مصر: مخاوف من تمرير البرلمان قانون التأمين الصحي

05 ابريل 2017
أحد مستشفيات التأمين الصحي في مصر (فيسبوك)
+ الخط -

أعلن عدد من الجهات والشخصيات العامة المصرية، رفْض قانون التأمين الصحي الذي أقرته الحكومة المصرية مؤخراً، تمهيداً لإرساله إلى مجلس النواب المصري، ووصفوا القانون بأنه "يفتح الباب أمام خصخصة الخدمة الصحية، وضياع أصول المنشآت الصحية التي بُنيت بأموال الشعب عبر سنوات".

وفصّلت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، وهي مبادرة مجتمع مدني، الانتقادات الأساسية على مشروع القانون في عدة محاور؛ أولها ما يتعلق بتقديم الخدمة ومستشفيات الدولة. وقالت اللجنة إن طريق تقديم الخدمة في مشروع القانون مازال "التعاقد" مع مستشفيات القطاع الحكومي أو الخاص، بعد الحصول على شهادة الجودة والاعتماد، ونص مشروع القانون على أن "تلتزم الدولة برفع كفاءة المنشآت الصحية التابعة لها تدريجيا، قبل البدء في تطبيق النظام".
وتعقد اللجنة مؤتمرا صحافيا، السبت المقبل، لإطلاق حملة "من أجل تأمين صحي اجتماعي شامل وعادل"، تكشف فيه تفاصيل رفضها لمشروع القانون القائم.

وتساءلت اللجنة، في تقرير صدر اليوم الأربعاء: "ما مصير المستشفيات التي ستنخفض فيها معايير الجودة بعد ضمّها إلى هيئة الرعاية الصحية التي تؤول إليها كافة المستشفيات المملوكة للدولة؟ وما مصير العاملين فيها؟ هل ستكون الدولة ملزمة، عبر أيّ من هيئاتها، ببحث أسباب انخفاض الجودة وعلاجها؟ أم ستخرج المستشفى من التعاقد مع هيئة التأمين الصحي؟ أم ستطرح المستشفى للشراكة مع القطاع الخاص لتطويره وتشغيله؟ أم ستطرحه للبيع، بحجة أن الدولة غير قادرة على ضخ الأموال اللازمة للتطوير والتشغيل".

واقترح التقرير أن يضم مشروع القانون، أن "هيئة الرعاية الصحية هي الأداة الأساسية لتقديم الخدمة الصحية لهيئة التأمين الصحي بسعر التكلفة، وتظل كافة المنشآت الصحية الحكومية ملكا للدولة، وتدار بواسطتها عبر هيئة الرعاية الصحية، ويحظر طرحها للبيع أو للشراكة أو للإدارة بواسطة القطاع الخاص، كما ينص الدستور. كما تلتزم هيئة الرعاية الصحية بتلافي وعلاج دائم لأية أسباب لنقص مستوى الجودة في أي منشأة صحية تابعة لها عبر آليات واضحة".

كما يجوز لها "التعاقد مع القطاع الخاص للحصول على الخدمات المكملة لخدمات هيئة الرعاية الصحية في تعاقدات نزيهة شفافة. كما يجوز لأي مواطن متمتع بالتأمين الصحي أن يحصل على الخدمة من أي مستشفى خاص يريده، على أن تقوم هيئة التأمين الصحي بسداد قيمة الخدمة تبعا لسعر الخدمة في هيئة التأمين الصحي، ويتحمل المواطن فارق السعرين إن وُجد".

تضامن المنتفعين

وحول "المساهمات المفروضة عند تلقي العلاج"، قالت اللجنة إن "القاعدة الأساسية في التأمين الصحي هي أن يدفع المشترك نسبة ثابتة من دخله، بفضل تضامن المنتفعين، وأيضا بفضل توسيع دائرة المشاركة في تحمّل مخاطر الصحة عن طريق شمول التأمين لأكبر عدد ممكن، لعلاج مَن يحتاج للعلاج سواء علاج مكلف أو غير مكلف، ولا يضطر لإدى فع مبالغ كبيرة قد تعيق إتاحة العلاج له إذا كان لا يمتلكها"، بينما أوضحت المذكرة التفسيرية للقانون أن فلسفة المساهمات "لم تعد مجرد ترشيد استخدام الخدمة كما كانت تُدعى في السابق، ولكنها صارت تعتبر المساهمات قسما أساسيا من تمويل الخدمة".



وقال التقرير: "القانون جعل الفئات الضعيفة (الأمراض المزمنة، والمعاشات، وأطفال الشوارع) ملزمين بدفع 20 في المائة من قيمة هذه المساهمات بعد أن كان لديهم إعفاء شامل".

كما فنّد "علاج الأطفال" في المشروع الجديد، مؤكدا أن المشروع المقدم يحمّل الوالد أو العائل قسما من أجره لكل طفل، ولا تتحمل الدولة أي نسبة للأطفال. والأفدح أن المشروع يربط تقدم الطفل للدراسة بسداد أقساط التأمين الصحي.
وأوضحت اللجنة أن "الدول تتكفل، في أغلب نظم التأمين الصحي الاجتماعي، بدفع اشتراكات الأطفال، لأن صحة الطفل جزء أساسي من مسؤوليات الدولة"، وتقدمت باقتراح "أن تتحمل الدولة أعباء التأمين الصحي الشامل للأطفال، لأن التنمية البشرية بالتعليم والحفاظ على الصحة أساس الإنتاج وأساس تكوين جيل يستطيع صحيا تحمل عبء الدفاع عن الوطن، مثل كل نظم التأمين الصحي الاجتماعي في العالم".

غياب المقومات

وقدمت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، مجموعة من الملاحظات العامة بشأن مشروع القانون، منها أن البدء بتنفيذ نظام تأمين صحي اجتماعي شامل يستلزم "توفير المقومات الأساسية التي تمكن من تنفيذ هذا النظام، مثل التمويل الكافي الذي نص عليه الدستور (التمويل الحالي يقل عن ثلثي الحد الأدنى الذي نص عليه الدستور)، وتوفير مستلزمات العلاج، والأجور التي تجذب الأعداد الكافية من الأطباء والتمريض، وتوفير قائمة الأدوية الأساسية. أما الحديث عن تأمين صحي اجتماعي شامل من دون حل هذه المشاكل فهو ضرب من الخيال".

وحذفت النسخة الأخيرة من القانون 10 أنواع من الضرائب التي كانت مفروضة سابقا لصالح التأمين الصحي. "كل النسخ السابقة من القانون كانت تجعل ضريبة السجائر 10 في المائة من قيمة العبوة المباعة، بينما تم تثبيتها بمقدار 50 قرشا لكل علبة، أي أنها قلّت إلى الثلث في السجائر المحلية، وإلى أقل من السدس في الأجنبية".
وأخيرا، أكدت اللجنة أن "الصياغة الحالية لتعريف غير القادرين اللذين تلتزم الدولة بدفع الاشتراك عنهم، ماتزال صياغة طويلة مطاطة لا تعطي معنى واضحا، والمطلوب بدلا منها النص على أن غير القادر هو الذي يقل إجمالي دخله عن الحد الأدنى للأجور، الذي يتحدد على أساس سلة السلع والخدمات الأساسية التي تكفي الأسرة".