لا يمكن للطفل اختيار مكان ولادته، أو الحي الذي ينشأ فيه. لكنّ الأكيد أن الحي الذي يكبر فيه له تأثير كبير على حياته ومستقبله وربّما وضعه الاقتصادي والاجتماعي. وفي مصر، وتحديداً في المحافظات البعيدة عن القاهرة، للفقر تأثير كبير على السكان. ويضطر كثيرون إلى الانتقال إلى أماكن أُخرى للحصول على فرصة عمل، وعادة ما يقع الخيار على القاهرة، المدينة التي يعوّل عليها الفقراء آمالهم البسيطة.
تنتشر في القاهرة الكبرى العشوائيّات والأحياء الفقيرة، التي أنشأها النازحون أو أجدادهم. هناك، ما من عدد كافٍ من المدارس ومراكز الرعاية الصحية. لذلك، لا يحظى الأطفال بفرص تعليم جيدة، ولا يحظى آباؤهم بفرص عمل، في وقت تؤدّي الأعمال الحرفية إلى إصابتهم بأمراض مزمنة. هكذا يغرقون في دائرة البؤس.
سيد منسي يعمل بأجر يومي. يعيش في حي الزرايب التابع لقسم المرج في القاهرة. يقول إنّ كلّ ما يتمناه في نهاية يوم عمل شاق لمدة عشر ساعات، هو تأمين الطعام لأطفاله. لا يملك سيّد وأمثاله رفاهية انتقاء نوع الطعام، في ظل ارتفاع الأسعار. باتت اللحوم والفاكهة خارج قائمة مشترياته.
وعن مستقبل أبنائه، يقول إنه يفضّل ألّا يتحدّث عن الأمر. يخشى أن يكون أكثر قتامة من واقعه، هو الذي يبحث عن فرصة عمل كلّ صباح. وحين لا يُوفّق، يعود إلى بيته مكسور الخاطر.
اقــرأ أيضاً
أمّا أحمد الصعيدي، من الشرقيّة، فيتحدث بحسرة عن عمله كإسكافي. يقول إنه "في هذا البلد، يغدو إبن القاضي قاضياً، وإبن العاطل عن العمل عاطلاً عن العمل. لا أتوقع أن يعمل أبنائي في مهنة أخرى، حتى لو كانوا متفوقين في الدراسة. هذا هو بلدنا".
يضيف: "ليس هناك أبحاث أو دراسات تعالج الواقع البائس لفقراء مصر. لا نسمع غير وعود انتخابية مكررة لتحسين الأوضاع، واستغلال سافر لأرقام هؤلاء الفقراء للحصول على معونات أجنبية ومنح، لا نحصل إلا على القليل منها".
تشير دراسة أجرتها جامعة "كورنيل" الأميركية، ونشرت في مجلة أبحاث العلوم الاجتماعية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول في عام 2017، إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أحياء محرومة، هم أكثر عرضة للبطالة لدى بلوغهم الثامنة عشر، وبنسبة تصل إلى 75 في المائة. كذلك، هم أكثر عرضة للعمل في وظائف منخفضة الدخل. ويقول الباحث ستيفن ألفارادو، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع في الجامعة نفسها: "الأدلة كثيرة على أن التعرض الطويل الأمد للحرمان في تلك الأحياء يمكن أن يدمر الفرد اقتصادياً في وقت لاحق".
ويؤكّد ألفارادو أنّه بمجرد أن يُكوّن هؤلاء المحرومون عائلات جديدة وينجبون أطفالاً، ينتقل ما عانوه في طفولتهم إلى أطفالهم، ويؤثر على فرصهم التعليمية والاقتصادية. وكلّما عاش الفرد في حي فقير، كلما كانت الآثار أسوأ. وتُبيّن نتائج الدراسة أنّ تحسين الموارد والبيئة المحيطة بالأطفال في هذه الأحياء في أقرب وقت ممكن هو الحل الوحيد للحد من الفقر والبطالة في المستقبل.
يضيف ألفارادو أنّه بمجرّد إنشاء شوارع جيّدة، وتحسين البنى التحتية والصرف الصحي، ومياه الشرب، وتوفير إضاءة في الشوارع، يمكن أن يساهم على المدى القصير والطويل في الحد من نسبة البطالة التي يعاني منها سكان العشوائيات الفقيرة، وتحسين صحة ومعيشة الأطفال.
في شوارع تملؤها الحفر ومياه الصرف الصحي، يلعب أطفال كثيرون وهم يرتدون ملابس مهترئة، وتراهم يأكلون الفول المدمس. يقول سيد المنسي إنّ الأطفال يحاولون اللعب لتمضية الوقت حتى يحين موعد الوجبة المسائية لدى عودة آبائهم من العمل. العديد من الأطفال يتسربون من المدارس الحكومية، التي لا يمانع المشرفون عليها غيابهم من دون اتخاذ أية إجراءات، لذلك يتحول الشارع إلى المكان الذي يأويهم.
اقــرأ أيضاً
تنتشر في القاهرة الكبرى العشوائيّات والأحياء الفقيرة، التي أنشأها النازحون أو أجدادهم. هناك، ما من عدد كافٍ من المدارس ومراكز الرعاية الصحية. لذلك، لا يحظى الأطفال بفرص تعليم جيدة، ولا يحظى آباؤهم بفرص عمل، في وقت تؤدّي الأعمال الحرفية إلى إصابتهم بأمراض مزمنة. هكذا يغرقون في دائرة البؤس.
سيد منسي يعمل بأجر يومي. يعيش في حي الزرايب التابع لقسم المرج في القاهرة. يقول إنّ كلّ ما يتمناه في نهاية يوم عمل شاق لمدة عشر ساعات، هو تأمين الطعام لأطفاله. لا يملك سيّد وأمثاله رفاهية انتقاء نوع الطعام، في ظل ارتفاع الأسعار. باتت اللحوم والفاكهة خارج قائمة مشترياته.
وعن مستقبل أبنائه، يقول إنه يفضّل ألّا يتحدّث عن الأمر. يخشى أن يكون أكثر قتامة من واقعه، هو الذي يبحث عن فرصة عمل كلّ صباح. وحين لا يُوفّق، يعود إلى بيته مكسور الخاطر.
أمّا أحمد الصعيدي، من الشرقيّة، فيتحدث بحسرة عن عمله كإسكافي. يقول إنه "في هذا البلد، يغدو إبن القاضي قاضياً، وإبن العاطل عن العمل عاطلاً عن العمل. لا أتوقع أن يعمل أبنائي في مهنة أخرى، حتى لو كانوا متفوقين في الدراسة. هذا هو بلدنا".
يضيف: "ليس هناك أبحاث أو دراسات تعالج الواقع البائس لفقراء مصر. لا نسمع غير وعود انتخابية مكررة لتحسين الأوضاع، واستغلال سافر لأرقام هؤلاء الفقراء للحصول على معونات أجنبية ومنح، لا نحصل إلا على القليل منها".
تشير دراسة أجرتها جامعة "كورنيل" الأميركية، ونشرت في مجلة أبحاث العلوم الاجتماعية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول في عام 2017، إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أحياء محرومة، هم أكثر عرضة للبطالة لدى بلوغهم الثامنة عشر، وبنسبة تصل إلى 75 في المائة. كذلك، هم أكثر عرضة للعمل في وظائف منخفضة الدخل. ويقول الباحث ستيفن ألفارادو، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع في الجامعة نفسها: "الأدلة كثيرة على أن التعرض الطويل الأمد للحرمان في تلك الأحياء يمكن أن يدمر الفرد اقتصادياً في وقت لاحق".
ويؤكّد ألفارادو أنّه بمجرد أن يُكوّن هؤلاء المحرومون عائلات جديدة وينجبون أطفالاً، ينتقل ما عانوه في طفولتهم إلى أطفالهم، ويؤثر على فرصهم التعليمية والاقتصادية. وكلّما عاش الفرد في حي فقير، كلما كانت الآثار أسوأ. وتُبيّن نتائج الدراسة أنّ تحسين الموارد والبيئة المحيطة بالأطفال في هذه الأحياء في أقرب وقت ممكن هو الحل الوحيد للحد من الفقر والبطالة في المستقبل.
يضيف ألفارادو أنّه بمجرّد إنشاء شوارع جيّدة، وتحسين البنى التحتية والصرف الصحي، ومياه الشرب، وتوفير إضاءة في الشوارع، يمكن أن يساهم على المدى القصير والطويل في الحد من نسبة البطالة التي يعاني منها سكان العشوائيات الفقيرة، وتحسين صحة ومعيشة الأطفال.
في شوارع تملؤها الحفر ومياه الصرف الصحي، يلعب أطفال كثيرون وهم يرتدون ملابس مهترئة، وتراهم يأكلون الفول المدمس. يقول سيد المنسي إنّ الأطفال يحاولون اللعب لتمضية الوقت حتى يحين موعد الوجبة المسائية لدى عودة آبائهم من العمل. العديد من الأطفال يتسربون من المدارس الحكومية، التي لا يمانع المشرفون عليها غيابهم من دون اتخاذ أية إجراءات، لذلك يتحول الشارع إلى المكان الذي يأويهم.