"العفو الدولية": "المراقبة المشروطة" تفاقم الانتهاكات الحقوقية بمصر

07 مارس 2017
تفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

دانت منظمة العفو الدولية، تصاعد إجراءات تدابير المراقبة المشروطة، من قبل السلطات الأمنية المصرية، ضد معارضيها من النشطاء والسياسيين.


وقالت "أمنستي" في تقرير لها، الاثنين، إن السلطات المصرية تستخدم تدابير "المراقبة المشروطة" بصورة تعسفية ومفرطة أسلوبا لمضايقة النشطاء وأداة لـ"سحق" المعارضة.


وبحسب المنظمة، فإنه "في بعض الحالات يتم فرض شروط مبالغ فيها، حيث يضطر النشطاء المفرج عنهم لقضاء ما يصل إلى 12 ساعة يوميا في مركز الشرطة".

وقالت المنظمة إنها وثقت ما لا يقل عن 13 حالة كانت فيها ظروف المراقبة مبالغا فيها أو تم فرضها بصورة تعسفية ضد النشطاء، وفي بعض الحالات مهدت أوامر المراقبة الطريق لإعادة اعتقال النشطاء.

واعتبرت أن "المراقبة المشروطة أصبحت أحدث أداة تستخدمها السلطات لسحق المعارضة".
ودعت المنظمة الدولية السلطات المصرية لرفع تدابير المراقبة، وأن "تأمر بالإفراج الفوري وغير المشروط عن النشطاء المعتقلين أو المسجونين لمجرد ممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي".

ونظام "المراقبة المشروطة" في مصر يلزم السجناء والمعتقلين بالبقاء لعدد معين من الساعات يوميا أو أسبوعيا في مركز للشرطة، ويستخدم هذا النظام بديلا عن الاعتقال السابق للمحاكمة أو يفرض باعتباره عقوبة تكميلية بعد عقوبة السجن.



انتهاكات متلاحقة
وفي هذا السياق، قالت نائبة مدير قسم الحملات بالمكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في تونس، نجية بونعيم، إن "السلطات المصرية تعاقب الناشطين بفرض شروط مراقبة مفرطة، وفي بعض الحالات مثيرة للضحك، عليهم، وتشكل تعدياً على حقوقهم الأساسية، وترقى في بعض الأحوال إلى مستوى الحرمان من الحرية. وذلك بعد أن أدين العديد من هؤلاء الأفراد، أو اتهموا، بالقيام بأنشطة سلمية ما كان ينبغي أبداً أن يسجنوا بسببها في المقام الأول".

وقال التقرير: "تصدر الأوامر بالمراقبة بوصفها عقوبة جنائية، عن القضاة في جلسة النطق بالحكم، ولكنهم يتركون تحديد عدد الساعات التي ينبغي على المحكوم عليه قضاءها قيد المراقبة كجزء من الحكم لتقديرات جهاز الشرطة، في العادة، دون إشراف قضائي".

وأضاف التقرير: "عوضاً عن الطلب من السجناء السابقين الخاضعين لإجراء المراقبة مراجعة قسم الشرطة والتوقيع والمغادرة، ينتهي الأمر بالشرطة المصرية إلى أنها تتحفظ على الناشطين، المحكوم عليهم بفترات خضوع للمراقبة، لمدة تصل إلى 12 ساعة كل يوم في أقسام الشرطة. وفي غضون ذلك، لا يسمح لهم بمغادرة القسم، أو تلقي الزيارات، أو التواصل مع أي شخص باستثناء رجال الشرطة".

ودللت المنظمة بحالتي الناشطين أحمد ماهر ومحمد عادل، اللذين أفرج عنهما من الحجز عقب ثلاث سنوات في السجن بدعوى التظاهر غير المصرح به، موضحة أنهما يُكرهان على قضاء 12 ساعة في أقسام الشرطة يومياً كجزء من الحكم الذي أصدرته محكمة مصرية بحقهما في ديسمبر/كانون الأول 2013.

لافتة إلى أنهما "لا يستطيعان العمل أو السفر أو الدراسة أو التعبير عن آرائهما بحرية، بسبب هذه التدابير".



وبحسب "أمنستي" تسهِّل تدابير المراقبة كذلك وقوع المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة وفرض قيود تعسفية على الحق في حرية التنقل وحرية التعبير، ضد الناشطين الذين يستهدفون في سياق قمع السلطات للرأي المعارض. كما تعرقل التمتع بحقوق أخرى، بما في ذلك الحق في العمل وفي التعليم وفي مستوى معيشي مناسب.

نشطاء تحت المراقبة
ومن بين من يخضعون لمراقبة الشرطة الناشط السياسي البارز والقيادي في "حركة شباب 6 أبريل"، أحمد ماهر. ففي 22 ديسمبر/كانون الأول 2013، أصدرت إحدى المحاكم على أحمد ماهر، وعلى الناشطين السياسيين محمد عادل، وأحمد دومة، أحكاماً بالسجن لثلاث سنوات، وبثلاث سنوات أخرى يخضعون فيها لمراقبة الشرطة عقب الإفراج عنهم، وبغرامات بلغت قيمتها 50,000 جنيه مصري (7,185 دولاراً أميركياً) لكل منهم، لمشاركتهم في تظاهرة غير مصرح بها.


وعقب قضائه مدة ثلاث سنوات خلف القضبان، سلَّم أحمد ماهر نفسه، في 5 يناير/كانون الثاني 2017، إلى قسم شرطة "التجمع الخامس" لبدء فترة مراقبته. فأمرته الشرطة بقضاء 12 ساعة كل ليلة في قسم الشرطة، ما بين 6 مساء و6 صباحاً، ما يعني أنه سيقضي سنة ونصف السنة في حجز الشرطة بالإضافة إلى السنوات الثلاث التي قضاها بالفعل في السجن.

وتحدث محامي ماهر لمنظمة العفو الدولية عن شعوره بأنه ما زال في السجن، وبأن الغرض من وضعه تحت المراقبة هو تقييد حركته، ومنعه من المشاركة في أية أنشطة سياسية، أو التعبير عن آرائه عقب الإفراج عنه. ولا يستطيع العناية بوالدته، التي تعاني من المرض، ويتطلب وضعها العلاج الطبي. وأبلغ منظمة العفو الدولية كذلك أن ماهر لا يستطيع العثور على عمل أو ممارسة مهنته كمهندس مدني بسبب قضائه 12 ساعة كل ليلة في قسم الشرطة.
وأوضح المحامي لمنظمة العفو الدولية، أن الحكم الصادر ضد ماهر لم يحدد شروط المراقبة، وأعرب عن اعتقاده بأن قسم الشرطة تلقى تعليمات من "قطاع الأمن الوطني" باحتجازه ليظل قيد المراقبة مدة 12 ساعة كل يوم.

وقال المحامي كذلك إن ماهر أُجبر، خلال الأيام الأربعة الأولى من فترة مراقبته، على الجلوس في ممر مظلم أمام زنزانة في قسم شرطة "التجمع الخامس"، دون فراش أو بطانية أو ضوء. ثم نُقل بعد ذلك إلى غرفة صغيرة باردة تحت الدرج. ويحظر عليه طيلة 12 ساعة يقضيها كل ليلة استعمال الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك هاتفه المحمول، كما لا يسمح له بتلقي الزيارات من عائلته. ويحرمه بعض رجال الشرطة كذلك من استخدام المرافق الصحية. وعندما طلب الالتقاء بمدير قسم الشرطة للشكوى، رُفض طلبه.

وأيضا، محمد عادل، أحد قيادات "حركة شباب 6 أبريل" الذين حكم عليهم في القضية نفسها مع أحمد ماهر بالسجن ثلاث سنوات تليها فترة مراقبة من ثلاث سنوات، خضع بالمثل لوطأة مراقبة الشرطة الشديدة والمسيئة. إذ أفرج عنه من الحجز في 22 يناير/كانون الثاني 2017 عقب انقضاء ثلاث سنوات على حبسه، وبدأ فترة مراقبته. ويقضي حالياً 12 ساعة كل يوم، من 6 مساء حتى 6 صباحاً، في قسم شرطة "أجا"، بمحافظة الدقهلية. وحظر قسم الشرطة عليه استخدام هاتفه المحمول أو مشاهدة التلفزيون أو استخدام أي أجهزة أخرى خلال ساعات مراقبته. ورُفض طلبه برفع المراقبة عنه ليوم واحد للسفر إلى القاهرة.



وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى الناشط عبد العظيم أحمد فهمي، المعروف باسم زيزو عبده، الذي اعتقلته الشرطة في مايو/أيار 2016 بتهم تتعلق بتحريض الجمهور على المشاركة في مظاهرة احتجاجية غير مصرح بها. وعقب قضائه خمسة أشهر رهن الحبس الاحتياطي السابق للمحاكمة، وضع تحت مراقبة الشرطة لساعتين ثلاث مرات في الأسبوع، بقسم شرطة "بولاق الدكرور"، بالقاهرة.

وفي 14 فبراير/شباط 2017، أمرت المحكمة بإنهاء فترة إخضاعه للمراقبة وبحبسه احتياطياً مجدداً لمدة 45 يوماً لعدم حضوره إلى قسم الشرطة أثناء ساعات المراقبة يوم 8 فبراير/شباط. وأبلغ محاميه منظمة العفو الدولية أن عبده لم يذهب إلى قسم الشرطة ذلك اليوم لأن الشرطة كانت قد قبضت عليه أثناء جلوسه في مقهى قبل ذلك بساعات، واحتجز بمعزل عن العالم الخارجي لخمس ساعات. وفي 26 فبراير/شباط، نظرت "محكمة جنايات القاهرة" استئناف عبده ضد قرار إعادة توقيفه وأمرت بالإفراج المشروط عنه وإخضاعه لمراقبة الشرطة مرة أخرى.

وأبلغ عبده منظمة العفو الدولية أنه يشعر، وهو تحت المراقبة، بأنه محاصر وسط حالة من التيه بين الحرية والسجن، فلا يستطيع العمل أو السفر، حتى داخل مصر، أو التعبير عن رأيه بشأن القضايا العامة. ويتجنب المشاركة في أي أنشطة سياسية خشية اعتقاله مجدداً إذا ما جرى تفسير أفعاله بأنها خرق لشروط المراقبة.