لم تعد طرق الهجرة التقليدية متاحة أمام شبان غزة بعد تشديد الإجراءات في كثير من البلدان. مع ذلك، هناك وسيلة جديدة قد تمكّن الشبان من الهجرة عبر بوابة الثقافة والتعليم، بداية من دراسة لغة البلد المقصود وإتقانها قبل البدء في رحلة مغادرة الوطن إن بهدف الدراسة عبر منحة، أو العمل.
بعد العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014، بات الشبان أكثر من أيّ وقت مضى يبحثون عن وسيلة تمكّنهم من الخروج من القطاع المدمر. الهجرة غير الشرعية التي تبدأ من الأنفاق ثم عبر البحر من مصر كانت هي المتاحة وقتها، لكنّ غرق سفينة مهاجرين تقلّ العشرات من القطاع في نهاية سبتمبر/ أيلول 2014، أدى إلى تخوف الأهالي، خصوصاً أنّ كثيرين ما زالوا مفقودين جراء الحادث.
الوسيلة البديلة للهروب كانت من خلال تعلم اللغة الرسمية للبلد المستهدف. مراكز تعليم اللغات في القطاع تستقبل في العامين الأخيرين أعداداً غير مسبوقة. "مركز الرائد للتدريب والتطوير" يستقبل يومياً استفسارات كثيرة بخصوص دراسة اللغة كتابة ومحادثة، والهدف من 70 في المائة من الاستفسارات الهجرة.
هديل الطيبي مدرسة لغة إنكليزية في عدة مراكز، من بينها "مركز الرائد". تشير إلى أنّ معظم الشبان يتطلعون إلى اللغة الإنكليزية من باب الهجرة واللجوء بسبب سوء أوضاع قطاع غزة، خصوصاً أنّ المنح الدراسية المقدمة من دول العالم تشترط اللغة الإنكليزية (أو غيرها) لقبول الطلاب. تقول لـ"العربي الجديد": "للمنح جوانب إيجابية إذا درس الطالب في الخارج وعاد إلى بلده لاحقاً فيضع خبرته فيه، لكنّ المحزن هو أنّ الشبان يسافرون ولا يعودون. هم يهربون من بلدهم وواقعهم". تضيف: "أكثر اللغات المرغوبة هي الإنكليزية بالنسبة إلى الشبان المقبلين على الهجرة كونها اللغة العالمية الأكثر انتشاراً، ثم اللغة التركية، ومن بعدها الفرنسية والإسبانية".
أحد من يتعلمون الإنكليزية، أحمد الدمياطي (25 عاماً)، خرّيج علوم مالية ومصرفية من "جامعة القدس المفتوحة". أقبل على تعلم اللغة لعدم تمكنه من الحصول على أيّ منحة دراسية خارجية في ظل الشرط الأساسي لذلك، وهو الذي يتمثل بالحصول على شهادة اختبار اللغة الإنكليزية المعروفة باسم "أيلتس"، أو الشهادة الأخرى المعروفة باسم "توفيل". وبذلك، بدأ منذ بداية العام الحالي في تلقي الدروس في أحد مراكز اللغة في خانيونس.
ينظر الدمياطي إلى اللغة على أنّها مفتاح الخروج من القطاع، خصوصاً أنّ التعليم المدرسي لم يمكّنه من فهم الإنكليزية بالشكل المطلوب. يقول لـ"العربي الجديد": "مرّ على بطالتي ثلاثة أعوام بعد التخرج. وعملت فيها عاماً بعقد بطالة (عقد حكومي مؤقت). الفرص المتاحة مذلة للموظفين والعمال، والدول الخارجية تطلب من الفلسطينيين تحدث الإنكليزية. لن أنتظر مثل كثيرين أن يمضي بي العمر، لذلك، أعود اليوم إلى نقطة الصفر في تعلم الإنكليزية".
زيد مصلح (27 عاماً) خرّيج علم نفس أقبل على دراسة اللغة الإنكليزية أخيراً وحصل على المستوى التاسع من أصل 12 مستوى في شهادة "توفيل"، وينتظر مقابلة المنحة البريطانية لدراسة الماجستير في جامعة "أكسفورد". لا يرغب في العودة إلى غزة لأنه لا يرى أيّ حافز له للعمل في القطاع في ظل الانقسام السياسي ولجوء أبناء جيله إلى البحث عن عقود البطالة الحكومية.
اقــرأ أيضاً
يقول مصلح لـ"العربي الجديد": "نعم أريد أن أهاجر. أقولها أمام المسؤولين الذين يطلبون منا أن نصمد لكنّهم يكذبون. طريقي إلى الهجرة سيكون عبر اللغة والمنحة. هل من المعقول بعد كلّ سنوات الدراسة والمشقة أن يتحول طموحي إلى نيل عقد بطالة لا يتجاوز راتبه 300 دولار أميركي لا تكفي مصروف شاب وحده؟".
مركز لغات آخر هو "نيو سكيب" يستقبل يومياً عشرات الاستفسارات بسبب قربه من مجمع الجامعات وسط مدينة غزة. إلى جانب تقديمه دروس اللغة الإنكليزية ودوراتها المتنوعة، يقبل عدد آخر من الشبان والخريجين على تعلم اللغة التركية، نظراً لتقديم الجامعات التركية عدداً كبيراً من المنح الدراسية في جامعاتها للفلسطينيين، خصوصاً سكان قطاع غزة الذي يحظون بالأولوية.
يقول منسق المركز، محمود شراب، لـ"العربي الجديد": "تركيا بالنسبة لطلاب غزة باتت أفضل من أوروبا سواء للهجرة أو العمل لأنّهم يجدون المجتمع التركي يقدّر ظروف فلسطين، ويمنح أبناءها التسهيلات، فلا حاجة إلى المذلة التي بتنا نراها تواجه المهاجرين العرب في بعض البلدان الأوروبية".
يشير شراب إلى أنّ مركزه استقبل 250 طالباً جديداً تتراوح أعمارهم بين 22 عاماً و31. يدرسون في المركز اللغة الإنكليزية بمستويات، فيما يدرس 50 طالباً آخر المحادثة بالإنكليزية فقط، أما اللغة التركية فيدرسها محادثة وكتابة 184 طالباً.
تختلف دوافع نوال أبو زاهر (26 عاماً) للهجرة. هي تريد الوصول إلى خطيبها في تركيا الذي سافر إلى إسطنبول بمنحة دراسية قبل عام، ويعمل حالياً محاسباً في شركة عربية هناك إلى جانب الدراسة. هذا ما اضطرها إلى البدء في تعلم التركية منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
اقــرأ أيضاً
بعد العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014، بات الشبان أكثر من أيّ وقت مضى يبحثون عن وسيلة تمكّنهم من الخروج من القطاع المدمر. الهجرة غير الشرعية التي تبدأ من الأنفاق ثم عبر البحر من مصر كانت هي المتاحة وقتها، لكنّ غرق سفينة مهاجرين تقلّ العشرات من القطاع في نهاية سبتمبر/ أيلول 2014، أدى إلى تخوف الأهالي، خصوصاً أنّ كثيرين ما زالوا مفقودين جراء الحادث.
الوسيلة البديلة للهروب كانت من خلال تعلم اللغة الرسمية للبلد المستهدف. مراكز تعليم اللغات في القطاع تستقبل في العامين الأخيرين أعداداً غير مسبوقة. "مركز الرائد للتدريب والتطوير" يستقبل يومياً استفسارات كثيرة بخصوص دراسة اللغة كتابة ومحادثة، والهدف من 70 في المائة من الاستفسارات الهجرة.
هديل الطيبي مدرسة لغة إنكليزية في عدة مراكز، من بينها "مركز الرائد". تشير إلى أنّ معظم الشبان يتطلعون إلى اللغة الإنكليزية من باب الهجرة واللجوء بسبب سوء أوضاع قطاع غزة، خصوصاً أنّ المنح الدراسية المقدمة من دول العالم تشترط اللغة الإنكليزية (أو غيرها) لقبول الطلاب. تقول لـ"العربي الجديد": "للمنح جوانب إيجابية إذا درس الطالب في الخارج وعاد إلى بلده لاحقاً فيضع خبرته فيه، لكنّ المحزن هو أنّ الشبان يسافرون ولا يعودون. هم يهربون من بلدهم وواقعهم". تضيف: "أكثر اللغات المرغوبة هي الإنكليزية بالنسبة إلى الشبان المقبلين على الهجرة كونها اللغة العالمية الأكثر انتشاراً، ثم اللغة التركية، ومن بعدها الفرنسية والإسبانية".
أحد من يتعلمون الإنكليزية، أحمد الدمياطي (25 عاماً)، خرّيج علوم مالية ومصرفية من "جامعة القدس المفتوحة". أقبل على تعلم اللغة لعدم تمكنه من الحصول على أيّ منحة دراسية خارجية في ظل الشرط الأساسي لذلك، وهو الذي يتمثل بالحصول على شهادة اختبار اللغة الإنكليزية المعروفة باسم "أيلتس"، أو الشهادة الأخرى المعروفة باسم "توفيل". وبذلك، بدأ منذ بداية العام الحالي في تلقي الدروس في أحد مراكز اللغة في خانيونس.
ينظر الدمياطي إلى اللغة على أنّها مفتاح الخروج من القطاع، خصوصاً أنّ التعليم المدرسي لم يمكّنه من فهم الإنكليزية بالشكل المطلوب. يقول لـ"العربي الجديد": "مرّ على بطالتي ثلاثة أعوام بعد التخرج. وعملت فيها عاماً بعقد بطالة (عقد حكومي مؤقت). الفرص المتاحة مذلة للموظفين والعمال، والدول الخارجية تطلب من الفلسطينيين تحدث الإنكليزية. لن أنتظر مثل كثيرين أن يمضي بي العمر، لذلك، أعود اليوم إلى نقطة الصفر في تعلم الإنكليزية".
زيد مصلح (27 عاماً) خرّيج علم نفس أقبل على دراسة اللغة الإنكليزية أخيراً وحصل على المستوى التاسع من أصل 12 مستوى في شهادة "توفيل"، وينتظر مقابلة المنحة البريطانية لدراسة الماجستير في جامعة "أكسفورد". لا يرغب في العودة إلى غزة لأنه لا يرى أيّ حافز له للعمل في القطاع في ظل الانقسام السياسي ولجوء أبناء جيله إلى البحث عن عقود البطالة الحكومية.
يقول مصلح لـ"العربي الجديد": "نعم أريد أن أهاجر. أقولها أمام المسؤولين الذين يطلبون منا أن نصمد لكنّهم يكذبون. طريقي إلى الهجرة سيكون عبر اللغة والمنحة. هل من المعقول بعد كلّ سنوات الدراسة والمشقة أن يتحول طموحي إلى نيل عقد بطالة لا يتجاوز راتبه 300 دولار أميركي لا تكفي مصروف شاب وحده؟".
مركز لغات آخر هو "نيو سكيب" يستقبل يومياً عشرات الاستفسارات بسبب قربه من مجمع الجامعات وسط مدينة غزة. إلى جانب تقديمه دروس اللغة الإنكليزية ودوراتها المتنوعة، يقبل عدد آخر من الشبان والخريجين على تعلم اللغة التركية، نظراً لتقديم الجامعات التركية عدداً كبيراً من المنح الدراسية في جامعاتها للفلسطينيين، خصوصاً سكان قطاع غزة الذي يحظون بالأولوية.
يقول منسق المركز، محمود شراب، لـ"العربي الجديد": "تركيا بالنسبة لطلاب غزة باتت أفضل من أوروبا سواء للهجرة أو العمل لأنّهم يجدون المجتمع التركي يقدّر ظروف فلسطين، ويمنح أبناءها التسهيلات، فلا حاجة إلى المذلة التي بتنا نراها تواجه المهاجرين العرب في بعض البلدان الأوروبية".
يشير شراب إلى أنّ مركزه استقبل 250 طالباً جديداً تتراوح أعمارهم بين 22 عاماً و31. يدرسون في المركز اللغة الإنكليزية بمستويات، فيما يدرس 50 طالباً آخر المحادثة بالإنكليزية فقط، أما اللغة التركية فيدرسها محادثة وكتابة 184 طالباً.
تختلف دوافع نوال أبو زاهر (26 عاماً) للهجرة. هي تريد الوصول إلى خطيبها في تركيا الذي سافر إلى إسطنبول بمنحة دراسية قبل عام، ويعمل حالياً محاسباً في شركة عربية هناك إلى جانب الدراسة. هذا ما اضطرها إلى البدء في تعلم التركية منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.