لبنان: مواقف وزارية تُكرس سطوة مُطلقي النار في الهواء

04 يوليو 2017
حملة السلاح بحماية المتنفذين (تويتر)
+ الخط -
قدمت السلطات اللبنانية، اليوم الثلاثاء، أدلة إضافية على عجزها عن ضبط ظاهرة إطلاق النار العشوائي التي أدت إلى مقتل عشرات المواطنين والمُقيمين، في ظاهرة لم تنجح القوى الأمنية والعسكرية في ضبطها أو الحد منها.


وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في تصريحات صحافية أن معظم الأشخاص الذين أوقفتهم السلطات الأمنية بسبب عمليات إطلاق نار في الهواء، خلال إعلان نتائج امتحانات الشهادة الرسمية المتوسطة الأسبوع الماضي، أخلي سبيلهم بسبب "تدخلات سياسية لدى القضاء".


وأشار المشنوق إلى أن "70 أو 80 موقوفاً أخلي سبيلهم من أصل 90 موقوفاً"، ما دفع وزير العدل، سليم جريصاتي، إلى إصدار بيان نفى فيه "ما نُسب إلى وزير الداخلية من تصريحات"، خصوصا أن تصريح المشنوق يحمل مؤشرات سلبية تؤثر على ثقة المواطن بالدولة، كما أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي شجعت المواطنين على الاتصال بمراكزها والتبليغ عن مطلقي النار وضمان سرية الاتصالات.





وقال الوزير جريصاتي، في البيان، إن "إطلاق سراح عدد من الموقوفين تمّ لعدم ثبوت الدليل ليس إلاّ، فيما أبقي على عددٍ آخر من مطلقي النار بعد ثبوت الدليل وهم راهنًا قيد المحاكمة وفقاً للأصول"، مع التشديد على "تنفيذ القضاء مهامه وتطبيق النصوص القانونية المرعيّة للمساهمة بوضع حدٍّ لآفة إطلاق النار في الهواء، والتسبّب بقتل الأبرياء وجرحهم والإضرار بالممتلكات".

 

 

رعاية سياسية للمليشيات


تجدر الإشارة إلى أن ظاهرة امتلاك الأسلحة تنتشر بين المواطنين، ويغذيها واقع البلد السياسي والطائفي والمناطقي. ولا تزال القوى السياسية اللبنانية تمتلك أذرعا أمنية أو عسكرية تتشكل من بقايا مليشياتها، التي شاركت في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 -1990)، ويضاف إليها عناصر الأمن والحماية، الذين يحصلون على رخص رسمية لحمل السلاح وأجهزة الاتصالات العسكرية واستخدام الزجاج العازل للرؤية.


وتُشكل "سرايا المقاومة" التي أسسها "حزب الله" لتضم مُقاتلين لا ينتمون عقائديا أو دينيا إلى الحزب أحد أبرز هذه المليشيات. وورد اسم عناصرها في مُختلف الأعمال الأمنية والجنائية التي شهدها لبنان خلال العقد المُنصرم.


وشكل عناصر هذه السرايا أبرز المشاركين في أحداث السابع من مايو/أيار 2008، عندما اجتاح "حزب الله" العاصمة بيروت ومناطق في جبل لبنان احتجاجا على قرارات وزارية تتعلق بشبكة الاتصالات الخاصة، التي ينشرها الحزب في مُختلف المناطق اللبنانية.


وينتمي إلى هذه السرايا عشرات المطلوبين للقوى الأمنية والعسكرية بجرائم القتل وإطلاق النار في الهواء وفرض الخوّات المالية على أصحاب المحال التجارية في عدد من المناطق، ويمنحهم انتماؤهم حصانة قانونية وسياسية وسطوة أمنية على المواطنين.


وتُسهم الاتصالات السياسية في إخلاء سبيل عناصر "السرايا" فور توقيفهم بصرف النظر عن نوع الجُرم أو الجُنحة المُرتكبين. وأدت ظاهرة "سرايا المقاومة" وانتشار السلاح الفردي بين اللبنانيين بكثافة إلى تطور الجرائم الجنائية، وارتفاع عدد ضحاياها، في ظل ضعف السلطات الرسمية سياسية وأمنية وقضائية عن مكافحتها.