مليون عقار مهدد في مصر

23 ابريل 2017
في القاهرة 189 منطقة عشوائية (ديفيد سيلفرمان/Getty)
+ الخط -
كشفت تقارير مصرية عن أنّ الأحوال الجوية السيئة التي ضربت عدداً من المحافظات في منتصف الشهر الجاري وتسببت في انهيار عدد من المنازل على رؤوس قاطنيها، وجود أكثر من مليون عقار مهدّد بالانهيار في أيّ وقت صدر بشأنها 132 ألف قرار إزالة لم ينفّذ منها شيء. كذلك فإنّ مئات المدارس بالإضافة إلى عدد من المباني الحكومية مهدّدة بالمصير نفسه، بسبب تهالك الأساسات الخاصة بها.

وانهيار العقارات من الأنباء التي اعتاد المصريون سماعها يومياً، في حين تشير التقارير إلى دور كبير لفساد المحليات في ذلك بسبب عدم قيامها بدورها لهدم تلك المنازل قبل وقوعها على رؤوس أصحابها، بالإضافة إلى تشعّب القوانين وتضاربها داخل المحافظات وعدد من الوزارات. وقد وثقت التقارير 680 انهياراً لعقارات في عدد من المحافظات المصرية منذ بداية عام 2016 حتى منتصف أبريل/ نيسان الحالي، محذّرة من أنّ كلّ المحافظات باتت في حالة أقرب إلى "انتظار وقوع المصيبة"، فالأجهزة المعنية لا تتحرك إلا بعد وقوع الحادثة.

يقول مصدر مسؤول في المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء إنّ "مسلسل انهيار العقارات في مصر مستمر"، مشيراً إلى أنّ "أجهزة الدولة بمختلف مستوياتها تعلم جيداً بمشكلة البناء العشوائي المنتشر في المحافظات حالياً، والتي ارتفعت بنسبة كبيرة بعد ثورة 25 يناير 2011 نتيجة الانفلات الأمني على مستوى كل أحياء المحافظات ومراكزها وقراها". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "ألفَين و685 حالة تعدّ، سُجّلت على الأراضي الزراعية، فضلاً عن زيادة مباني المناطق العشوائية لتصل إلى أكثر من 17 مليوناً في مصر. في القاهرة وحدها، 189 منطقة عشوائية". ويتابع، إنّ "نسبة مخالفات المباني بلغت نحو 90 في المائة من إجمالي العقارات".


ويوضح المصدر المسؤول نفسه أنّ "محافظة القاهرة تحتل المرتبة الأولى بين المحافظات، حيث نجد عقارات معرّضة للانهيار، خصوصاً في مناطق الحسين والجمالية والدرب الأحمر والحمزاوي والأزهر والباطنية وباب الخلق والزاوية والشرابية وشبرا وبولاق أبو العلا، بالإضافة إلى مناطق أخرى. وذلك بسبب ارتفاع المباني الشاهق من دون ترخيص كما هي الحال في مدينة نصر في شرقي القاهرة، أو البناء على أساسات ضعيفة في عدد من المدن الجديدة". ويشير إلى أنّ "محافظة الجيزة تحتل المرتبة الثانية في مخالفات البناء، إذ وصل عدد العقارات المخالفة والمعرّضة للانهيار إلى نحو 60 ألف عقار في مناطق بولاق الدكرور والهرم وفيصل والعمرانية وبشتيل والمعتمدية والحوامدية وأطفيح وأبو الريش وأبو النمرس. أمّا محافظة الإسكندرية فتحتل المرتبة الثالثة".

في السياق، طالب المهندس عمر عبد الرحيم، وهو عضو نقابة المهندسين وعضو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، بضرورة "تغليظ العقوبة للحفاظ على أرواح الأبرياء، خصوصاً مع انتشار العقارات الآيلة للسقوط، والمباني التي تشيَّد على أساسات ضعيفة، بالإضافة إلى تلك التي ترفع أكثر من دون ترخيص"، مشيراً إلى أنّ "الفساد وصل في المحليات للركب" وهي مقولة ما زال يرددها المصريون. ويقول عبد الرحيم إنّ "الروتين والبيروقراطية هما شعار مرحلة الحصول على الترخيص، وهو ما يدفع المواطن إلى البحث عن البديل وأقصر الطرق هي الرشى. كذلك ثمّة تحايل بواسطة المال لعدم إزالة عقار صدر قرار هدمه". يضيف أنّ "كل الأبراج معرّضة للانهيار في أيّ وقت، بسبب عدم مطابقة مواد البناء للمواصفات. فالمقاولون بمعظمهم يعمدون إلى شراء أرخص أنواع الحديد المستورد من الخارج، وهو ما يُعدّ كارثة على الأهالي".

وعن المبالغ المالية التي يتقاضاها المهندسون على شكل "إكراميات" في مقابل تقديمهم خدمات غير مشروعة، يقول عبد الرحيم إنّ "المهندس يحصل على 20 ألف جنيه مصري للطابق الأرضي وثمانية آلاف جنيه لكلّ طابق آخر"، مطالباً بسنّ "قانون يسمح بحبس المقاول وكذلك المهندس الذي ينفّذ أي إنشاءات مخالفة، ويجيز للمحافظ تحويل أيّ من الفاسدين في الإدارات الهندسية إلى التحقيق، وإنزال عقوبة في حقه حتى يكون عبرة للجميع". يضيف أنّه "لا يجب على المحافظ الاكتفاء بذلك، بل يجب نقل الفرد الفاسد من الإدارة الهندسية إلى إدارة أخرى في منطقة محلية أخرى. وإذا تطلب الأمر فصله، فليكن ذلك". ويتابع، إنّه "على الحكومة إجراء حصر تام لأعداد المباني المخالفة في شتى المحافظات، ليحدَّد من هم المقصّرون من المهندسين الذين أصدروا تراخيص في ظل عدم استكمال المواطنين للإجراءات القانونية، ومعاقبة كل فرد منهم لم يحرّر محضر إزالة وتحويلهم إلى النيابة الإدارية ونقلهم إلى خارج الإدارات الهندسية. إلى ذلك، لا بدّ من منع تزويد المباني المخالفة بالمياه والكهرباء والصرف الصحي والغاز الطبيعي، حتى لا يتمكّن أصحاب تلك العقارات من تأجيرها أو بيعها.

تجدر الإشارة إلى أنّ مصادر أمنية تحدّثت عن قرارات إزالة واجبة التنفيذ فوراً في عدد من المحافظات، إلا أنّ القيادات الأمنية ترفض ذلك لأسباب عدّة، لعلّ أبرزها عدم توفّر بديل سكني للمواطن بالإضافة إلى توقّع حدوث حالات عنف بسبب ارتفاع الأسعار وسط سخط وفوضى من المواطنين.
دلالات