تشير بيانات صادرة عن وزارة الداخلية الروسية إلى زيادة عدد حالات الانتحار بين المراهقين في روسيا، وقد بلغت 720 حالة في عام 2016، في مقابل 685 في عام 2015. أمرٌ يضع روسيا في المرتبة الأولى بالمقارنة مع الدول الأوروبية لناحية حالات الانتحار.
واقع دفع مجلس الدوما الروسي إلى مناقشة تعديلات على القانون الجنائي، وإدخال مادة "الدفع إلى الانتحار". وفي حال تبنيها، سيطبق على المسؤولين عن الإقناع والدفع إلى الانتحار، أو حتى نشر معلومات عن أساليب الانتحار، من بينها "مجموعات الموت" الموجودة على الإنترنت، وإن كانت قد تسبّبت في واحد في المائة فقط من حالات الانتحار، بحسب الداخليّة الروسية.
وتعزو وزارة الداخليّة الأسباب الرئيسية للانتحار بين المراهقين إلى قصص الحب الفاشلة والمشاكل العائلية. إلا أنّ المعالجة النفسية فيتا خولموغوروفا، ترى أن قصص الحب ومجموعات الموت مجرد أسباب سطحية للانتحار، موضحة أنّ التحولات الأعمق ترتبط بالتحولات الهرمونية في سن المراهقة والاكتئاب والتأثّر بالآخرين. تقول لـ "العربي الجديد": "المراهقة مرحلة صعبة في ظل تغيير منظومة القيم لدى الإنسان، والابتعاد عن الوالدين لإثبات الذات، إضافة إلى المعاناة الناتجة عن التجارب العاطفية الأولى. يدرك البالغون أن التجربة العاطفية الفاشلة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وبالتالي يصبرون. لكن المراهق يراها وكأنّها نهاية العالم".
وبهدف حماية المراهقين، تنصح خولموغوروفا الأهل بالتحدث إلى أبنائهم ومتابعتهم، مشيرة إلى أنّ أهالي المراهقين الذين يقبلون على الانتحار يتذكرون في أحيان كثير أنّه كان هناك مؤشّرات تدلّ على معاناة أبنائهم، منها السهر ليلاً أو الوحدة وغيرها. وتشير إلى أهميّة الانتباه إلى الحدود بين المتابعة والمراقبة الشاملة. وتقول: "في جميع الأحوال، يجب ألا يشعر الطفل بأنه تحت المراقبة، لأن ذلك سيدفعه إلى المزيد من الانغلاق على النفس".
وإلى تأثير الإنترنت على زيادة حالات الانتحار، توضح أنه يزيد من المخاطر التي قد يتعرّض إليها المراهق، خصوصاً أنّه سيطلع على قصص لن يسمع عنها بالضرورة في حياته اليومية. كما أنّ كثرة تداول قضية ما على صفحات شبكة "فكونتاكتي" الروسية للتواصل الاجتماعي، تدفع المراهقين إلى "تقليد الموضة بسبب قلة ثقتهم في أنفسهم".
اقــرأ أيضاً
قضيّة "مجموعات الموت" كانت قد أثيرت على نطاق واسع في روسيا، منذ نشرت صحيفة "نوفايا غازيتا" في مايو/ أيار في عام 2016، تحقيقاً أشارت فيه إلى أنّ القائمين على هذه المجموعات يعملون مع المراهقين بشكل منهجي، ويدفعونهم إلى "الخط الأخير". وذكرت الصحيفة في تحقيقها أنها رصدت 130 حالة انتحار لأطفال كانوا مشاركين في هذه المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي مارس/ آذار الماضي، عادت مجموعات الموت إلى الواجهة، بعد رفع قضية جنائية في جمهورية خاكاسيا جنوب سيبيريا، نتيجة تشجيع شاب في 17 من عمره، وفتاة في 12 من عمرها، على الانتحار من خلال مجموعة "الحوت الأزرق". وقد أقدم الطفلان على الانتحار، إلّا أنّهما أنقذا، وهو أمر ليس مضموناً دائماً.
من جهة أخرى، يقول مؤسس مشروع "أنت ستنتصر!" لمكافحة الانتحار، دميتري سيمينيك، إن الحد من هذه الظاهرة المقلقة يتطلب العمل على مسارين معاً، الأول هو مساءلة القائمين على "مجموعات الموت"، والثاني هو توعية المراهقين وتوطيد العلاقات الأسرية. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه "يجب بذل جهود لتفعيل آلية مساءلة القائمين على مجموعات الموت".
وفي ما يتعلق بأهم دوافع الانتحار، يشير إلى أن "المشاكل الأسرية هي السبب الرئيسي للانتحار، لذلك يجب توطيد العلاقات الأسرية وتوعية المراهقين". يضيف: "يجب أن يدرك المراهقون أنه لدى إقدامهم على الانتحار، فإن احتمالات النجاة والإعاقة والمعاناة بعد ذلك، أكبر من احتمال الوفاة"، لافتاً إلى أنهم قد يستجيبون لهذا الأمر.
ويتضمن الموقع الذي يشرف سيمينيك عليه مقالات في علم النفس تتناول قضايا الحياة والموت والعلاقات الأسرية وكيفية علاج الاكتئاب، على أمل أن تساعد المبادرات الفردية في الحد من ظاهرة انتحار المراهقين والبالغين على حد سواء.
ورغم تراجع عدد حالات الانتحار في روسيا خلال 14 عاماً الماضية، إلا أن الأرقام المعلنة ما زالت مخيفة، في ظل انتحار نحو 25 ألف شخص في روسيا في عام 2015، لتحتل المرتبة 14 عالمياً.
اقــرأ أيضاً
واقع دفع مجلس الدوما الروسي إلى مناقشة تعديلات على القانون الجنائي، وإدخال مادة "الدفع إلى الانتحار". وفي حال تبنيها، سيطبق على المسؤولين عن الإقناع والدفع إلى الانتحار، أو حتى نشر معلومات عن أساليب الانتحار، من بينها "مجموعات الموت" الموجودة على الإنترنت، وإن كانت قد تسبّبت في واحد في المائة فقط من حالات الانتحار، بحسب الداخليّة الروسية.
وتعزو وزارة الداخليّة الأسباب الرئيسية للانتحار بين المراهقين إلى قصص الحب الفاشلة والمشاكل العائلية. إلا أنّ المعالجة النفسية فيتا خولموغوروفا، ترى أن قصص الحب ومجموعات الموت مجرد أسباب سطحية للانتحار، موضحة أنّ التحولات الأعمق ترتبط بالتحولات الهرمونية في سن المراهقة والاكتئاب والتأثّر بالآخرين. تقول لـ "العربي الجديد": "المراهقة مرحلة صعبة في ظل تغيير منظومة القيم لدى الإنسان، والابتعاد عن الوالدين لإثبات الذات، إضافة إلى المعاناة الناتجة عن التجارب العاطفية الأولى. يدرك البالغون أن التجربة العاطفية الفاشلة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وبالتالي يصبرون. لكن المراهق يراها وكأنّها نهاية العالم".
وبهدف حماية المراهقين، تنصح خولموغوروفا الأهل بالتحدث إلى أبنائهم ومتابعتهم، مشيرة إلى أنّ أهالي المراهقين الذين يقبلون على الانتحار يتذكرون في أحيان كثير أنّه كان هناك مؤشّرات تدلّ على معاناة أبنائهم، منها السهر ليلاً أو الوحدة وغيرها. وتشير إلى أهميّة الانتباه إلى الحدود بين المتابعة والمراقبة الشاملة. وتقول: "في جميع الأحوال، يجب ألا يشعر الطفل بأنه تحت المراقبة، لأن ذلك سيدفعه إلى المزيد من الانغلاق على النفس".
وإلى تأثير الإنترنت على زيادة حالات الانتحار، توضح أنه يزيد من المخاطر التي قد يتعرّض إليها المراهق، خصوصاً أنّه سيطلع على قصص لن يسمع عنها بالضرورة في حياته اليومية. كما أنّ كثرة تداول قضية ما على صفحات شبكة "فكونتاكتي" الروسية للتواصل الاجتماعي، تدفع المراهقين إلى "تقليد الموضة بسبب قلة ثقتهم في أنفسهم".
قضيّة "مجموعات الموت" كانت قد أثيرت على نطاق واسع في روسيا، منذ نشرت صحيفة "نوفايا غازيتا" في مايو/ أيار في عام 2016، تحقيقاً أشارت فيه إلى أنّ القائمين على هذه المجموعات يعملون مع المراهقين بشكل منهجي، ويدفعونهم إلى "الخط الأخير". وذكرت الصحيفة في تحقيقها أنها رصدت 130 حالة انتحار لأطفال كانوا مشاركين في هذه المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي مارس/ آذار الماضي، عادت مجموعات الموت إلى الواجهة، بعد رفع قضية جنائية في جمهورية خاكاسيا جنوب سيبيريا، نتيجة تشجيع شاب في 17 من عمره، وفتاة في 12 من عمرها، على الانتحار من خلال مجموعة "الحوت الأزرق". وقد أقدم الطفلان على الانتحار، إلّا أنّهما أنقذا، وهو أمر ليس مضموناً دائماً.
من جهة أخرى، يقول مؤسس مشروع "أنت ستنتصر!" لمكافحة الانتحار، دميتري سيمينيك، إن الحد من هذه الظاهرة المقلقة يتطلب العمل على مسارين معاً، الأول هو مساءلة القائمين على "مجموعات الموت"، والثاني هو توعية المراهقين وتوطيد العلاقات الأسرية. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه "يجب بذل جهود لتفعيل آلية مساءلة القائمين على مجموعات الموت".
وفي ما يتعلق بأهم دوافع الانتحار، يشير إلى أن "المشاكل الأسرية هي السبب الرئيسي للانتحار، لذلك يجب توطيد العلاقات الأسرية وتوعية المراهقين". يضيف: "يجب أن يدرك المراهقون أنه لدى إقدامهم على الانتحار، فإن احتمالات النجاة والإعاقة والمعاناة بعد ذلك، أكبر من احتمال الوفاة"، لافتاً إلى أنهم قد يستجيبون لهذا الأمر.
ويتضمن الموقع الذي يشرف سيمينيك عليه مقالات في علم النفس تتناول قضايا الحياة والموت والعلاقات الأسرية وكيفية علاج الاكتئاب، على أمل أن تساعد المبادرات الفردية في الحد من ظاهرة انتحار المراهقين والبالغين على حد سواء.
ورغم تراجع عدد حالات الانتحار في روسيا خلال 14 عاماً الماضية، إلا أن الأرقام المعلنة ما زالت مخيفة، في ظل انتحار نحو 25 ألف شخص في روسيا في عام 2015، لتحتل المرتبة 14 عالمياً.