فشل كلوي... فموت

03 مايو 2017
هل ينجو؟ (سمير الدومي/ فرانس برس)
+ الخط -

تشهد مراكز غسيل الكلى في مستشفيات مصر الحكومية نقصاً حاداً في مستلزمات العلاج لا سيّما المحاليل والفلاتر المستخدمة في عمليات غسيل الكلى التي يحتاج إليها المريض ما بين مرّتَين وثلاث مرّات أسبوعياً. كذلك ثمّة نقص في عقار "كيتوستريل" الخاص بعلاج مرضى الفشل الكلوي، فيما ارتفع ثمنه من 220 إلى 450 جنيهاً مصرياً، ليتراوح في السوق السوداء بين ألف و1800 جنيه، وذلك على الرغم من تحذيرات الأطباء في ظل عدم توفّر بديل آخر.

تلقّى وزير الصحة المصري، الدكتور أحمد عماد الدين، تقارير من عدد من وكلاء وزارة الصحة في المحافظات، لا سيما الدقهلية والبحيرة والشرقية وكفر الشيخ فضلاً عن وكلاء وزارة الصحة في محافظات المنيا وأسيوط والأقصر وقنا، تؤكد كلها تهالك أجهزة غسيل الكلى في مستشفيات تلك المحافظات وتطالب وزارة الصحة بالتحرك العاجل لإنقاذ المرضى من الموت الذي يهدد حياتهم، فضلاً عن انتشار أمراض معدية بينهم من قبيل التهاب الكبد الوبائي من نوع "سي" بسبب قلة الفلاتر وبالتالي استخدام الواحد لأكثر من مريض وعدم تعقيمه.

الوزارة لا تتحرّك

يؤكد مصدر طبي مسؤول أنّ "مرضى الفشل الكلوي يواجهون أزمة شديدة في كل المحافظات، نتيجة نقص عقار كيتوستريل الذي يعدّ العلاج الوحيد لهم في مصر"، مضيفاً أنّ "العقار ليس له بديل ويُعدّ أحد الأدوية الحيوية الواجب توفيرها للمرضى حفاظا على حياة بعضهم". ويشرح لـ "العربي الجديد" أنّ "اختفاءه يأتي بسبب ارتفاع سعر الدولار الأميركي، إذ هو يُستورَد من الخارج"، مشدداً على "ضرورة أن تجد وزارة الصحة حلاً لأزمة نقص الأدوية الحيوية والسيطرة على السوق السوداء". ويلفت المصدر نفسه إلى "تقارير طبية تصل إلى الوزارة يومياً حول خطورة الوضع داخل مراكز غسيل الكلى، وأغلب المرضى هناك من الفقراء. لكنّ الوزارة لا تتحرّك".

وكان تقرير صادر عن جمعية أصدقاء مرضى الفشل الكلوي قد عبّر عن انزعاج الجمعية الشديد من المأساة التي يعانيها هؤلاء المرضى في مصر، إذ يواجهون مخاطر عدّة تتهدّد حياتهم وتعرّضهم لانتقال فيروسات الكبد أثناء عمليات الغسيل، فضلاً عمّا يواجهونه بسبب مافيا تجارة الأدوية واستغلال أصحاب الوحدات حيث تجري عمليات الغسيل، كل ذلك في ظلّ تجاهل وزارة الصحة المصرية التي تتركهم لقمة سائغة للجشعين. وكشف التقرير أنّ ثمّة مليونَين و600 ألف مصاب بهذا المرض، يُعالجون في 460 مركزاً خاصاً وحكومياً، موضحاً أنّ مصر تحتل المرتبة الأولى في البلدان التي تقدّم رعاية طبية دون المستوى لمرضى الفشل الكلوي. وأشار إلى أنّ أكثر المصابين بالمرض هم دون الخمسين، وهذا دليل على تردّي الرعاية الصحية، أمّا الإصابات بين المصريات فتصل إلى 55 في المائة بينما إصابات الذكور تسجّل 45 في المائة.

إلى ذلك، شدّد تقرير الجمعية على أنّه ثمّة مشاكل كثيرة يواجهها مرضى الفشل الكلوي في مصر، من بينها انسداد مواسير سحب المياه في ماكينات الغسيل، وتعرّضهم أثناء الغسيل للصداع والضغط والشدّ العضلي والهرش (الحكة) الشديد، الأمر الذي يعرّض كثيرين للموت داخل أقسام غسيل الكلى بسبب الإهمال.




تبرّعات الفقراء

في السياق، يكشف مسؤول طبي رفض الكشف عن هويّته أنّ "مراكز طبية كثيرة تجبر حالياً المرضى على دفع تبرّعات قد تكون شهرية، لا سيما المرضى الذين يخضعون إلى ثلاث عمليات غسيل كلى أسبوعياً، على الرغم من أنّها مجانية تتكفّل الحكومة بها". يضيف المسؤول نفسه لـ "العربي الجديد" أنّ "تكلفة جلسة غسيل الكلى الفعلية في الوقت الحالي بعد ارتفاع أسعار مستلزمات الغسيل تتراوح بين 250 و300 جنيه، وتستغرق الجلسه الواحدة نحو ثلاث أو أربع ساعات، إلا أنّه مع زيادة عدد المرضى من الممكن أن تُقلّص إلى أقل من ساعتين".

وكانت أزمة مرضى الفشل الكلوي قد دفعت عضو مجلس النواب الدكتور سمير رشاد إلى التقدّم بطلب إحاطة إلى وزير الصحة للسؤال حول أسباب نقص مستلزمات الغسيل الكلوي في معظم مستشفيات المحافظات المصرية وكذلك احتكار بعض الشركات الأجنبية لتلك المستلزمات.

من جهته، يتحدّث أستاذ المسالك البولية في جامعة عين شمس الدكتور عادل حسين لـ "العربي الجديد" عن أسباب انتشار مرض الفشل الكلوي في مصر، موضحاً أنّ "أبرزها هو تلوّث المياه والمزروعات بمواد خطيرة على صحة الإنسان، فضلاً عن عوامل أخرى كثيرة منها ارتفاع ضغط الدم وانتشار داء السكري بالإضافة إلى السمنة والأنيميا أو فقر الدم". ويشير حسين إلى "أسباب أخرى من قبيل الحصوات والعوامل الوراثية، على سبيل المثال ضمور الكلى أو عيوب في المسالك البولية والحالب، بالإضافة إلى تناول الأدوية بطرق عشوائية مثل المسكنات والمضادات الحيوية، وانتشار المبيدات".

دلالات
المساهمون