"المرصد الأورومتوسطي": قطع العلاقات مع قطر يشتّت مئات العائلات ويهدر حقوق الآلاف

10 يونيو 2017
المرصد يطالب السعودية والإمارات والبحرين بمراجعة قراراتها(فايز نور الدين/Getty)
+ الخط -
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم السبت، إن قرار قطع العلاقات مع قطر بصيغته الحالية، والذي اتخذته مجموعة من الدول، ولا سيما السعودية والإمارات والبحرين، يؤثر بشكل جوهري على مواطني الدول المعنية ويؤدي إلى تشتيت مئات العائلات ويضرب في صميم العديد من الحقوق العمالية والتعليمية وحقوق الملكية والحق في التعبير لعدد كبير من المواطنين القطريين المقيمين في الدول الثلاث.

وأوضح المرصد الحقوقي الدولي، في تقرير أصدره اليوم، أن قيام السعودية والإمارات والبحرين بإعطاء القطريين المقيمين فيها مهلة قصيرة لمغادرتها، وإجبار مواطنيها المقيمين في قطر على مغادرة قطر والعودة إلى بلادهم تحت طائلة التهديد بالعقوبات مسّ العديد من الحقوق الخاصة بآلاف المواطنين من الدول المذكورة، مشيراً إلى أنه أجرى العديد من المقابلات الخاصة مع عشرات العالقين الذين تأثروا بهذه القرارات بشكل مباشر وفوري، وتبين تأثيرها بشكل كبير على عدد من حقوقهم الأساسية.

وقالت ميرا بشارة، المستشارة القانونية في المرصد، إن "المطلوب من الدول المذكورة الالتزام بتعهداتها بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث يجب تجنيب السكان تأثيرات القرارات السياسية وحماية حقوقهم العمالية والأسرية وحقهم في التعبير عن آرائهم بحرية".

وأضاف المرصد أن 6474 أُسرة سوف تتشتت بسبب القرار جراء حمل أحد الأبوين للجنسية القطرية مع حمل الآخر جنسية إحدى الدول الخليجية الثلاث، ما يعطي أحدهما الحق في البقاء في البلاد فيما يُجبر الآخر على مغادرتها، ويتشتت الأطفال بينهما، دون وجود أي مسوغات تبرر هذا الفعل.


وقالت سيدة قطرية متزوجة من إماراتي وتعيش معه في الإمارات، إن السلطات الإماراتية أبلغتها بضرورة مغادرة البلاد خلال 14 يوماً، وهي لا تعلم مصيرها الآن، حيث باتت حائرة بين ترك زوجها ومغادرة الإمارات أو البقاء فيها بصورة مخالفة.

أما محمد جابر، وهو مواطن سعودي يقيم مع ذويه في قطر، فقال إن والده، سعودي الجنسية، توفي في مستشفى حمد العام في قطر منذ ثلاثة أيام، وتعذر نقل جثته إلى السعودية لدفنها هناك بسبب إغلاق السعودية حدودها مع قطر.

المواطن البحريني (ح .ع)، وعمره 27 عاماً، جاء إلى الدوحة مع ابنه لزيارة والدته المسنّة، والتي تحمل الجنسية القطرية، وكان ينوي اصطحابها معه إلى البحرين، لأنها كبرت في السن ولا تستطيع العيش وحدها، لكنه الآن لا يستطيع فعل ذلك بسبب قرار مملكة البحرين منع المواطنين القطريين من دخول أراضيها، كما لا يستطيع استقدام زوجته البحرينية إلى قطر بسبب القرار نفسه.

وتحدث (م.م) 47 عامًا، والذي يحمل الجنسية السعودية، عن معاناته، وقال وهو يبكي: "أنا أعيش مع زوجتي القطرية و3 بنات في الدوحة، وهذا القرار يعني أنني سأنفصل عن زوجتي، وأعود ببناتي الثلاث إلى السعودية، وأترك زوجتي في قطر". وتساءل: "ألم يفكّر من اتخذ هذا القرار بنا؟ ألم يخطر في باله التشابك في العلاقات الأسرية بين أفراد العائلة الخليجية الواحدة؟".

وقال المرصد إن القرار أثر بشكل مباشر على حقوق آلاف الموظفين وعائلاتهم. إذ إن 1954 موظفاً وعاملاً في القطاعين الحكومي والخاص في قطر من حملة الجنسية السعودية أو الإماراتية أو البحرينية سيكونون مجبرين على الاستقالة وترك عملهم في غضون الأيام العشرة القادمة، ما يؤثر بشكل جوهري في حقوقهم العمالية، كما أن معظم هؤلاء يرتبطون بأسرهم التي تقيم معهم في قطر وربما يدرس أبناؤهم في معاهد ومدارس في الدولة، حيث يقيم في قطر ما مجموعه 11387 شخصاً من حملة جنسيات إحدى الدول الثلاث، وهؤلاء كلهم سيكونون مجبرين على مغادرة البلاد والعودة إلى بلدانهم سريعاً وتحت طائلة العقوبة، وفق المرصد.

وأوضح التقرير أن الأمر ذاته ينطبق على مئات آخرين ممكن يملكون شركات ومصالح تجارية في قطر من مواطني الإمارات والسعودية والبحرين، حيث سيكبدهم هذا القرار خسائر بسبب غيابهم عن مصالحهم وربما إخلالهم بالتزامات تجارية.

كما تطرق المرصد إلى تأثير القرار سلبياً على 706 طلاب يدرسون في قطر من الدول الخليجية الثلاث، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية بالدوحة. إذ لن يتمكن هؤلاء -إذا ما أجبرتهم دولهم على العودة الفورية- من إتمام دراستهم الجامعية، خصوصاً في ظل قرار تلك الدول بفرض عقوبات تصل للسجن والغرامة المالية على مواطنيها الذين قد يزورون دولة قطر أو الذين يبقون فيها خلافاً للحظر.

وفي المقابل، سيكون الطلاب القطريون في جامعات السعودية والبحرين والإمارات عرضة لإلغاء تسجيلهم في تلك الجامعات، حيث لن يعودوا قادرين على البقاء في البلاد التي يدرسون فيها.

وقال طالب قطري يدرس الرياضيات في البحرين إن جميع دروسه في دولة البحرين لبقية السنة قد ألغيت بأثر فوري بعد صدور القرار في 5 مايو/أيار الماضي.

وذكر أحد الطلاب الإماراتيين أنه جاء إلى الدوحة قبل سنة لإكمال دراساته العليا في العلوم السياسية، وهو الآن مضطر للمغادرة إلى الإمارات، ولا يدري متى سيستطيع العودة إلى الدوحة لاستكمال دراسته.

من جهة ثانية، لفت المرصد إلى أن قرار السلطات في الدول الخليجية الثلاث التي قطعت علاقاتها مع الدوحة تجريم إظهار التعاطف مع دولة قطر "يمثل خرقاً معيباً للحق في الرأي والتعبير".

وأشار في هذا السياق إلى أن ما نُشر من تصريحات نُسبت للنائب العام لدولة الإمارات العربية المتحدة، المستشار حمد سيف الشامسي، فضلاً عن تهديد وزارة الداخلية البحرينية بمعاقبة من يظهر التعاطف مع السلطات القطرية بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.

وطالب دول السعودية والإمارات والبحرين، بمراجعة قرارتها بصورة سريعة وتعديلها بما يجنب المدنيين الآثار السلبية لهذه القرارات ويوقف انتهاك حقوقهم.

دلالات