أرض الفلسطيني عزام سلمان... جنة بين فكي مستوطنة

05 ابريل 2017
الفلسطيني عزام محمد سلمان صاحب الأرض(العربي الجديد)
+ الخط -
لا يتمكن المواطن الفلسطيني عزام عبد العزيز محمد سلمان (43 عاما) من بلدة دير استيا غرب سلفيت شمال الضفة الغربية من دخول أرضه إلا مرة أو مرتين في السنة وبالتنسيق المسبق فقط، منذ إقامة مستوطنة "حفات يئير" على أراضي البلدة قبل 15 عاما، وبعد أن أحاطت المستوطنة أرضه من كافة جوانبها، "لتصبح كأنها بين فكي كماشة".


أرض عزام سلمان التي يملكها وعدد من أقربائه، تبلغ مساحتها نحو 250 دونما، مزروع منها نحو 20 دونما فقط بأشجار الزيتون، يمنع من دخولها منذ عام 2002 وحتى الآن إلا بتنسيق مسبق من خلال الارتباط الفلسطيني. مرة يدخلها لقطاف ثمار الزيتون ومرة لحراثتها وغالبا لا يدخلها سوى مرة واحدة سنويا.

وقبل التنسيق الذي بدأ منذ 11 عاما، كان عزام يدخل أرضه تهريبا، كما يقول لـ"العربي الجديد"، ويحكي عن علاقته الوثيقة بأرضه وتمسكه بها، بعد مرور أيام قليلة على إحياء ذكرى "يوم الأرض" الموافق في 30 مارس/آذار الماضي.

ويعمل عزام آذنا بمدرسة في بلدة دير استيا، علاوة على عمله في زراعة أرض أخرى له، وكذلك في مجال الإنشاءات، علّه يوفر حياة كريمة لأسرته. ويشير إلى أن أرضه التي حرم من زراعتها، كانت ستكون جنة لولا مستوطنة "حفات يئير" التي يستوطن فيها نحو ألف مستوطن إسرائيلي وتبعد نحو ثلاثة كيلو مترات عن بلدة دير استيا.

وزيارة عزام لأرضه محفوفة بالمخاطر، ويسمح له بدخولها مع أقرباء أو أصدقاء من دير استيا فقط ولمدة ثلاثة أيام كحد أقصى من الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا، عندها يذهب إلى بوابة المستوطنة، وهناك يرافقهم جنود الاحتلال تحسبا لأذى محتمل يمكن أن يفتعله المستوطنون. أما في حال رفض طلبة زيارة أرضه يكرر الطلب على مدار أيام التنسيق المسموح له فيها من دخول الأرض، رغم أن تكاليف المواصلات الباهظة ترهقه.

لم تصادر سلطات الاحتلال أرض عزام وأقربائه، بل أقامت مستوطنة في أراضٍ تسمى "أراضي دولة" هناك، ووضعت أسلاكا شائكة حولها بما فيها أرض عزام، بحجة حماية المستوطنة. ومنع أصحاب الأرض من دخولها رغم أنهم يملكونها منذ نحو 60 عاما. ويحمل عزام أوراقا تثبت ملكيتها، ولكنه لا يستطيع رفع قضية على سلطات الاحتلال أمام المحاكم الإسرائيلية وسيقال له ببساطة "أرضك غير مصادرة، ويسمح لك بدخولها"، لكنه فعليا ممنوع من دخولها إلا بتنسيق مسبق.

الزيتون في بلدة دير استيا الفلسطينية (فيسبوك) 




بين منازل المستوطنين المقامة عنوة على أطراف الأرض، وتحيط بأرض عزام كالجدار، تبدأ رحلة الخوف والمعاناة بعد الدخول من بوابتين أمنيتين وبوجود جنود الاحتلال، لقطف ثمار الزيتون من قطعتي أرض مزروعة بنحو 200 شجرة زيتون. ويفاجأ أصحاب الأرض بالمستوطنين الذين قد يؤذونهم، لذا يضطر عزام لمرافقة أبنائه خوفا على حياتهم.

يتمنى عزام سلمان أن تعود أرضه كما كانت ويستثمرها ويعمرها بأشجار الزيتون، وغيرها من المزروعات، إذ قل إنتاجها من زيت الزيتون من مئات إلى عشرات الليترات فقط، بسبب قلة الاهتمام بها وحراثتها.

ورغم كل تلك المعاناة والحرمان لا يفرط عزام سلمان بأرضه، "هي مثل ابن لي، حين دخلتها لأول مرة بعد حرمان سنوات، بكيت ذكرياتي فيها، ووجدت أشجارها قد جفت، وأصبحت حطبا"، يقول لـ"العربي الجديد"، آملا أن تعود الأرض ليعود معها كل شيء جميل.

التوسع الاستيطاني في سلفيت (فيسبوك) 



يقول الباحث والناشط في مجال مقاومة الاستيطان، أيوب أبو حجلة، لـ"العربي الجديد"، إن "أراضي سلفيت مستهدفة منذ بدايات الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، لأنها مطلة على منطقة تل أبيب في الداخل المحتل عام 1948، وتقع على ثاني أكبر حوض مائي في الضفة الغربية".

وأوضح أن سلفيت "محط أنظار الأطماع الاستعمارية، فأراضيها الزراعية خصبة وفيها وادي قانا الشهير، وتحوي آثارا يونانية وإغريقية وعثمانية، وتنتشر فيها المقامات الدينية".

أراضي محافظة سلفيت الفلسطينية (فيسبوك) 



وأشار أبو حجلة إلى "سهولة الاستيلاء على أراضي سلفيت لأن كثيرا منها مسجلة كأراضي دولة منذ الحكم الأردني قبل عام 1967، ومن الصعب أن يدافع عنها الناس"، الأمر الذي شجع الاستيطان الإسرائيلي فيها.

سلفيت، التي أعلنتها السلطة الفلسطينية في عام 2006 محافظة، تضم 19 قرية وبلدة بمساحة إجمالية تقدر بنحو 203 كيلومترات، قسمتها المستوطنات إلى ثلاثة أقسام، ويبلغ تعداد سكانها 69 ألف نسمة. يظهر حجم التوسع الاستيطاني فيها واستهدافها بتطويقها من 28 مستوطنة وبؤرة استيطانية ومواقع عسكرية وخدماتية وصناعية استيطانية، علاوة على التجريف وسرقة التراب والحجارة يوميا.

ويلتهم الاستيطان الإسرائيلي 39 ألف دونم من مساحة محافظة سلفيت، منها مسطح بناء للمستوطنات يبلغ 6961 دونمًا، والتي يسكنها 41824 مستوطنًا. ويحيط بمحافظة سلفيت جدار الفصل العنصري، الذي تنوي إسرائيل إقامته بطول 91 كيلومترا، الذي بني منه حتى الآن 27 كيلومترا، وأدى إلى إغلاق 1.4 كيلومتر مربع من أراضي سلفيت. وفي حال اكتمال بناء الجدار، فإن حياة 35 ألف نسمة من التجمعات السكانية في المحافظة تتأثر بالفصل.