عشرات الأطفال المهاجرين مفقودون في بريطانيا

26 يوليو 2017
تُرك لمواجهة مصيره وحده (فيليب هوغوين/ فرانس برس)
+ الخط -
عشرات الأطفال المهاجرين، ممّن لم يتجاوزوا 13 عاماً، ما زالوا مفقودين في بريطانيا، بعد تهريبهم من بلدة كاليه، شمال فرنسا.

تجهل السلطات البريطانية وجود أكثر من مائة قاصر غير مصحوبين بذويهم، ممن عبروا طرقات غير مشروعة منذ أغسطس/آب الماضي، ودخلوا البلاد. تشير صحيفة "ذا إندبندنت" إلى أنّ 104 أطفال لم يعثر عليهم أو يعرف مصيرهم حتى الآن، وقد يكونون وقعوا ضحايا الاتجار بالبشر. ومن المرجّح أن يكون العدد الحقيقي لهؤلاء أعلى بكثير، وربّما يصل إلى المئات، فالعديد من الأطفال لم يبلّغ عنهم إلى وكالات حماية الطفل في فرنسا وبريطانيا، إذ غالباً ما يأمرهم المهرّبون بالابتعاد عن السلطات.

في الإطار نفسه، حذّرت جمعيات خيرية وناشطون أنّ هؤلاء الأطفال معرّضون لخطر الاستغلال الجنسي أو السخرة في العمل، عبر عصابات الاتجار والتهريب، خصوصاً حين يعجزون عن دفع المبلغ المطلوب لعبورهم الحدود من كاليه إلى بريطانيا، الذي يعتقد أنّه يبلغ نحو تسعة آلاف جنيه إسترليني.

يأتي هذا التحذير بعدما اتّهمت حكومتا ويلز واسكتلندا وزير الهجرة البريطاني، براندون لويس، بنقص التخطيط في ما يتعلّق بإعادة توطين القصّر غير المصحوبين بذويهم، وفق برنامج "دوبس" الذي جرى الاتفاق عليه عام 2016، وينص على تأمين ممر آمن للأطفال اللاجئين وحدهم إلى بريطانيا. لكنّ وزارة الداخلية البريطانية، ما لبثت أن تخلّت عن هذا البرنامج بعد قبول 350 طفلاً من أصل ثلاثة آلاف مهاجر ممّن شملهم البرنامج.

إلى ذلك، برّر لويس هذا التقصير، في تنفيذ برنامج "دوبس" بالإشارة إلى أنّ هناك حاجة إلى إدراج المزيد من الأطفال لتجنّب تركهم من دون خيارات آمنة وقانونية، وفي خطر الاتجار بهم.

تشير "ذا إندبندنت" إلى تعرّض أطفال للاستغلال. إحدى الحالات عن طفل أحيلت قضيته إلى وكالات بريطانية، بعد وصوله إلى البلاد، تفيد بأنّه يعيش مع عمّه، بينما اكتشف السلطات لاحقاً أنّه كان يقيم بين بالغين خطرين وليس مع عمّه.
أمّا عن أعداد الأطفال المفقودين في بريطانيا، خلال العام الماضي، فتفيد الصحيفة بأنّها حصلت عليها من قبل دائرة الشباب اللاجئين، وهي جمعية خيرية، مقرّها كاليه، تحتفظ بسجلات الأطفال الذين وصلوا إلى بريطانيا. وتعمل على إرسال معلومات عنهم، إلى مركز مشورة الاتجار بالأطفال، مثل أسمائهم وصور وتواريخ ميلادهم، للمساعدة في تحديد مواقعهم.

يؤكّد القانون البريطاني، على وجوب إحالة أي طفل غير مصحوب بذويه، يصل إلى بريطانيا، إلى السلطات المحلية، من قبل موظّفي الهجرة والحدود، لكن يبدو أنّ عدد القاصرين الآتين من كاليه يتزايد نتيجة تجاوز أنظمة الحماية المعمول بها عبر شبكة المهرّبين.
في هذا الصدد، يحذّر المسؤول عن دائرة الشباب اللاجئين، مايكل ماك هيوغ، من أنّ المهرّبين والمتاجرين العاملين في جميع أنحاء كاليه وبريطانيا، يستغلون إغلاق الطرقات القانونية، عبر تسهيل عمليات عبور غير قانونية بديلة على الشاحنات، إذ يستمرّون في استغلال هؤلاء الأطفال عقب دخولهم الحدود البريطانية.

أمام ما يواجه هؤلاء الأطفال وحدهم في بلاد بعيدة عن أهلهم، فمعظم التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو موقع "ذا إندبندنت" تميل إلى التهجّم والاستهزاء بهم. من المعلقين من يرفض تصديق أعمارهم، ويقول: "الأطفال لا يحلقون ذقونهم"، بينما يقول آخر: "ضعوهم في مخيمات الاعتقال في جزيرة معزولة، أطعموهم وقدّموا لهم الدعم، بينما تراجعون قضيتهم، على مدى نحو خمس سنوات. وإن تبيّن نفاقهم، أعيدوهم إلى بلدهم. هكذا فعلت أستراليا، حتى توقفت موجات المهاجرين من التدفق إليها".

في المقابل، ترى قلّة تدعو إلى حمايتهم، وتوفير الأمن لهم، والابتعاد عن العنصرية، والتعامل معهم بإنسانية. ومن تلك التعليقات: "ثقّفوا أنفسكم، وحاولوا احترام جميع البشر، بدلاً من تشويه صورة البعض بسبب مكان ولادته".
المساهمون