرات ورؤية الجنود والمليشيات داخل المدن، والمعارك التي دارت في الأحياء السكنية لها آثار على صحة الناس، خصوصاً الأطفال وكبار السن". ويشير إلى أنّ "هذا بعض ما جرى في العراق منذ عام 2003، يضاف إليه التفجيرات المستمرة حتى اليوم، ووجود تنظيم داعش الذي ارتكب جرائم بشعة فضلاً عن مسلحين بمسميات شتى يمارسون أعمالاً إجرامية مرعبة". يضيف: "لا بدّ من تسبب كلّ هذه الفظائع بأمراض نفسية وعضوية، لذلك نجد نسبة كبيرة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً يعانون من هذه الأمراض، ففي طفولتهم شاهدوا مواقف مخيفة، فيما واجه كبار السن من كلا الجنسين صدمات من جراء تلك الأحداث. هناك من اعتقل أو قتل أولادهم أو خطفوا وغيرها من الأحداث المؤلمة". يتابع أنّ "علاج كلّ ذلك يعتمد أولاً على الراحة النفسية، لكنّ الأخيرة مفقودة في العراق".
اقــرأ أيضاً
تشخيص الطائي تؤكده حال مهدي عياش الذي أصيب بجلطة في القلب وداء السكري وبألم مستمر في الرأس، وذلك منذ ثلاثة أعوام. يومها فقد وعيه وأغمي عليه، بعد سماعه نبأ اختطاف ولده، الذي تسبب له بصدمة نفسية حادة أصيب على إثرها بأمراض عضوية، فيما لم يكن يعاني قبل هذا من أي مرض. وبعد عام من مقتل ولده على يد الخاطفين ازدادت معاناته كثيراً من المرض. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه كان يلتزم بالعلاج، وجرب أدوية من مصادر مختلفة، يؤكد أنها من مصادر عالمية جيدة وغالية الثمن: "لكنّ حالتي الصحية بقيت تتدهور" يعلق.
يتابع: "كوني ميسور الحال سافرت إلى الخارج للعلاج، ونصحني الأطباء هناك بالراحة وممارسة بعض التمارين الرياضية واعتماد نظام غذائي خاص، بالإضافة إلى نفس الأدوية التي كنت أتناولها في العراق لكن بعلامات تجارية مختلفة، وبعد شهر شعرت بتحسن كبير، وغادرني ألم الرأس، فعلمت أنّ الأدوية التي كنت أشتريها من صيدليات في بغداد تُستورد من مصادر غير جيدة".
في هذا الخصوص، يؤكد مدير مركز توزيع أدوية الفساد في هذا القطاع: "تحولت الأدوية إلى تجارة تدرّ أرباحاً عالية ما دفع تجاراً غير محترمين إلى الدخول على خط استيرادها. هؤلاء التجار يتبعون جهات سياسية ومليشياوية وتمكنوا من خلال علاقاتهم من استيراد أدوية لم تكن تدخل إلى البلاد. هم يربحون أموالاً طائلة على حساب صحة وحياة الناس".
اقــرأ أيضاً
اختار ناظم الهنداوي دواءً هندي المنشأ من بين نظائره من الأدوية المخصصة لعلاج حالته، فالطبيب لم يحدد علامة تجارية بعينها، لكنّه حدد فقط نوع الدواء، وقد أكد له الصيدلي أنّ جميع أنواع الأدوية تؤدي الغرض نفسه. الهنداوي الذي يعاني من آلام في المعدة، يقول لـ"العربي الجديد" إنّه اختار الدواء الأرخص ثمناً، مشيراً إلى أنّه ليس بمقدوره شراء أدوية غالية الثمن: "عمري تجاوز السبعين، وأعاني من مشاكل صحية عدة، وأنفق على الأدوية نحو 60 ألف دينار شهرياً (48 دولاراً)، فألجأ إلى الأدوية رخيصة الثمن".
عدد كبير من العراقيين يعيشون الحال نفسها، فهم يعتمدون على شراء أدوية زهيدة السعر، توفرها الصيدليات التي تنوّع مصادر أدويتها، وكثير منها لم يكن يدخل إلى العراق في السابق.
يقول موزع الأدوية وليد عبد العظيم إنّ شركات هندية وإيرانية وأوروبية وعربية وجدت لها سوق أدوية جيدة في العراق منذ عام 2003، بسبب سماح الدولة بالاستيراد من هذه الدول، بعدما كان الاستيراد سابقاً يحدد بشروط صارمة. يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "التنافس على أشده بين تجار الأدوية. إنها تجارة مربحة جداً، فالحروب والمشاكل الأمنية تسببت في انتشار الأمراض التي بدورها تتطلب توفير عدد أكبر من الأدوية".
يوضح: "عملي في هذا المجال منذ أكثر من 11 عاماً وفر لي معلومات عديدة حول الأدوية. جميع الأدوية لها اليوم رواج في العراق، والسبب انتشار الأمراض، كما أنّ أعداد المرضى في ارتفاع وهذا ما تسبب بإنعاش سوق الأدوية ومهنة الصيدلة". يتابع: "الأمراض المزمنة، وأمراض المعدة والمفاصل والقلب والكلى هي الأكثر انتشاراً بين العراقيين، بالإضافة إلى الأمراض الآنية التي تتطلب علاجات مستعجلة. وتتوفر أدوية لهذه الأمراض من مصادر مختلفة وبأسعار مختلفة أيضاً بحسب بلد المنشأ". يلفت إلى أنّ بعض المصادر غير جيدة، لكنها توفر أدوية رخيصة الثمن.
يكاد لا يوجد مواطن عراقي لا يعاني من أمراض، حتى الشباب باتت من بينهم نسبة كبيرة تشكو من أمراض مزمنة عُرف عنها أنّها تصيب كبار السن، كأمراض القلب والسكري وضغط الدم. الباحث في علم النفس حسين الطائي يشير في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أنّ العامل النفسي والصدمات وراء غالبية الأمراض التي يعاني منها العراقيون. يوضح أنّ "الخوف من أصوات التفجيرات ورؤية الجنود والمليشيات داخل المدن، والمعارك التي دارت في الأحياء السكنية لها آثار على صحة الناس، خصوصاً الأطفال وكبار السن". ويشير إلى أنّ "هذا بعض ما جرى في العراق منذ عام 2003، يضاف إليه التفجيرات المستمرة حتى اليوم، ووجود تنظيم داعش الذي ارتكب جرائم بشعة فضلاً عن مسلحين بمسميات شتى يمارسون أعمالاً إجرامية مرعبة". يضيف: "لا بدّ من تسبب كلّ هذه الفظائع بأمراض نفسية وعضوية، لذلك نجد نسبة كبيرة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً يعانون من هذه الأمراض، ففي طفولتهم شاهدوا مواقف مخيفة، فيما واجه كبار السن من كلا الجنسين صدمات من جراء تلك الأحداث. هناك من اعتقل أو قتل أولادهم أو خطفوا وغيرها من الأحداث المؤلمة". يتابع أنّ "علاج كلّ ذلك يعتمد أولاً على الراحة النفسية، لكنّ الأخيرة مفقودة في العراق".
يتابع: "كوني ميسور الحال سافرت إلى الخارج للعلاج، ونصحني الأطباء هناك بالراحة وممارسة بعض التمارين الرياضية واعتماد نظام غذائي خاص، بالإضافة إلى نفس الأدوية التي كنت أتناولها في العراق لكن بعلامات تجارية مختلفة، وبعد شهر شعرت بتحسن كبير، وغادرني ألم الرأس، فعلمت أنّ الأدوية التي كنت أشتريها من صيدليات في بغداد تُستورد من مصادر غير جيدة".
في هذا الخصوص، يؤكد مدير مركز توزيع أدوية الفساد في هذا القطاع: "تحولت الأدوية إلى تجارة تدرّ أرباحاً عالية ما دفع تجاراً غير محترمين إلى الدخول على خط استيرادها. هؤلاء التجار يتبعون جهات سياسية ومليشياوية وتمكنوا من خلال علاقاتهم من استيراد أدوية لم تكن تدخل إلى البلاد. هم يربحون أموالاً طائلة على حساب صحة وحياة الناس".