تراجع المجلس العلمي الأعلى، وهو أكبر مؤسسة مختصة بالفتوى في المغرب، عن فتوى سابقة تتعلق بقتل المرتد، وذلك ضمن وثيقة بعنوان "سبيل العلماء"، تم إصدارها بمناسبة الدورة الثالثة والعشرين للمجلس.
ونصت الوثيقة على أن "المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها والمستقوي عليها بخصومها، أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية".
وسوغ علماء المؤسسة الدينية الرسمية بالمغرب، التراجع عن الفتوى بوجود شواهد في السيرة النبوية؛ منها "صلح الحديبية" الذي كان من بنوده أن من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه، وأيضا الأعرابي الذي أسلم ثم طلب إقالته من شهادته، فلم يفعل الرسول معَهُ شيئاً، فخرج من المدينة ولم يلحقه أذى.
وقال الخبير في الشأن الديني، إدريس الكنبوري، لـ"العربي الجديد" إن "تراجع المجلس العلمي الأعلى عن فتواه السابقة بقتل المرتد، راجع إلى التحولات الجديدة التي يمر بها الإسلام على يد الجماعات المتطرفة. قضية الردة هي من أخطر القضايا التي ترتبت عنها مفاسد كبرى".
وزاد الكنبوري أن "المجلس العلمي الأعلى قبل أن يضع فتواه الشهيرة كان عليه أن يتريث حتى لا يتراجع، وأن ينظر إلى الاجتهادات المعاصرة في المسألة، فهناك علماء كثيرون حسموا الموضوع قبل عقود طويلة، وتحدثوا عن الردة السياسية لا عن الردة الدينية".
ويشرح أن "الردة السياسية هي الخروج عن الجماعة ومحاربتها، أي الخيانة العظمى في الاصطلاح الحديث، فالمرتد بهذا المعنى هوالمنشق عن الدولة، أما الردة الدينية فهي مسألة شخصية وتدخل في نطاق علاقة الإنسان بربه".
واسترسل "حتى الردة السياسية اليوم صعبة التطبيق من حيث الواقع العملي، فهناك أشخاص لديهم جنسية مزدوجة مثلا، وهذا يطرح مشكلة الولاء السياسي للدولة التي ينحدر منها والدولة التي يعيش فيها".
وأبرز أن "الحروب اليوم تطورت وأصبحت تعتمد التكنولوجيا الحديثة التي تتطلب التدريب على استعمالها، ولم تعد حروبا تقليدية كما كانت في الماضي، وبالتالي فإن الحديث عن المحاربة أمر فيه نظر، لأنه حتى على فرض وجود مرتدين فإنهم لا يلتحقون للعمل في جيوش بلدان أخرى".
ويضيف الكنبوري أن "كلام المجلس العلمي في الوثيقة الجديدة غامض ويحتاج توضيحا، واستدلال المجلس بحديث (من بدل دينه فاقتلوه) لتأكيد الخيانة العظمى هو استدلال ضعيف، لأن الحديث لا علاقة له بالخيانة العظمى".