قطط رشيقة

18 مايو 2016
حذارِ من أن يزداد وزنها (Getty)
+ الخط -

"حذارِ من أن يزداد وزنها بعد التعقيم. ما لك إلا..." بهذا يبدأ الإعلان الجديد، في حين تظهر القطّة - بطلته - وهي تقفز بخفّة ورشاقة في غرفة معيشة أصحابها.

تلك الماركة الشهيرة والعريقة في عالم تصنيع أغذية الحيوانات الأليفة، طرحت أخيراً في الأسواق نوعاً جديداً من الأطعمة الجافة التي تحمي القطط من الوزن الزائد في مراحل معيّنة من حياتها. هذا النوع الجديد يصلح أيضاً لكلّ تلك السنوريات المدجّنة في بيوتنا، من دون استثناء.

يبدو أن حمّى الإعلانات المروّجة للمنتجات المنحّفة وتلك التي تحافظ على القوام "رشيقاً"، لا سيّما مع حلول فصل الصيف، تتمدّد لتطاول القطط أيضاً. تجدر الإشارة إلى أنّ "القوام الرشيق" ليس مُدرجاً في قاموس المعلنين، إلا في إطار أنّ منتجاتهم - دون سواها - هي التي تحقّقه وتحافظ عليه.

غيرة هؤلاء المعلنين علينا إنّما تأتي انطلاقاً من حرصهم على عدم خدش أنظار الرأي العام، لا سيّما أنّ ملابس الصيف تكشف ما سبق وسترته طوال أشهر ملابس الشتاء. تلك الكيلوغرامات الزائدة أو قُلْ تلك الغرامات الزائدة، لا شكّ في أنّها عبء ثقيل على حاملها، وقد أقسم هؤلاء المعلنون أو مَن وراءهم من شركات تخصّصت في المنتجات الغذائيّة أو مستحضرات التجميل، على مشاركته حمل ذلك العبء.

كيف لا يكون الأمر عبئاً، وكلّ من حولنا يلوك ويستمرّ في لَوك موضوع الكيلوغرامات الزائدة وضرورة تذويبها بأيّة وسيلة ممكنة ومهما اقتضى الأمر. حتى الذكور الذين كانوا لا يزالون محيّدين نوعاً ما، انضمّوا إلى نادي أولئك الإناث المصابات بـ "وسواس القوام الرشيق". بدورهم، تحوّلوا إلى "موسوسين" بذلك القوام. ربما يكون من الأفضل عدم استخدام مفردة "نادٍ"، لأنّ الأغلبيّة اليوم - على الأقلّ بين اللبنانيّين - منضوية إليه وهي ترفع راية "نعم للنحافة". ويتحوّل الأمر ليس إلى وسواس فحسب، إنّما إلى حالة مرضيّة مأزومة. الوسواس في الأساس هو اضطراب يقول به الطبّ النفسيّ.

ونصرّ على أنّنا لسنا مرضى موسوسين، وأنّنا لسنا نبالغ في التوكيد على الموضوع. ننتفض ونشكّك في نوايا من يوجّه إلينا "أصابع الاتهام". الوزن - الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا، هو مجرّد غاية تماماً كغيرها من الغايات المحقّة. نشدّد على أنّ الأمر متعلّق بـ "صحّتنا" قبل كلّ شيء، في حين أنّنا نحرم أجسادنا من التغذية ونلجأ إلى ما قد يضرّ صحّتنا تلك. ونقدّم تبريرات. نقدّم كلّ التبريرات الممكنة، التي نحاول من خلالها إقناع أنفسنا - من دون أن ندرك ذلك بالتأكيد - بضرورة خسارة الغرامات أو الكيلوغرامات القليلة الزائدة، قبل إقناع سوانا.

تُرى، كيف تُقنع القطّة البطلة أقرانها بضرورة استهلاك ذلك النوع من الأطعمة الجافة، حرصاً على "القوام الرشيق"؟


دلالات
المساهمون