موريتانيون يؤهّلون طرقاتهم

25 مارس 2017
رمل لتأهيل طريق في نواكشوط (موقع غريغ ميلز)
+ الخط -

لم يعد الموريتانيون ينتظرون السلطات المعنيّة لتأهيل الطرقات وصيانتها، بل المتطوّعين الذين أصبح وجودهم مألوفاً في الشوارع الرئيسية وعند التقاطعات المهمّة في المدن التي تعرف ازدحاماً شديداً. فحركة المرور كثيراً ما تتوقّف هناك، بسبب الحفر والإهمال اللاحقين بالطرقات، كذلك الأمر في ضواحي المدن حيث تتسبّب رداءة الطرقات في حوادث مميتة.

تغضّ السلطات الموريتانية النظر عن المطبّات الصناعيّة وعن الحفر التي تخلفها الأمطار وكذلك الرمال التي تتجمع على الطرقات مهددة السلامة المرورية. وعلى الرغم من ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير في الفترة الأخيرة وتداول شبكات التواصل الاجتماعي صوراً تؤكّد رداءة الطرقات، وعلى الرغم من تزايد الوعي حول حقوق السائقين الذين أصبحوا يطالبون بحقوقهم بسبب تعرّض مركباتهم لحوادث وأضرار نتيجة الحفر والمطبّات، إلا أنّ السلطات لم تغيّر من استراتيجيتها في معالجة مشكلات الطرقات وما زالت تتجاهلها تاركة المهمّة للمتطوعين وسكان الأحياء.

عيسى ولد سيد أحمد (22 عاماً) من الشباب الذين تطوّعوا لـإصلاح الطرقات، يشرح أنّ "عملنا يرتكز على فتح الطرقات المقطوعة بسبب برك المياه وعلى التدخّل خلال أوقات قياسية لإصلاح الطرقات الرئيسية عبر ردم الحفر وإصلاح المطبات وفتح الممرات الفرعية، في انتظار ترميمها. كذلك ننظف الممرات ونرفع مخلفات الصيانة ونزيل الرمال والأتربة". يضيف ولد سيد أحمد أنّه ورفاقه "مجموعة من شباب الوطن، نذرنا أنفسنا لهذا المشروع من دون مقابل، ابتغاءً للأجر والثواب، على الأقلّ في هذه المرحلة من العمر التي تفرض على المرء التضحية من أجل مجتمعه ومحيطه عبر بذل الجهد أو الوقت أو المال".

ويؤكد ولد سيد أحمد أنّ "ثمّة إقبالاً كبيراً من قبل الشباب على التطوّع، وكذلك من قبل المتبرّعين الذين يقدّمون آليات وتجهيزات ومواد لإصلاح الطرقات". لكن، على الرغم من كلّ ذلك، نجد من يشكك في عمل هؤلاء التطوّعي ويرى أنّ "مصلحي الطرقات" يؤدّون عرضاً إعلامياً. ويوضح أنّ المتطوّعين بمعظمهم، لديهم الخبرة في إصلاح الطرقات، وهم ينفّذون بدقّة تعليمات أحد المهندسين المتطوّعين ليأتي العمل محترفاً. ويشير إلى أنّ "ثمّة من يطالبنا بالعمل بجدّ وعدم ترقيع الطريق بأسلوب سيئ، ظناً منهم أنّنا عمّال تابعون للبلدية".




نتيجة عدم تخطيط الأحياء السكنية وضعف شبكة صرف المياه، يعاني سكان المدن الموريتانية في فصل الأمطار من انتشار البرك والمستنقعات التي تقطع الطرقات وتحاصر الأحياء السكنيّة، فتحوّل حياة الناس إلى جحيم بسبب صعوبة التنقل وانتشار البعوض بالإضافة إلى منظر البرك التي سرعان ما تمتلئ بالنفايات والأوساخ.

وفي ظلّ تجاهل السلطات لمعاناة السكان، تنظّم جمعيات تطوّعية حملات لردم البرك المائية وإصلاح الطرقات والممرات وتنظيف المناطق السكينة خشية انتشار الأوبئة والأمراض. وتحظى حملات ردم البرك وتجمّعات المياه الآسنة التي تنتشر في معظم شوارع العاصمة وأحيائها باهتمام كبير من قبل السكان، خصوصاً الذين يعانون من احتلال المحال التجارية الأرصفة.

في السياق، تستغرب الناشطة الاجتماعية أعزيزة بنت السالك كيف "لا يُستفاد من الشباب العاطلين من العمل والذين لا يمانعون العمل في أيّ من المجالات، في إصلاح الطرقات التي تحصد الأرواح وتتسبّب في إعاقة حركة المرور وتعطّل مصالح الناس". وتقول إنّ "المؤشرات تؤكد ارتفاع نسبة البطالة في موريتانيا إلى مستويات قياسية، إذ تجاوزت 36 في المائة. وعلى الرغم من ذلك، لا توظيف، فيبقى العاطلون من العمل مشرّدين تائهين بلا مستقبل. وهو ما دفع ببعض الجمعيات وبمساعدة رجال أعمال ومخيّرين، إلى توظيف الشباب كعمّال مؤقّتين لإصلاح الطرقات، ويأتي ذلك كمساعدة اجتماعية للشباب اليأسين من أجل كسب قوتهم والتغلب على واقعهم الصعب".

تجدر الإشارة إلى أنّ المؤسسة الوطنية لصيانة الطرق تعاني أزمات مالية خانقة بسبب ارتفاع حجم مديونيتها التي وصلت إلى أكثر من مليارَي أوقية موريتانية (الدولار الواحد يساوي 350 أوقية)، فتأخرت بالتالي في إكمال عدد من المشاريع التي تتولى الإشراف عليها.

وتملك موريتانيا شبكة طرقات من بين الأحدث في المنطقة. ومن أبرز تلك الطرقات، طريق الأمل الذي يربط بين نواكشوط والولايات الشرقية من البلاد، وهو أطول الطرق، إذ يمتدّ 1107 كيلومترات، من العاصمة نواكشوط إلى مدينة النعمة في أقصى الشرق الموريتاني. كذلك نذكر الطريق السيار بين نواكشوط وانواذيبو الذي يمتدّ 500 كيلومتر.