السل يغزو مخيمات النازحين السوريين في حماة وحلب... وتزايد الوفيات

30 مايو 2017
يحتاج مرضى السل إلى عزلهم (أندرو رونيسن/Getty)
+ الخط -



كشف مصدر طبي من مدينة حماة السورية لـ"العربي الجديد"، عن ازدياد مجمل أعداد الإصابات بمرض السل في كل من محافظة حماة ومناطق الشمال السوري والوفيات الناجمة عنه. وأكّد طبيب الأمراض الداخلية كمال التقي أن تزايد أعداد الوفيات يعود إلى ازدياد حالات مقاومة العلاج، وأن معظمم المصابين المشخصين هم من الأطفال والرضع وكبار السن.

من جانبه، أشار طبيب الأمراض الداخلية طلال الآغا من مدينة حلب إلى "حال مشابه في مدينة حلب، والتي ينتشر فيها المرض بشكل كبير في تجمعات النازحين، والبيئات الأكثر فقراً"، موضحاً "نشخّص حالات إصابة يومياً بالمرض، معظمها يتم على يد الأطباء في العيادات التابعة للجمعيات الخيرية وفي المشفى الجامعي كونها مجانية، 90 بالمائة من المصابين يعيشون في مركز إيواء أو تجمع مكتظ للنازحين، ولا يملكون مأوى مستقلاً، وكل ما نستطيع تقديمه لهم هو وصفات الدواء والتعليمات".

ويضيف "للأسف لم يعد يسيطر الأطباء بشكل كامل على الظروف التي يعيش فيها المريض، هو نفسه لا يسيطر عليها، لذا تبدو مهمة عزلهم صعبة جداً في ظل الظروف المحيطة، فلا نحن نمتلك غرف عزل في مستشفياتنا ولا المريض يتمكن من عزل نفسه عن محيطه، نوجه المرضى بضرورة أن يعيشوا في غرف معزولة لمدة شهر على الأقل خلال العلاج، لكن هذا لا يحدث وهو ما يتسبب بنقل العدوى وتضاعف أعداد الإصابات، فهو من الأمراض التي تنتقل بسهولة عن طريق الهواء، من خلال السعال".

ولفت الآغا إلى أن "العصية السلية" كانت شبه كامنة في سورية، إلا أنها استيقظت بسبب الظروف الصحية السيئة التي يعيش في ظلها الملايين من السوريين اليوم، لافتاً إلى أن "الأخطر من ذلك، هو عدم استجابة العشرات من المرضى للعلاج، ما يعني وجود مقاومة للمضادات الحيوية المعطاة بشكل أساسي (للريفامبيسن) الذي يعد أساسياً في العلاج، إننا بحاجة ماسة لإجراء دراسة على هذه الحالات، ظهور مقاومة ينذر بكارثة صحية جدية. حتى اليوم لا توجد أي جهة تقوم حتى بإحصاء عدد الإصابات".

 

من جانبه، يروي سمير الأكتع وهو ممرض يعمل في عيادة متنقلة بين ريفي حلب وإدلب "خلال الشهر الماضي قمنا بإجراء تحويل 12 حالة مشتبه بإصابتها بالسل لإجراء اختبارات، بين الحالات 3 أطفال من عائلة واحدة في مخيم الكرامة بريف إدلب. أكثر 50 بالمائة من الأطفال الذين نقوم بمعاينتهم غير ملقحين ضد السل، منهم من ولدوا في المناطق المحاصرة، ومنهم الرضع غير المسجلين حتى اليوم وليس لديهم دفاتر لقاح، وآخرون ألهت مصائب الحرب عائلاتهم عن احتياجاتهم الصحية".

وأضاف "الظروف الصعبة التي يعيشها الناس تتسبب بالكثير من الممارسات الصحية الخاطئة، لدينا الكثير من المرضى الذين لا يلتزمون بتعليمات الأطباء بسبب ظروفهم، هناك استخدام عشوائي للمضادات الحيوية، الكثيرون يوقفون تناولها حين يشعرون بتحسن في صحتهم، ويفضلون الاحتفاظ بما تبقى لتوفير ثمنها، آخرون لا يلتزمون بمدة العلاج لثلاثة أشهر لأنهم لا يملكون ثمنها"، وأضاف "من أكثر ما يساهم بانتشار السل هو اختلاط الأعراض على المرضى، أحد المصابين الذين تم تشخيص مرضه مؤخراً يعاني من سعال شديد كان يعتقد أنه من التدخين والأحوال الجوية السيئة في منطقة المخيم".

وأردف "نقوم بجهد كبير لتشخيص أكبر قدر ممكن من الحالات، لكننا ندرك وجود الكثير من المرضى غير المشخصين، والوفيات التي لم يعرف بإصابتها أحد، على سبيل المثال قام الطبيب المرافق لنا بتشخيص أحد المرضى الذي كان يعاني من أعراض متوسطة غير ظاهرة، حين أخبرنا أن والده توفي قبل عدة أشهر في المخيم بشكل غامض قائلاً: كان يسعل كل الليل، استيقظنا في الصباح وجدناه متوفياً، فعرفنا أن الشاب التقط العدوى من والده قبل وفاته".

وتصنف منظمة الصحة العالمية،مرض السل على أنه واحد من ضمن 10 أسباب للوفاة في العالم، وأن 95 في المائة من الوفيات الناجمة عن السل، تكون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

المساهمون