الشهيدة الفلسطينية فاطمة حجيجي...رحلت مضربة عن الطعام

09 مايو 2017
جثمانها لا يزال محتجزا (فيسبوك)
+ الخط -
صباح السابع من الشهر الجاري، وكعادتها كل يوم، كانت الصبية الفلسطينية فاطمة عفيف عبد الرحمن حجيجي (16 عاما) من قرية قراوة بني زيد شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، تساعد والدتها في تجهيز طعام الإفطار وتجهيز أشقائها وشقيقاتها من أجل الذهاب إلى المدرسة، ولم تعلم عائلتها أن صباح ذاك اليوم المشرف، سيغرب بارتقاء فاطمة شهيدة برصاص الاحتلال الإسرائيلي في منطقة باب العامود في مدينة القدس المحتلة.


نحو 20 رصاصة مزقت جسد فاطمة على بعد نحو مائتي متر فقط من منزل جدها لوالدتها، ومزاعم الاحتلال كما في كل مرة، "محاولتها تنفيذ عملية طعن"، ثم تركت تنزف. مُنع أي أحد من تقديم العلاج لها حتى فارقت الحياة. في حين نكلت قوات الاحتلال بالمتواجدين في مكان استشهاد فاطمة، وأصيب عدد منهم في ساحة باب العامود بالقدس. احتجز الجثمان في ثلاجات الاحتلال بعد نقله بسيارة إسعاف إسرائيلية، ولا يزال محتجزا إلى أجل غير معلوم كما يحدث مع جثامين الشهداء في العادة.


والد فاطمة وكذلك زوج عمتها، محمد حجيجي، نفيا، في حديث لـ"العربي الجديد"، مزاعم الاحتلال، وقالا: "فاطمة كانت في زيارة لأخوالها وخالاتها في منزل جدها، ولم تكن تحمل سكينا، كانت تود الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى من أجل الدعاء والابتهال إلى الله كي يشفي شقيقتها المصابة بالإعاقة نتيجة تشوهات خلقية في العمود الفقري".


وأوضحا أنه "عقب انتهاء دوامها المدرسي في الصف العاشر الأساسي، ذهبت فاطمة للمشاركة في دورة تعليمية، ومن هناك انتقلت بزيها المدرسي وكتبها، إلى مدينة رام الله، ثم إلى حاجز قلنديا شمال القدس، ومرت عن الحاجز دون مشاكل، إلى أن وصلت إلى ساحة باب العامود، حيث الطريق إلى المسجد الأقصى المبارك".


والد فاطمة عفيف حجيجي، ابن الأربعين عاما، والعامل في مجال الإنشاءات، هو أسير محرر أمضى نحو عام ونصف العام داخل سجون الاحتلال قبل عشرة أعوام، بالكاد يكفي قوت أبنائه، لا يريد من الدنيا سوى أن يرى أطفاله الخمسة يعيشون بسعادة، لم يكن يتوقع استشهاد ابنته، ويقول: "لم يشعر أحد بذلك، ابنتي كانت تعشق وطنها ومحبوبة واجتماعية، تحب مساعدة الآخرين وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتساعد شقيقتها التي تصغرها سنا وتعاني من الإعاقة على التحدي والعيش كما الآخرين".





ويؤكد أن العائلة وجدت ورقة مكتوبا فيها أن ابنتهم "كانت مضربة عن الطعام منذ 5 أيام تضامنا مع الأسرى المضربين، ولم يكن أحد يعلم بذلك، وحين كنا ندعوها لتناول الطعام، كانت ترفض وتقول إنها لا ترغب بالأكل، إلى أن استشهدت وهي صائمة"، يشير والدها لـ"العربي الجديد".


كأي طفلة فلسطينية فإن لفاطمة حلما ومهارات، وكانت مصممة على أن تدرس المحاماة بعد التخرج من الثانوية العامة "التوجيهي"، وتدافع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين وحقوق الأسرى، خاصة أنها أسيرة محررة من سجون الاحتلال. واعتقلت فاطمة على حاجز حوارة جنوب نابلس شمال الضفة، مدة 15 يوما، في حين كانت في الفترة الأخيرة تسأل والدها دوما عن الأسرى المضربين وكيف يعيشون.


بعد استشهاد فاطمة بوقت قليل اتصل ضابط مخابرات إسرائيلي بوالدها، وطلب منه الحضور للمقابلة على حاجز قلنديا، أو يقتحموا المنزل. بقي في المقابلة ساعتين ونصف الساعة، وكان ضابط الاحتلال مذهولا بكيفية دخول فاطمة عبر الحاجز بلباسها المدرسي الأخضر، ومعها كتبها، وهي مرفوضة أمنيا نظرا لأنها أسيرة سابقة. سمح لها الجنود بالمرور، ما يشير إلى وجود ثغرة أمنية بأسوأ حاجز عسكري إسرائيلي، وأكثرها مراقبة.






استشهدت فاطمة الابنة البكر لوالديها، وابنة الستة عشرة ربيعا، قبل تحقيق حلمها بدراسة المحاماة، أما الصورة التي رسمتها في قلب أسرتها وفي قلوب أقاربها وكل من يعرفها، فبقيت راسخة في قلوبهم. لكن أشقاءها وشقيقاتها، صارت تنقصهم مرافقة فاطمة لهم في الذهاب إلى المدرسة كل صباح.