بساتين ديالى العراقية تحتضر: مليشيات تنفّذ عمليات حرق وتجريف واسعة

26 ديسمبر 2017
مازالت بساتين ديالى تحترق بفعل فاعل (فيسبوك)
+ الخط -

رغم خلو محافظة ديالى (57 كم شمال شرق بغداد)، من تنظيم "داعش" الإرهابي،
منذ نحو عامين، إلا أن بساتينها مازالت تحترق بفعل فاعل، الأمر الذي يقطع الشك باليقين أن المليشيات المتنفذة والمسيطرة على المدينة هي من تقوم بذلك، بحسب إفادات السكان.

ويقول الخبير الزراعي غضنفر محمود، لـ "العربي الجديد"، إنّ "إضرام النار في عشرة بساتين بقرية ركة حجي سهيل، (10 كم شمالي بعقوبة)، أمر يدعو إلى الخوف من استمرار مسلسل حرق البساتين الممنهج، خاصة خلال هذا العام 2017 الذي شهد حرق المزارع بعد الاستقرار الأمني النسبي".

ويؤكد أن عددا كبيرا من بساتين محافظة ديالى شهدت حرائق مماثلة في موسم الصيف الماضي، حتى إنّ البعض منها أحرق أكثر من مرة، ربما 4 مرات، بعد قيام أصحاب البساتين بزراعتها مرة أخرى، أو سقيها عقب عودتهم من النزوح، مما جعل الكثير من المزارعين يتركون بساتينهم تموت وتحترق بدون تمكّنهم من فعل أي شيء.

ويبيّن الخبير، أن من أكثر المناطق التي تضررت بساتين بلدة المقدادية (90 كم شمال شرق بغداد)، ومركز المحافظة بعقوبة، وحتى التي سلِمت من الحرائق تم تجريفها من قبل القوات الأمنية، ما جعل المحافظة تفقد ميزتها التي تتمتع بها، بكونها مدينة البساتين بعد هلاك آلاف الدونمات من الأراضي والبساتين الزراعية.

من جهته، يؤكد رئيس مجلس محافظة ديالى، علي الدايني، أن العام الجاري شهد أعلى معدلات حرائق البساتين في تاريخ المحافظة، بمعدل حريق بستان كل يومين، ويمكن تصنيف 2017 بأنه عام حرائق البساتين في ديالى، فمعدلاته هي الأعلى في تاريخ المحافظة، وتسببت في هلاك مساحات كبيرة من البساتين بعضها يعود إلى عقود.



بدوره، يكشف عضو البرلمان كريم علي آغا، عن تسجيل 150 حادثة حريق للبساتين خلال 3 أشهر، مشيرا إلى أن موسم الصيف الماضي هو الأعلى على الإطلاق في تاريخ المحافظة بملف حرائق البساتين، وأن التقارير الرسمية تؤكد أن إجمالي حوادث حرائق البساتين التي سجلت خلال أشهر يونيو/حزيران ويوليو/تموز وآب/أغسطس العام الجاري، تجاوزت الـ150 حادثة، التهمت خلالها عشرات الدونمات من البساتين في مناطق متفرقة من ديالى، خاصة بعقوبة وضواحيها وبعض البلدات.

بدوره، يقول المزارع أبو مصطفى، من سكان بلدة المقدادية، إن ما قام به تنظيم "داعش" جزء من سلسلة حرق البساتين التي تقوم بها المليشيات المسيطرة على المدينة، وهو ما ضاعف حجم الدمار في بساتين الحمضيات التي كانت تشكل نحو 200 ألف دونم في المحافظة، إلا أن الموجود فعليا الآن أقل من النصف، نتيجة ما قامت به المليشيات أثناء تحرير ديالى من "داعش"، من عمليات تدمير وتجريف للكثير من البساتين، عقب نزوح المزارعين عام 2014، وما رافقها من موجة الحر والجفاف التي أتت على أخضر البساتين ويابسها.

ويشير إلى أن عددا كبيرا من المزارعين فقدوا موردهم المادي الأساسي، نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بمزارعهم، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 75 في المائة من إنتاج الرمان والبرتقال، الأمر الذي يعني زيادة نسبة البطالة وتراجع اقتصاد الكثير من الأسر التي كانت تعتمد بشكل أساسي على ما تجنيه من مزارعها وبساتينها، كما أن حرق وتجريف البساتين بهذه الطريقة له دلالة على التغيير المتعمد للتركيبة السكانية وخصوصية المحافظة التي يميزها الطابع الزراعي، وبالتالي تهجير سكان تلك المناطق إذ لم يجدوا ما يستحق عودتهم إليها.

ويؤكد أبو مصطفى، أن عملية إنشاء بستان زراعي من جديد يتطلب جهدا ووقتا. يعني أننا نحتاج إلى سنين طويلة لنمو أشجار الحمضيات، خاصة البرتقال الذي تتميز به ديالى، إضافة إلى إنفاق الكثير من الأموال حتى يتحقق ذلك، لأن شتلة البرتقال لا تقل عن ألف دينار، ولزراعتها لابد من أشجار النخيل التي تستظل بها الحمضيات، هذا إن سمح للمزارعين بإعادة غرس بساتينهم من جديد.

وكان رئيس مجلس بلدة المقدادية في محافظة ديالى، عدنان التميمي قد كشف، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن صدور قرار خلال مؤتمر أمني موسع عقد في مقر عمليات دجلة لبحث أمن بلدة المقدادية، يقضي بتجريف بستان كل من يتعاون مع "داعش" لزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي.

وأضاف التميمي، أن الاجتماع خرج بسلسلة قرارات مهمة، أبرزها تجريف بستان كل من ينتمي إلى "داعش" أو يتعاون مع التنظيم لزعزعة الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى تأمين الطريق الزراعي المار بقرية نهر الإمام، وتشكيل حشد عشائري داخل القرية لمواجهة الخلايا النائمة.

وشهدت بساتين محافظة ديالى، نشوب حرائق متعمدة في الكثير من المساحات الزراعية التي كانت تغطي أكثر من 70 في المائة من مساحة المحافظة، إذ أعلنت مديرية الدفاع المدني، في سبتمبر/أيلول الماضي، عن إخماد حريق اندلع في بساتين ناحية هبهب شمال غرب مدينة بعقوبة، وفي مارس/آذار في الربع الأول من هذا العام، أحرقت بساتين عشيرة السادة التويجرية في ناحية الوجيهية التابعة لبلدة المقدادية، كما اندلعت حرائق في بساتين حواش البزانية قرب بلدة بلدروز (30 كم شرق بعقوبة)، إضافة إلى نشوب حريق في عشرة بساتين في قرية حجي سهيل.