يلاحظ الشبان الباحثون عن شريكة لحياتهم في سورية، اليوم، تبايناً كبيراً في قيمة المهور التي يطلبها أهالي الفتيات من المتقدمين لخطبتهن، ففي حين يميل بعضهم لطلب مهور قليلة لا تتعدى الـ 50 دولاراً في سبيل تيسير الزواج، ترتفع قيمة طلبات آخرين إلى مئات آلاف الدولارات.
وكانت وسائل إعلام محلية سورية قد نقلت أن أغلى مهر في سورية حتى اليوم سُجل منذ قرابة الثلاثة أشهر في أحد عقود الزواج، بلغت قيمته 100 مليون ليرة سورية (تعادل 185 ألف دولار) مقدما ومؤخرا، في حين سبقتها حالة أخرى سجل فيها 20 مليون ليرة سورية.
الشاب السوري قيس (34 عاماً) يقول: "أعمل في السعودية، وجئت أخيراً في زيارة إلى دمشق، لأبحث عن شريكة حياة، في الواقع صدمت بالمهور التي يطلبها أهالي الفتيات اليوم. معظمها تفوق قدرتي على سدادها، يقول الجميع إنه يريد أن يضمن حقوق ابنته في هذه الظروف. ولمست طلبات المهور الخيالية خصوصا عند العائلات المعروفة في دمشق، لذا قررت ألا أبحث عن عروس من نسب معروف، أفضل أن أتزوج فتاة من عائلة متفهمة".
ولا يشترط القانون السوري حدوداً دنيا أو عليا لقيمة مهور الزواج سواء المقدم أو المؤخر، إلا أنه يشترط تسجيله بالليرة السورية، وليس أملاكا أو ذهبا. لهذا يعتقد بعضهم بضرورة رفع المهور بسبب انخفاض قيمتها مع تراجع قيمة العملة المحلية. وتقول أم صلاح وهي أم لثلاث شابات وشاب وتعيش في دمشق: "وفقاً لعاداتنا تستخدم الفتاة المهر المعجل لتجهيز بيتها الجديد وشراء الثياب والحلي، ومع تضاعف أسعار كل شيء، من الطبيعي أن تزيد المهور، فـ 400 ألف ليرة التي كانت تسجل في السابق لا تشتري اليوم إلا القليل". وتضيف "أما قيمة المؤخر فهو مؤشر على جدية المتقدم للزواج، فمن لا يرضى بتسجيل مؤخر مرتفع فهذا يعني أن لديه نية مسبقة بزواج مؤقت وليس تأسيس أسرة فعلياً، أما من كانت نيته جيدة فيعتبر أن هذه القيمة لا معنى لها طالما لن يحدث طلاق".
على الجانب الآخر، لا تطلب بعض العائلات أكثر من مبالغ رمزية من المتقدم للزواج، وتبدي تفهماً للحالة الاقتصادية السيئة التي تعاني منها الشريحة العظمى من السوريين.
وتقول فاطمة وهي مهندسة سورية تعيش في مدينة حلب: "لم يعن لي يوماً أن أحصل على مهر عالٍ، لأني لا أرى الزواج صفقة، كما لا أرى نفسي سلعة، لكنّ والديّ طالما تمسكا بقيمة المهر في زيجات أخواتي اللواتي يكبرنني، باعتبار أن قيمة المهر تعكس قيمة الفتاة والعائلة. لحسن الحظ أنهم غيروا رأيهم. بالمنطق لا يمكن لأي شاب اليوم أن يكون له دخل عال إن كان عمله شريفاً، بسبب حالة الغلاء الذي نعيشه. لقد تزوجت من شهرين ولم تتعد قيمة المهر الذي قمنا بتسجيله الألفي دولار".
وفي الوقت الذي تتباين فيه تقديرات السوريين لقيمة المهر المفترض، يبدو أن الظروف المعيشية الحالية تفرض تسجيل معظم المهور تحت بند "مؤجل أو غير مقبوض". تقول فاطمة: "كل هذا حبر على ورق، حتى من يسجلون مهورا عالية، لا يطالبون بها إلا إن وقع الطلاق".