الوصول إلى الخدمات ممنوع على معوّقي طنجة

27 يونيو 2016
لا يعيقها كرسيّها المتحرك (العربي الجديد)
+ الخط -
تحضّر نادية حلوى "شباكية رمضان"، ولا يعوقها كرسيّها المتحرك عن ذرّ السمسم وقلي الحلوى وتعسيلها. هي انضمت قبل عام ونصف إلى تعاونية "الوفاء" لتحقق حلمها في تعلّم صناعة الحلويات إلى جانب ثماني فتيات أصبحن ماهرات بعد حصولهن على تدريب أشرفت عليه جمعية "الإخوة" للأشخاص المعوّقين حركياً في مدينة طنجة، شمال المغرب. تقول نادية لـ"العربي الجديد": "تغيرت حياتي كثيراً بعدما اعتقدت أنني لن أخرج من المنزل ولن أفعل شيئا في حياتي. لقد اندمجت وحصلت على التشجيع اللازم وخرجت من دائرة الملل. أشعر بأنني شخص مختلف الآن بعدما وفّرت الجمعية كلّ ما يسهّل وصولي إلى الأشياء".

سهولة الوصول إلى الخدمات والأماكن هي أقصى طموح لدى الأشخاص المعوّقين. فعدم تمكن الشخص المعوّق من الدخول إلى المدرسة من بابها سيحرمه من حقه في التعليم، ويقاس على ذلك الكثير من الحقوق الأخرى. تقول نادية: "عندما أجد المكان مجهزاً لدخولي، أشعر كأنني شخص عادي. وعندما لا أجده كذلك أشعر بالغضب. من حقنا أن نحصل على أماكن مجهزة، تسهل دخولنا ووصولنا إلى ما نريد". تضيف: "هذا نداء مني إلى الجميع، الشخص المعوّق ليس مسكيناً، أعطوه فرصة وسترون منه الكثير. نداء أيضاً إلى الأهل أن يشجعوا أطفالهم المعوّقين على فن الحياة".

تعتبر مسألة وصول الأشخاص المعوّقين إلى المؤسسات العامة والخاصة والمساحات العامة من أشرس القضايا المطروحة الآن على طاولات المسؤولين والجمعيات العاملة في مجال حقوق الأشخاص المعوّقين، في ظل التغيرات المعمارية السريعة التي تشهدها طنجة، في ما يُعرف حالياً بـ"طنجة الكبرى".

يقول مدير اتحاد الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، محسن الراشدي، لـ"العربي الجديد": "التركيز على حق الوصول يعتبر المظلة الأساس للاستفادة من الحقوق الأخرى مثل التعليم والطبابة والعمل. يتنوع حق الوصول بحسب نوع الإعاقة، فالإعاقة البصرية تحتاج إلى نظام بريل للقراءة، والسمعية تحتاج إلى الشارات التنبيهية، ولا يقتصر التجهيز على المستوى الإسمنتي فقط". يضيف أنّ "أغلب الأماكن غير مجهزة في طنجة. كما أنّ الأماكن المجهزة للإعاقة الحركية تفتقر إلى المعايير السليمة التي توافق وصول الشخص المعوّق، ويجد فيها السهولة، ولا يحتاج إلى طلب المساعدة".

يُعرّف الراشدي سهولة الوصول بأنّها "آلية تسهيل الدخول بيسر ليعيش الشخص المعوّق في غير حاجة إلى شخص آخر، وفي غنى عن طلب مساعدة منه". يفسر عدم التجهيز في المدينة بـ"غياب ثقافة حقوق الأشخاص المعوّقين، فالناس عادة ما ينظرون إلى الشخص المعوّق بعين الإحسان وكسب الأجر، مع أنّه هو نفسه يعتبر طلب المساعدة تسولاً وانتقاصاً من كرامته".
بالرغم من وجود نصوص تشريعية، وتوقيع المغرب على اتفاقيات دولية بشأن حقوق الأشخاص المعوّقين، إلاّ أنّ الراشدي يعتبر مثل ذلك "متاهة قانونية". ويقول: "كحقوقيين، نريد أن نوضح معاناة الأشخاص المعوّقين في غياب توفر الإمكانيات حتى لا نقع في فخ التمييز بين الشخص المعوّق وغيره".



لحلّ قضية تيسير الوصول للأشخاص المعوّقين الذين يشكلون ما نسبته 11 في المائة من سكان طنجة- تطوان- الحسيمة، بحسب إحصائيات وزارة الأسرة والتضامن الأخيرة، يعتبر الراشدي أنّ المطلوب "زيادة الوعي الجماعي في التعامل مع الأشخاص المعوّقين. لكن ما زالت أمامنا أشواط حقوقية طويلة".

أما مدير جمعية "الإخوة المعوّقين جسدياً"، محمد الصبان، فيقول: "ننقذ ما يمكن إنقاذه. نحن نعمل يومياً، ونحاول أن نضع بصمة تغيير بالتعاون مع اتحاد جمعيات الإعاقة وجمعيات أخرى، من خلال الضغط وتوجيه رسائل متعددة لأصحاب القرار، من أجل تجهيز الأماكن لصالح الأشخاص المعوّقين". يضيف: "نتلقى استجابة من المسؤولين، لكن، هناك استهتار من جهة المقاولين الذين لا يراعون المقاييس السليمة للبناء، ما من شأنه عرقلة حياة الأشخاص المعوّقين. نريد تغيير عقليات المقاولين، إذ نجد في طنجة آلاف الأماكن غير المجهزة، ومن بينها الإدارات العامة". يتابع الصبّان لـ"العربي الجديد"، أنّ "المقاربة الحقوقية أفضل من الخيرية. فعندما نعلّم الشخص مهنة ثم ينتج سيكون لذلك تأثير إيجابي على حياته. هم منتجون، وليسوا مستهلكين إن توفرت لهم الظروف المناسبة".

في المقابل، ينفي مدير الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية في جماعة طنجة (الجهة الرسمية) عبد النبي العميري "الغياب التام للتجهيز. فعدد من المؤسسات الخاصة والعامة اعتمدت معايير تسهل وصول الأشخاص المعوّقين، التزاماً بدستور 2011 الذي أولى اهتماماً بهذه الفئة".

دلالات